تم تصنيف أنواع العنف ضد الأطفال حسب دراسة الأمين العام للأمم المتحد بأربعة أنواع رئيسية وهي العنف الجسدي والعنف النفسي والعنف الجنسي والإهمال، وان هذه الأنواع الأربعة من الممكن ان تحدث في خمسة ظروف بيئية وهي (1) المنزل (2) المدرسة (3) مؤسسات الرعاية الاجتماعية (4) أماكن عمل الأطفال (5) وفي المجتمع المحلي.
الإساءة اللفظية هي أي كلام يسبب ألماً نفسياً أو عاطفياً للطفل، مثل الشتم، أو السخرية، أو الإهانة، أو التجاهل، أو التهديد. قد تؤثر الإساءة اللفظية على شخصية وسلوك وصحة الطفل بشكل سلبي، وتسبب له انخفاض في الثقة بالنفس، أو اكتئاب، أو قلق، أو عدوانية، أو انعزال.
الإساءة اللفظية هي أحد اشكال العنف النفسي وحدوثها عادة قد يرافق تعرض الطفل للعنف الجسدي والعنف الجنسي والإهمال، وحدوثها غير مقصور على المنزل فقد تحدث في جميع البيئات التي يتوجد بها الطفل وخصة في المدرسة او مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو في أماكن عمل الأطفال.
الإساءة اللفظية ضد الطفل تأخذ الاشكال التالية:
1) الرفض والنبذ عن طريق النقد المستمر للطفل من مثل مناداته بأنه قبيح، والصراخ والشتم، والتقليل والتصغير من قدرات الطفل ونعته بألفاظ من مثل الغبي والأبله، ويشمل أيضا إطلاق النكات على الطفل والتحقير من شأنه، وكذلك السخرية حول مظهر جسم الطفل أو زيادة او نقصان وزنه، وتشمل أيضا إظهار الأسف والندم للطفل على ولادته بجنس معين.
2) يرافق الإساءة اللفظية عادة عدم اظهار بوادر الحب ونبذ الطفل عن النشاطات المناسبة والضرورية لمرحلة نموه، وعزله عن أصدقائه او حبسه في غرفة، وإرغامه على الدراسة المفرطة أو إرغامه على القيام بالأعمال المنزلية ومنعه من اللعب بألعاب يفضلها.
3) الإساءة اللفظية قد تأخذ مظاهر شديدة القسوة كالصراخ المستمر على الطفل والردود المتقلبة وغير المتوقعة استجابة لسلوك الطفل، والتهديدات الشفهية المتكررة والمستمرة، وتهديد الطفل بتركه في مكان منعزل أو التخلي عنه او التخلص منه ووضعه في مؤسسات رعاية اجتماعية او رميه للشارع، التهديد بتكسير وتحطيم الألعاب المفضلة لديه أو التهديد بضرب افراد الأسرة الأخرين او الحيوانات الأليفة التي قد تكون بالمنزل والمحببة لديه، أو التهديد بكشف عيوب الطفل امام أصدقائه او الأقارب.
عواقب الإساءة اللفظية:
تعتمد مباشرة على ما يرافقها من أشكال العنف الأخرى كالعنف الجسدي أو الجنسي او الإهمال، وأيضا على علاقة المسيء بالطفل فتكون اشد إذا كان هناك علاقة مباشرة مع المسيء كالأم او الاب، وأيضا تعتمد على تكرار الإساءة اللفظية وشدتها واستمرار فترة حدوثها وتشمل هذ العواقب ما يلي:
(1)اضطرابات في نمو الطفل الجسدي والعاطفي والفكري، مص الأصبع أو الإبهام، الانطواء والانسحاب الاجتماعي، الاكتئاب، القلق، الخوف، اللعثمة في الكلام، اضطرابات في النوم، اضطرابات الطعام
(2) الانطواء وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي مع الأقران وصعوبة في تكوين صداقات، انخفاض تقدير الذات، الانقياد السلبي نحو الأخرين، إضرابات المزاج والخوف الشديد والهلع والسلوك المضطرب، السلوك الانسحابي والاستثارة الزائدة، صعوبة التركيز وصعوبات النوم، قد يعان يمن أعراض انفعالية تتضمن الغضب والإنكار والكبت والخوف، الشك والشعور بالعجز، الشعور بالبلادة.
