top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

محاولات الانتحار في الأماكن العامة


محاولات الانتحار في الأماكن العامة
محاولات الانتحار في الأماكن العامة

السلوك الإنتحاري: يكمن وراء السلوك الانتحاري عدد كبير من عوامل الخطورة الكامنة، وهي معقدة وتتأثر ببعضها البعض وتشمل عوامل الخطورة هذه الحالة النفسية السابقة للانتحار، كالاكتئاب والفصام واضطرابات المزاج واضطرابات الثنائية القطب (وهي حالة تتميز بفترات من الاكتئاب تتناوب مع فترات من الابتهاج)، القلق واضطرابات التواصل مع الأخرين، والشعور بفقدان الأمل. وتشكل عوامل الخطورة هذه ما نسبته 65 إلى 90% من دوافع الانتحار.

التعود على المؤثرات العقلية ان كان العقاقير ا لمهدئة او المخدرات والكحول دورا هاما في الانتحار، وهذه مرتبطة ايضا بوجود الاضطرابات النفسية السابق ذكرها.

قد يكون الانتحار او محاولة الانتحار عاقبة لإمراض شديدة ومؤلمة وخاصة تلك التي تسبب العجز كالإعاقة الجسدية أو المتعلقة بالوصمة كالإيدز.

تشكل حوادث الحياة المناوئة كفقدان شخص عزيز، او فقد الوظيفة، أو خسارة كبيرة للمال، وأيضا الصراعات بين الأشخاص إن كان داخل الأسرة أو خارجها، والمشاكل القانونية والاقتصادية عوامل تهيئ لحصول الانتحار او محاولة الانتحار.

إن وجود سابقة تعرض خلالها الشخص في طفولته للعنف الجسدي أو الجنسي يؤدي إلى زيادة إحتمال قيامه بالانتحار في فترة المراهقة أو بعمر اليافعين. كما وأن طبيعة التوجه الجنسي (الشذوذ الجنسي) يزيد من خطر الانتحار في مرحلة المراهقة بسبب العزلة والكرب والوصمة الإجتماعية وما يرافق ذلك من تعود على الكحول والمعاناة من اضطرابات نفسية.

فيما يختص بالأسرة أظهرت الدراسات وجود زيادة في النزعة للانتحار في حالات الزواج المبكر وفي حالة وجود العنف الأسري، وفي حالات الطلاق ووفاة الزوج أو الزوجة (الترمل).

العزلة الإجتماعية على مستوى الأسرة والإخفاق بالتواصل الاجتماعي على مستوى الفرد تشكل عوامل خطورة للانتحار وإن كانت غير مباشرة.


محاولة الإنتحار في الأماكن العامة

إن أي محاولة انتحار يتم رصدها في الأماكن العامة بسبب شيوع أجهزة التواصل الرقمية الحديثة أو الحالات التي تصل لطوارئ المستشفيات، يكون لها جذور فردية واسرية ومجتمعية واجتماعية كما هو منوه عنه في الفقرة السابقة، ولا يمكن استبعاد ان تكون أي محاولة انتحار مجرد تهديد لجلب الانتباه لقضية شخصية او اقتصادية او سياسية، الا ان التفريق ما بين الدوافع الحقيقية للانتحار وبين استخدام "إحداث محاولة انتحار" لجني مردود ما، ليس من المستطاع تحقيقه الا بعد استقصاء كل حالة على حدة من قبل فريق متعدد التخصصات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية، والاهمية الأساسية لوجود مثل هكذا فريق هو الوقاية من تكرار الحدث وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي ومعالجة أي دوافع نفسية للانتحار.

عواقب عدم الاستقصاء لمحاولات الانتحار في الاماكن العامة: وصم محاولي الانتحار عشوائيا بأنهم يقومون بذلك لجلب الانتباه دون إجراء استقصاء علمي منهجي حقيقي حول الدوافع، يشكل خطرا كامنا في عدم اكتشاف المحاولات الحقيقية وإضاعة الفرص لمنع التكرار والحفاظ على حياتهم بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والتأهيل الاسري.

هناك دراسات مسندة بحثيا تشتير الى ان "إحداث محاولة انتحار" بقصد جلب الانتباه او الحصول على مردود او تحقيق مطلب ما هي الا حالة نفسية بحد ذاتها تستوجب الدعم النفسي.

في بعض الأحيان محدث محاولة الانتحار بقصد تحقيق مطلب قد يفقد السيطرة على الظروف المحيطة بالتهديد ويتحول التهديد الى واقعة وفاة بإيذاء النفس كما حصل قبل بضعة سنوات امام وزارة التنمية الاجتماعية عندما قام احد الأيتام بحرق نفسه عند رفض الاستجابة لطلبه.

هل هناك عقاب على محاول الانتحار وبالأخص في الأماكن العامة؟ لا مجال للعقاب لان المبدأ القانوني لا جريمة الا بنص ولم يرد نص في قانون العقوبات على محاولات الانتحار او ايذاء النفس او التهديد بهما، الا في حالة كوّن الشخص عسكري او يعمل بالأجهزة الأمنية.

اغلب حالات الانتحار هي بالسر لكن التعميم بان الحالات في الأماكن العامة هو لجلب الانتباه خطير فالعديد من محاولات الانتحار الحقيقية والتي انتهت بالوفاة تمت في أماكن عامة، ذلك لان اختيار وسيلة الانتحار يعتمد مباشرة على توفرها في البيئة المحيطة وعلى ثقافة الشخص المنتحر، فقد يعتقد الشخص محاول الانتحار ان أفضل طريقة لديه هي قذف نفسه من مكان مرتفع وليس استخدام المسدس او السم او اداة حادة او حرق نفسه.

هناك مسؤولية وقائية على امانة العاصمة والبلديات والدفاع المدني فيما يتعلق بالأبنية المهجورة او قيد البناء بحجب النفاذ اليها بشكل جدي، وايضا الأبنية والمنشئات الشاهقة كالجسور، واعمدة وقواعد توصيل الكهرباء يجب ان تكون محكمة معايير السلامة بحجب النفاذ الى الاسطح والنوافذ التي قد تستخدم للانتحار.

هناك مشكلة اخرى للأسف وهي تدني الخدمات الصحة النفسية في الاردن للتعامل مع محاولات الانتحار ان كانت الحقيقية او المشتبه بانها بقصد تحقيق مردود فهناك غياب للفريق المشترك بالقطاعات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية وتتبع الحالات فعند مراجعة الشخص للطوارئ بمحاولة انتحار او احتجازه بعد محاولة انتحار علنية لا يتم اي تتبع للحالة وللأسف.

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي

الخبير في الوقاية ومواجهة العنف والإصابات

٢٢٣ مشاهدة
bottom of page