top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

رد على الخبر في جريدة الغد حول "استئصال الرحم لدى الفتيات المعاقات"


استئصال الرحم لدى الفتيات المعاقات
استئصال الرحم لدى الفتيات المعاقات

رد على الخبر في جريدة الغد حول "استئصال الرحم لدى الفتيات المعاقات" تحت عنوان (اسئصال أرحام المعوقات ذهنيا: آراء وتباينات بين التجريم والتحليل) 24-12-2011

إن حماية الفتيات المعاقات من العنف ليست خيارا إضافيا للرفاه عنهن، بل هو واجب وإلتزام قانوني تتحمل الدولة مسئوليته تأسيسا على الإتفاقيات الدولية ومن غير المنطقي التعامل معه بإستئصال إرحامهن. هل سيكون هذا مقدمة لإستئصال أرحام المريضات نفسيا أو تعقيم الأطفال الذكور المراهقين والمرضي النفسيين وربما الذين يعانون من أضطرابات بالشخصية، وقد يكون ذلك مقدمة لإباحة الإجهاض والقتل الرحيم. إن عملية استئصال رحم المعاقة هو مخالف لأخلاقيات مهنة الطب في الأردن، ويجب أن يعاقب عليه إذا لم يكن له داعي طبي واضح يبرره، وهو أنتهاك لحقون الإنسان بما فيها حقوق الطفل فهو انتهاك لحق الطفلة المعاقة في الرعاية الخاصة التي نصت عليها المادة (23) من اتفاقية حقوق الطفل وتراخ في حمايتها من عنف الاستغلال الجنسي، وبالتالي انتهاك لحقها بالحماية كطفلة، والذي نصت عليه المادة (19) من الاتفاقية نفسها، وحقها في الحماية كمعاقة، كما نصت عليه المادة (16) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

ورد بالخبر ما يلي:

وأقر مدير مستشفى البشير الدكتور عصام الشريدة بإجراء عمليات من هذا النوع في المستشفى، مضيفا أن المستشفى اجرى 10 عمليات استئصال ارحام لفتيات معوقات ذهنيا في الفئة العمرية بين 10 الى 20 سنة. واضاف، ان هناك أسبابا كبيرة يجب اخذها في عين الاعتبار عند اجراء العملية، كحجم العائلة الكبير وعدد الاطفال، وعدم قدرة الأم على الاعتناء بابنتها، مشيرا الى حالات لا تكون فيها الفتاة مدركة لوضعها الصحي، ما يؤثر بشكل كبير على نظافتها الشخصية وبالتالي يؤثر على المحيطين بها.

وطالب نقيب الاطباء الدكتور احمد العرموطي، بضرورة تشكيل لجان طبية.... لافتا الى ان اجراء العملية يكون بناء على طلب الاهل وليس بدفع من الطبيب.

وقال استشاري الطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي، إن القاعدة هنا هي "درء المفاسد وكون الوظيفة الرئيسية للرحم هي الانجاب، وفي حال الطفلة المعوقة فهي لن تنجب وبالتالي، فإن الاستئصال يخفف عنها الام الحيض والجوانب الاجتماعية التي قد تترتب عليه". وأوضح ان الاستئصال يكون للرحم فقط وليس للمبايض، وبالتالي ليس له اثر صحي على الفتاة. واضاف، أنه لا يجوز التعميم في هذا النوع من الحالات، معتبرا ان توجيه الاتهام للجسم الطبي هو أمر "مستفز". نهاية النقل من الخبر.

الرد على الزملاء الأطباء مع كامل الإحترام والتقدير لهم:

ورد في المادة الثانية من الدستور الطبي الأردني أن "كل عمل طبي يجب أن يستهدف مصلحة المريض المطلقة وان تكون له ضرورة تبرره وان يتم برضائه أو رضاء ولي أمره إن كان قاصرا أو فاقدا لوعيه" كما وورد في المادة إثنان وستون من قانون العقوبات "لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة. ويجيز القانون العمليات الجراحية والعلاجات الطبية المنطبقة على أصول الفن شرط أن تجرى برضى العليل أو رضى ممثليه الشرعيين أو في حالات الضرورة الماسة" وعليه يجب أن يكون لأي عملية جراحية ضرورة تبرر إجراءها وتستهدف مصلحة المريض وأن تكون منطبقة على الأصول العلمية المستقرة على شكل "داعي طبي واضح" لا يحتمل اللبس.

ما ورد نقلا عن الدكتور الشريدة (كحجم العائلة الكبير وعدد الاطفال، وعدم قدرة الأم على الاعتناء بابنتها، مشيرا الى حالات لا تكون فيها الفتاة مدركة لوضعها الصحي، ما يؤثر بشكل كبير على نظافتها الشخصية وبالتالي يؤثر على المحيطين بها). الرد: إن الحفاظ على النظافة بحد ذاته لا يشكل بأي شكل كان داعي لإجراء العملية من الناحية الطبية والحفاظ على نظافة الطفلة المعاقة هو حق يتعلق بصحتها يجب الحفاظ عليه بالرعاية اليومية وليس بالعمليات الجراحية.

وكذلك ما نقلا عن نقيب الأطباء (...لافتا الى ان اجراء العملية يكون بناء على طلب الاهل وليس بدفع من الطبيب) الرد: يجب التنويه هنا ان أي عملية جراحية لا تجرى إلإ بداعي طبي بعد تشخيص علمي محدد ومن ثم موافقة الأهل، أما طلب الأهل، بحد ذاته، إجراء العملية لا يشكل داعي طبي علمي لإجرائها بأي شكل من الأشكال.

