إن موضوع عدم مشاركة الأطفال في المظاهرات والمسيرات له مرجعيات معرفية قائمة القانون الوطني وعلى الاتفاقيات الدولية وعلى دراسات لعلماء النفس وخبراء في حقوق الطفل، وعدم مشاركة الاطفال هذه لا تتعارض مع حق الطفل بالتعبير والمساهمة بالحياة العامة الواردة بالمادة 13 و15 من إتفاقية حقوق الطفل، وقانون التصديق الاردني على الاتفاقية رقم 50 لسنة 2006. تكون المرجعية الأساسية لمشاركة الطفل قائمة على الحفاظ على المصلحة الفضلى له، وعلى حقه بالحياة والصحة الجسدية والنفسية وعلى حقه بالوقاية والحماية من العنف.
الاتفاقيات الدولية: إتفاقية حقوق الطفل المادة ١٣ (1) يكون للطفل الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو بأية وسيلة أخرى يختارها الطفل. (3) يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لبعض القيود، بشرط أن ينص القانون عليها وأن تكون لازمة لتأمين ما يلي: (أ) احترام حقوق الغير أو سمعتهم، أو، (ب) حماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
المادة ١٥ (١) تعترف الدول الأطراف بحقوق الطفل في حرية تكوين الجمعيات وفى حرية الاجتماع السلمي. (2) لا يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأية قيود غير القيود المفروضة طبقا للقانون والتي تقتضيها الضرورة في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم.
قانون التصديق على اتفاقية حقوق الطفل رقم 50 لسنة 2006 المادة (2) "...وعلى ان يعتبر الاعلان المرفق بوثائق التصديق جزءاً لا يتجزأ من هذا القانون" المادة (3) تعتبر صحيحة ونافذة بالنسبة لجميع الغايات المتوخاة منها وجزئا لا يتجزأ من هذا القانون.
حق الأطفال بحرية التعبير التي ضمنتها إتفاقية حقوق الطفل (المواد 13 و15) يجب أن تكون في بيئة تتصف بالسلامة العامة، وآمنة خالية من أي ظروف خطر قد تلحق ضررا بالأطفال، ومحتواها يتناسب مع مرحلة نمو الأطفال وتطورهم، بما في ذلك إحترام حقوق الأخرين وحب الوطن وإحترام المواطنة والمساوة.
هناك المخاطر الجسدية المباشرة المتمثلة في الاكتظاظ البشري إن كان بتعرض الأطفال للإصابات أو العدوى او الحروق، وهناك مخاطر الظروف الجوية غير الملائمة إن كان في الجو الحار أو الجو البارد، وهناك مخاطر حقيقية وخطيرة قد يتعرض لها الأطفال بسبب حدوث مواجهات عنف محتملة مع الأمن أو مع مسيرات معارضة، وهناك مخاطر العواقب النفسية القريبة والبعيدة المدى بسبب الشحن العاطفي واستخدام التعابير السياسية الحادة والتي قد تتصف أو قد يستقبلها الطفل واليافع على أنها تعابير كراهية للآخرين وللدولة وللوطن.
وجود الأطفال في هذه الظروف فيه مخاطرة كبيرة على حياتهم وصحتهم الجسدية والنفسية، وليس له علاقة بالمطلق بالموضوع السياسي أو بتفاوت الآراء حول الموضوع المتعلق بالمظاهرة او المسيرة، وهو أيضا غير متعلق بمنع حرية التعبير للأطفال. إن مشاركتهم تضعهم في ظروف تشحن عواطفهم سلبيا تتصف بالعنف وكراهية الآخرين، وتشكل عوامل تهدد أمنهم وسلامتهم.
عواقب مشاركة الاطفال في المظاهرات والمسيرات:
"إن مشاركة الأطفال في مثل هذه الانشطة تنعكس بصورة سلبية على سلوكهم مستقبلا وعلى إتجاهاتهم، وتشكل أنتهاكا لحقهم بالتعبير الحر عن آرائهم، ويشكل الزج بهم في هذه المظاهرات خطرا يشحن عواطفهم بالحقد والكراهية للأخرين، كما أن وجودهم في بيئة إكتظاظ بشري بها مخاطر للسلامة العامة وأمن المواطنيين هو أيضا إنتهاك لحقهم بالصحة والحياة والأمن، وهذا يمتد لإنتهاك حقهم بالصحة النفسية حيث أثبتت المراجعة العلمية المعرفية أن مشاركة الأطفال في مثل هكذا مسيرات أو مظاهرات لها عواقب نفسية سلبية بيعدة المدى على صحتهم النفسية، لأن مشاهدة العنف المرافقة للمسيرات والهتاف المشحون بالجمل السلبية نحو الأخرين ترسخ في نفوس الأطفال سلوكيات سلبية وعدوانية والتي قد تمتد لتظهر في حياة الطفل عقب عدة سنوات.
مسؤولية الدولة:
لذلك يتوجب على الدولة منع أطفالنا، كل اطفال الوطن، من المشاركة في المظاهرات والمسيرات وبنفس الوقت العمل ببرامج على دعم حقهم بحرية التعبير التي ضمنتها إتفاقية حقوق الطفل بما يتناسب مع مرحلة نموهم وتطورهم، بما في ذلك إحترام حقوق الأخرين وحب الوطن وإحترام المواطنة والمساوة، وبذلك نصل إلى ممارسة حق الطفل بالتعبير بحرية وآمان بعيد عن الإنفعالات السلبية وبالحفاظ على حياتهم وصحتهم الجسدية والنفسية.كما أن هناك مسؤولية على نقابة المعلمين ووزارة التربية والتعليم نشر ثقافة التعبير عن الرأي وتحقيق المطالب المشروعة والعادلة من خلال الحوار والقنوات القانونية.
الدكتور هاني جهشان مستشار او ل الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف ضد الأطفال لدى مؤسسات الأمم المتحدة
Comments