top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

غياب هيبة الدولة وفشلها بحماية حقوق المواطنين


غياب هيبة الدولة وفشلها بحماية حقوق المواطنين
غياب هيبة الدولة وفشلها بحماية حقوق المواطنين

لأن الدول والمجتمعات لا تنبعث من العدم ولا تنشأ في فراغ فالعلوم الاجتماعية والسياسية تجمل ان أركان الدولة هي:

(1) شعب وهو الأساس بتكوينها والدفاع عنها

(2) أرض لها حدود معترف باستقلالها دوليا يدافع عنها الشعب بقواته المسلحة

(3) انتماء الشعب لهويته ولغته وتاريخه وأرضه

(4) رأس الدولة ذو سيادة عليا

(5) السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية

(6) الاستقلال السياسي والاستقلال الاقتصادي.


غياب هيبة الدولة وفشلها بحماية حقوق المواطنين

الشعب الأردني يكظم غيظه على تدني الرواتب وارتفاع الأسعار وتكرار الضرائب وشيوع الفقر والتعطل عن العمل وغياب الاستثمار وقمع الحريات، وربما يكون قد أُوهم ان عليه الصمت لأنه في إقليم ملتهب ومهدد بالإرهاب الأسود والتطرف الاعمى والخلايا النائمة، ولنفس هذه الأسباب صمت الشعب عن الديموقراطية الزائفة الوهمية وتقبل اشباه الأحزاب.


الشعب الأردني يتألم بصمت لشيوع العنف الجامعي والعنف الجماعي وما وصل إليه فتيان الوطن من سطحية وجهل وتعاطي الجوكر والمخدرات. الشعب الأردني لم يعد يتفاجأ بقتل شاب لأمه، او اغتصاب اب لأبنته، او إذا عثر على رضيع متخلى عنه بحاوية نفايات، او إذا تعرض طفل معاق للتعذيب في مؤسسة إجتماعية، أو لمشهد مريض نفسي متشرد بالطرقات بلا مأوى، فهذا هو التدجين والترويض لتقبل غياب هيبة الدولة وتراخي خدماتها ولفشلها في التنمية الاجتماعية، ولاخفاقها بحماية حقوق المواطن وحقوق المرأة وحقوق الطفل، فأولويات الحكومة والوزراء والمدراء العامين الحفاظ على الاستثمار المالي والاجتماعي للحقيبة الوزارية، أو الحفاظ عليها بهدف توريثها أو الحفاظ عليها خدمة لانتماء حاملها لجهات خارج الوطن.


ما يشوه كينونة الدولة الأردنية هي حكومته ... فساد مستشري وتميّز وظلم وطغيان واستبداد وإِفقار المواطن وتجهيله، فالحكومات مديونة للبنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية بمليارات الدنانير، واولى اولويات رئيس الوزراء والوزراء جباية المال من المواطن، ومؤسسات حكومية وشبه حكومية تدار بمرجعية الإقطاع النخبوي والعوائل المتنفذة، لا رقابة على اموالها ولا معايير تقيس إنجازاتها، ولم ينتج عن هذا وذاك الا تدمير الاستقلال الاقتصادي الدعامة الحقيقة لديمومة الاستقلال السياسي وحماية الوطن.


في الأردن المشاركة بالشأن العام والديمقراطية هما وهم وأكذوبة الأغنياء على الفقراء، ومطية أصحاب الفساد الأكبر على أصحاب الفساد الأصغر، وخداع قادة الجاهات ورجالات الدولة لطالبي واسطة الوظيفة او واسطة دعم صندوق المعونة الوطنية أو واسطة الاعفاءات الطبية أو الحصول على تقرير العاهة المستديمة... مجالس نواب مُسيّرة بدون خيار حقيقي، غير معنية بأولويات الوطن والمواطن ولا بحقوقه. عجز حكومي مربك بالتعامل مع شيوع ثقافة تجهيل اليافعين وقصور أمام شيوع ثقافة الغيبيات والقوى الظلامية الخفية السوداء. أَسناد الحكومة أقلية من قادة المجتمع لهم عقليات مغلقة، مغلفة بحقد وكراهية وضغينة وغل، مرجعيتهم المناطقية، المذهبية، الطائفية، والإقليمية، وهؤلاء لا تزدهر محافلهم إلا بعد حدث اقتتال، أو في ديوان او خيمة عزاء أو زواج او خطبة عروس، ولا يتألقون اعلاميا الا بأبواق الحكومة لستر عيوبها.


الأردن دولة قائمة على مكونات راسخة، على شعب ينتمي لهويته وارضه وتاريخه وعلى قيادة هاشمية إنسانية راسخة في تاريخ العرب والمسلمين... لكن نعم طفح الكيل لحكومات الفساد والظلم والطغيان والإفقار.

الدكتور هاني جهشان، مستشار الطب الشرعي

٢٠٩ مشاهدات
bottom of page