(3) هذه الطيف من العواقب ليس بالضرورة ان تظهر جميعها وقد تتفاوت في فترة ظهورها وشدتها اعتمادا على التفاوت في شخصية الطفل وآليات الدفاع الذاتي والمرونة لديه بالإضافة للعوامل التي ذكرت أعلاه وهي (علاقة المسيء بالطفل وشدة الإساءة وتكرارها وفترة حدوثها)
تأهيل الأطفال المتعرضين للإساءة اللفظية
هو عملية تهدف إلى مساعدة الأطفال على التغلب على آثار الإساءة وتعزيز صحتهم النفسية والاجتماعية. تأهيل الأطفال المتعرضين للإساءة اللفظية يتطلب تدخلا متعدد الجوانب يشمل:
(1) تقديم الدعم والاهتمام والحب للطفل من قبل أشخاص موثوقين ومحبين، مثل أفراد الأسرة أو المعلمين أو المرشدين النفسيين.
(2) تشجيع الطفل على التحدث عن مشاعره وخواطره وتجاربه بصراحة وثقة، والاستماع إليه بتفهم وتقبل واحترام.
(3) تعزيز ثقة الطفل بنفسه وقدراته وإمكاناته، والاحتفاء بإنجازاته، ومواهبه، وإبداعاته.
(4) تعليم الطفل مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين بشكل إيجابي وصحي، وكيفية حماية نفسه من المواقف المسيئة أو المخادعة.
(5) تقديم العلاج النفسي للطفل إذا كان يعاني من اضطرابات نفسية مثل القلق أو الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة، وذلك بالاستعانة بمختصين مؤهلين.
(6) توفير بيئة آمنة ومحمية للطفل، تحترم حقوقه وكرامته، وتضمن عدم تكرار التعرض للإساءة.
الوقاية والحماية من الإساءة اللفظية:
الأساس في الوقاية من العنف والإساءة هو القيام ببرامج تعتمد على توعيه عموم المجتمع قبل حدوث العنف وهي ما تسمى "الوقاية الشمولية" وهذه البرامج عادة ما يتم تصميمها وتنفيذها ورصدها وتقييمها بوسائل وآليات علمية أكاديمية لها معايير تقيس نجاح مخرجاتها، تستهدف كامل فئات المجتمع، وقد تم خلال السنوات الماضية في الأردن دراسة عدة برامج مماثلة لكن للأسف لا يوجد تقييم لأثرها او قياس لمعايير نجاحها.
التوعية وتغيير الاتجاهات الاجتماعية يحتاج لعشرات السنوات لتحقيقه، وهذا يتطلب أن تكون هذه البرامج قابلة للاستدامة وتتابع من جهات حكومية، وهذا لم يتم ولا أتوقع ان يتم لأي برنامج ينفذ حاليا، لسبب بسيط أن البرنامج ينتهي بانتهاء التمويل الذي قد يكون بضعة أشهر او بضعة سنوات، والحكومة لا تبادر للأسف لمتابعة هذه البرامج او رصد مبالغ مالية بالموازنة تضمن استمرارها.
مسؤولية الحكومة هذه ليست اختيارية، فحسب الاتفاقيات الدولية، الحكومة مسؤولة عن تغيير اتجاهات السكان السلبية التي تنتهك حقوق الإنسان ومنها العنف ضد الأطفال بكافة أشكاله، واستمرار اعتماد الحكومة على المنح الخارجية ومؤسسات الأمم المتحدة لتنفيذ برامج التوعية لا يتوقع ان يترك اثرا على المدى البعيد.
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة
Comments