top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

تسع سنوات ولا يزال يزن قصة الدم المهدور على طرقات العنف والإهمال 04/22/2018


 يزن قصة الدم المهدور
يزن قصة الدم المهدور

بقلم: د. آية عبد الله الأسمر 12-5-2009

يزن قصة الدم المهدور على طرقات الضياع والقسوة والإهمال... يا وجه الطفولة المحترق بنصل سكين المجرمين الجبناء... يا وردة ذبلت في جوف ليل مجدب قاحل يرتع في جنباته اللؤماء...

يزن يا قرة العين... يا فلذة الكبد... يا بني ويا كل الأبناء...

أخبرني يا حبيبي باسم من كنت تنادي وهم يطفئون السجائر في جسدك الغض الصغير؟

أخبرني بالله عليك كيف استطعت احتمال وجع السكاكين المحمومة والضرب المبرح وجراح الظلم الملعون؟

يزن لا تنظر إليّ بعينين التهمتها الدموع ولاكتها الأحزان... لماذا لم تتمكن من الفرار يا بني؟ هل حبسوك؟ أم قيدوا رجليك؟

صوتك الضعيف الصارخ ألما واستغاثة يئن في ذاكرتي صراخا ووجعا يفوق طاقات الصبر ويتجاوز حدود الاحتمال...

يزن لا تتركني فريسة القهر والسؤال والذهول... أنا قادرة على أن أتفهم كل شيء وأي شيء لكنني عاجزة عن استيعاب أن تنطفئ سنوات عمرك الخمس تحت رماد التعذيب والإجرام...

لماذا مزقوا جسدك يا بني؟ هل كنت تشكل خطرا أو تهديدا؟ أم كنت عبئا ثقيلا؟ أم أنك متهم بقضية ما؟ هل هو ثأر؟ أم أنه حقد؟

بالله عليك لا تتركني أنوح في عتمة الصراع والتساؤل والاستهجان... أفكر وأفكر وأحاول أن أجد سببا واحدا يمكن أن يدفع ذئبا بشريا كي يفعل بك ما قد فعلوا ولكنني أضيع على أرصفة الهذيان...

ليت الكلاب الضالة نهشت لحمك الطاهر, فالكلاب المسعورة معذورة إن هي افترست طفلا شهيا مغريا كضحية...

أما أن يفترسك بنو البشر بدم بارد وأنياب حادة وأعصاب هادئة ومخالب آثمة مرارا وتكرار حتى الرمق الأخير وحتى الضربة الأخيرة والارتطام الأخير والوجع الأخير فهذا هو عصر الغثيان وجنون الوقت والآثام...

يزن يا مرآة الطفولة التي خدشوها ثم جرّحوها ثم كسّروها ثم طحنوها برحى الاستهتار والبشاعة والطغيان والغفلة...

لماذا يا يزن لم تخبرنا؟ لماذا لا نوزّع على كل طفل رقم هاتف يتصل يه عندما يحتاج للنور والرجاء؟

ألم يلاحظ أحدهم الحزن المعشش في مفاصل وجهك الصغير؟

لماذا لم يبلّغ أحدهم أن هناك طفلا في سلة النسيان بين أوراق التعذيب والمهملات ونفايات الحرمان؟

كلهم شركاء وكلهم شياطين خرس وكلهم متهمون أمام القضاء...

يزن يا حبيبي ارحل وحلّق عصفورا جريحا في دنيا لا بشر فيها ولا ذئاب... لا أعقاب سجائر ولا سكاكين ولا نيران ولا سياط ولا صراخ ولا دموع ولا جراح ولا كلاب...

ضربوك على رأسك يا بني واختبئوا في جحور الخوف والهزيمة كالجرذان, وتركوك في الثلاجة حتى تبرد نيران قلبك وتجف دموع قهرك وتتحلل خلايا الذهول القابعة في تشققات فمك المجروح والمحروق والمفتوح دهشة من عقاب لا تعرف سببه وألم تجهل علام استحققته...