وما ورد نقلا عن الدكتور الحديدي (من كون الوظيفة الرئيسية للرحم هي الانجاب، وفي حال الطفلة المعوقة فهي لن تنجب وبالتالي، فإن الاستئصال يخفف عنها الام الحيض والجوانب الاجتماعية التي قد تترتب عليه). الرد: إن الام الحيض ليست بتشخيص طبي ولا يشكل داعي لإجراء تداخل جراحي وهل يفهم من هذا الكلام إستصال الخصيتين للطفل المعاق لأنه لن ينجب، أما قوله (وأوضح ان الاستئصال يكون للرحم فقط وليس للمبايض، وبالتالي ليس له اثر صحي على الفتاة) الرد: إن ذلك يشكل إنتهاكا واضحا لحق الطفلة بكمال كينونة جسمها وبالتالي حقها بالنمو بشكل طبيعي.


"لتجميل بشاعة هذه العملية"، يطلق بعض الأطباء وبعض أهالي المعاقين عليها مسميات تجميلية مختلفة، مثل "علاج معاناة البلوغ لدى الطفلة المعاقة"، أو "التعامل مع آلام الطمث لدى الطفلة المعاقة"، أو "الحفاظ على طفولة الطفلة المعاقة". إن محاولة إحاطة هذا الإجراء بعبارات تبدو منطقية، لا يغير شيئا من كونها "انتهاكا صارخا لحقوق الانسان".

حقوق الفتاة المعاقة إن للطفلة المعاقة، وبغض النظر عن طبيعة إعاقتها، مثلها مثل قريناتها المراهقات غير المعاقات، حقا أساسيا في أن تنمو كل مراحل عمرها، وأن يكون جسمها مكتملا غير منقوص لأي سبب من الأسباب، وأن أي استئصال لأي جزء منه بما في ذلك رحمها، انتهاك لحقها بالمساواة وعدم التمييز، وكذلك اعتداء على حقها الصحي، وخصوصية جسمها. هذا الانتهاك، لا يمكن تبريره تحت أي دواع طبية أو أمنية قاصرة، تخفي وراءها عجزا واضحا في حماية الأطفال المعاقين من كافة أشكال العنف الموجه ضدهم، بما في ذلك العنف الجنسي.

إن حماية الطفلة المعاقة من الإستغلال الجنسي ومن عواقبه كالحمل والأمراض الجنسية المعدية، يحتاج إلى رعاية وقائية تمنع حدوث العنف، ابتداء من توفير البيئة الآمنة الحامية لهن من أية عوامل خطورة هو أيضا ليس بداعي طبي لإجراء العملية.وفي حال حدوث العنف الجنسي، يجب توفير الخدمات الوقائية وتوفير الإجراءات الطبية بإعطاء عقار منع الحمل الاستدراكي، وعلاج الأمراض الجنسية المعدية، وتوفير العلاجات الوقائية من الأمراض الخطيرة من مثل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي. إنه "من غير المنطقي إجراء استئصال الرحم للفتاة المعاقة، خوفا من افتراض تعرضها للعنف الجنسي، وبالتالي حملها، ما يعني التراخي عن حمايتها"، إن ذلك من عوامل خطورة التعرض لهذا العنف، كونه سيتركها عرضة للأمراض الجنسية المعدية، بما فيها الإيدز، والمعاناة النفسية التي ستعاني منها ايضا، وإن كانت معاقة. إن حماية كافة الأطفال من العنف، بمن فيهن الفتيات المراهقات، وإن كن معاقات، هي مسؤولية اجتماعية مشتركة، ما بين والدي الطفل والدولة.

إن الحكومة ملتزمة بحماية كافة الأطفال من جميع أشكال العنف، اذ تنص المادة (19) من اتفاقية حقوق الطفل على أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة، لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال، أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية". المادة (23) من الاتفاقية نفسها، تنص على أن "تعترف الدول الأطراف، بوجوب تمتع الطفل المعوق عقليا أو جسديا، بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس، وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع، وتعترف الدول الأطراف بحق الطفل المعوق في التمتع برعاية خاصة". وفي المادة (16) من اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقات "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، داخل منازلهم وخارجها على السواء، من جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء، بما في ذلك جوانبها القائمة على نوع الجنس".

وعليه بالختام فإن عملية استئصال رحم المعاقة هو مخالف لأخلاقيات مهنة الطب في الأردن، ويجب أن يعاقب عليه إذا لم يكن له داعي طبي واضح يبرره، وهو أنتهاك لحقون الإنسان بما فيها حقوق الطفل فهو انتهاك لحق الطفلة المعاقة في الرعاية الخاصة التي نصت عليها المادة (23) من اتفاقية حقوق الطفل وتراخ في حمايتها من عنف الاستغلال الجنسي، وبالتالي انتهاك لحقها بالحماية كطفلة، والذي نصت عليه المادة (19) من الاتفاقية نفسها، وحقها في الحماية كمعاقة، كما نصت عليه المادة (16) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي

خبير في مجال حماية الطفل لدي مؤسسات الأمم المتحدة

٢٧ مشاهدة
bottom of page