نم يا حبيبي بأمان تحت التراب, فديدان الأرض أرحم بكثير من البشر فوقها... رحم الأرض يا يزن يحن على أبنائه أكثر منا نحن بني البشر الذئاب...

القطة تأكل بعض أطفالها حتى ترضع البعض الآخر وأنت أكلوك حتى ترتوي نفوسهم المريضة وقلوبهم المتعفنة وعقدهم المشوّهة ورغباتهم الشاذة...

هل من المعقول أنهم لن يعرفوا من الجاني؟

هل من المعقول أن المجرم سيفلت من العقاب؟

هل من المعقول أن تنطوي صفحتك الموجعة بصمت؟

هل من المعقول أن يعييهم البحث وتختلط الأوراق وتضيع ملابسات الحادث فلا يتوصلون إلى الفاعل؟

اطمئن يا يزن... لن يحدث هذا أبدا... لا بد أنهم سيصلون إلى الفاعل وسيقبضون عليه وعلى جميع شركائه وسيحاسبون من صمت عن إيذائك ومن راقبك بصمت ولؤم وجبن...

أعدك يا يزن أنهم سيحاكمون قتلتك يا بني... فأنا أضعف وأعجز من أن أحمل على كتفي الصبر جثمان يزن آخر وجرح قلب آخر ورماد جرح آخر وتابوت ظلم ملعون آخر...

حاكموا قتلة يزن علانية وبقسوة حتى لا نشيّع يزنا آخر...

حاكموا قتلة يزن بسرعة وبقوة حتى لا يتسرب من بين أيدينا يزن آخر...

حاكموا قتلة يزن بجرأة وشمولية حتى يُحفر القانون بكعب سطوته في عيون القتلة...

حاكموا قتلة يزن مئة مرة وألف مرة حتى لا يطل علينا وجه يزن الممزق في ليل الظلم مرة أخرى...

حاكموهم بلا رأفة وبلا هوادة وبلا رحمة فكل طفل مهمل وضائع ووحيد هو مشروع يزن محتمل ومتجدد...

يزن يا بني ويا كل الأبناء نم يا حبيبي نم... فنحن من التراب ولكن التراب من أفعالنا وآثامنا بريء...

نم يا مهجة الفؤاد وندبة في أحشاء الذاكرة ووجع في القلب وغصة في الحلق وجريمة معلقة على جدران الخفاء...

نم يا حبيبي نم... كتبت - سهير بشناق -الرأي 18-4-2009 - الطفل يزن البالغ من العمر - خمس سنوات - ادخل الى مستشفى البشير قبل ايام نتيجة اصابة شديدة بالرأس بسبب تعرضه للعنف.

الدكتور هاني جهشان اخصائي الطب الشرعي قال ان الطفل كان واضحا عليه اثار حروق سجائر بادية على جسده واثار عديدة لضربه بالسوط و اللكم اضافة الى معاناته من اهمال شديد وفقر بالدم و اخفاق بالنمو.

واضاف جهشان لقد رقد الطفل في قسم العناية المركزة لمدة ايام بعد معاناته من موت دماغي وقد توفي الطفل بالامس.

وقد تم احضار الطفل يزن الى المستشفى من قبل خالته حيث كان قبل ذلك برفقة صديقة والدته عند توقيف والده ووالدته من قبل الشرطة لجريمة ارتكباها قبل بضعة اسابيع، في حين لم يستطع الطفل يزن الحديث عن الاذى الذي تعرض اليه ومن الحق به هذا الكم من العذاب الجسدي و النفسي بسبب حالته الصحية الحرجة و التي ادت الى وفاته.

الدكتور جهشان - عضو هيئة تحرير دراسة الأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بالعنف ضد الأطفال قال :لقد ورد بالبند الرابع من المادة 31 من قانون الأحداث أن للطفل الذي ليس له عائل مؤتمن وكان والداه او احدهما متوفين او مسجونين او غائبين هو طفل محتاج للحماية والرعاية ويجب أن توفر له تدابير الحماية والرعاية كما نصت عليها المادة 32 من نفس القانون متسائلا عن مدى تطبيق هذه المادة من القانون في حالة الطفل يزن ؟.

واضاف : إن الدور القيادي للمؤسسات الحكومية المعنية بحماية الطفل في الأردن ليس من المتوقع تحقيقه بتوفير بيئة تشريعية وقانونية مثالية، على أهمية ذلك، وإنما بالتطبيق العملي المهني للقانون، فالإخفاق باستخدام القانون عند الحاجة إليه لحماية الطفل ونزعه من بيئة خطرة تهدد حياته، يشكل خطرا إضافيا قد يساهم في إلحاق الضرر بالطفل أو حتى إنهاء حياته.

مشيرا الى انه يتوقع أيضا من المؤسسات الحكومية المعينة بحماية الطفل في الأردن أن توفر معايير قياسية وبرامج إعتمادية وبرامج ضبط الجودة تتصف بالمهنية وبمنهج تعدد القطاعات، لتكون مرجعية لحماية جميع الأطفال المعرضين للخطر، وإن إخفاق المؤسسات الحكومية بالقيام بهذا الدور القيادي يحتوي على خطر كامن قد يعرض الطفل المحتاج للحماية والرعاية للأذى أو قد يفاقم من تعرضه للعنف.

يزن قصة الدم المهدور
يزن قصة الدم المهدور

واشار الى ان غياب أو عدم وضوح مرجعية وطنية تتحمل المسؤولية الإستراتجية بعيدة المدى لبرامج الوقاية من العنف ضد الطفل يؤدي إلى ضبابية في أدوار القطاعات وتداخلها وبالتالي الإخفاق في توفير بيئة آمنة للطفل مما سيؤدي لإزدياد إحتمالية تعرضه للعنف.

واوضح جهشان ان تحديات جودة الخدمات المقدمة للأطفال المتعرضين للعنف والمحتاجين للرعاية والحماية فتتمثل بغياب أدلة الإجراءات للقطاعات الصحية والإجتماعية والشرطية والإدلة المشتركة للتعامل مع الأطفال ضحايا العنف، ما يشكل عائقاَ كبيراَ أمام جودة الخدمات بسبب عدم القدرة على قياسها ورصدها وبالتالي تطويرها، وإن وجدت أدلة الإجراءات هذه فإنه في كثير من الحالات لا توضع موضع التنفيذ.

اضافة الى ان نقص التدريب المهني لكل قطاع منفردا وكذلك غياب التدريب الكافي والمتسق المتعدد القطاعات يشكل عائقاَ كبيراَ أمام جودة الخدمات التي تقدم لضحايا العنف من الأطفال.

مبينا ان غياب أو نقص نظم جمع المعلومات والبيانات بصورة منهجية، وغياب نظم التواصل بهذا الخصوص ما بين القطاعات المتعددة يشكل عقبة أمام تكامل نظام حماية الطفل. حيث ان عدم مواجهة هذه التحديات بالتخطيط الإستراتيحي وبمرجعية وطنية سيساهم في تدني جودة الخدمات المقدمة للأطفال المحتاجين للرعاية والحماية ما يساهم أيضا في تعريضهم لمزيد من الضرر والعنف.

فالعنف ضد الأطفال بكافة اشكاله ينتهك براءتهم ويعرض حياتهم الاجتماعية و النفسية و الصحية الى الدمار ... فالطفل يزن الذي تعرض لهذا الكم الكبير من الاذى و التعذيب الجسدي الذي ادى الى وفاته حالة قد تتكرر بالمستقبل وتنذر بخطر حقيقي على فئة الاطفال الذين يتم تعريضهم للعنف بهذه الصورة المفجعة.


 يزن قصة الدم المهدور
يزن قصة الدم المهدور
 يزن قصة الدم المهدور
يزن قصة الدم المهدور
 يزن قصة الدم المهدور
يزن قصة الدم المهدور
 يزن قصة الدم المهدور
يزن قصة الدم المهدور

٢٬٥٩٦ مشاهدة
bottom of page