top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

العواقب السريرية والقاتلة لعض الافاعي، ومسؤولية وزارة الصحة بالتعامل مع الحالات

العواقب السريرية والقاتلة للدغ الافاعي، ومسؤولية وزارة الصحة بالتعامل مع الحالات
العواقب السريرية والقاتلة لعض الافاعي

العواقب السريرية والقاتلة لعض الافاعي (علما بان التسميم بالافاعي هو حقيقة بالعض وليس باللدغ من الذيل كالعقرب).

من بين ما يقرب 3000 نوع من الأفاعي، يقع معظمها في أربع عائلات تحتوي على أنواع سامة. تشير أحدث التقديرات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك أكثر من 2.5 مليون عضة أفاعي سامة على مستوى العالم كل عام وأكثر من 125000 حالة وفاة ومن بين الناجين يصاب الكثير بعواقب وإعاقات طويلة الأمد.

الأشخاص الضعفاء والصغار هم أكثر عرضة لخطر هجمات الأفاعي، وخاصة الرضع والأطفال. هجمات الأفاعي ليست شائعة جدًا؛ فمعظم العضات هي ما يسميه الخبراء "العضات الجافة"، حيث لا يتم إطلاق السم. غالبية هؤلاء هم من عمال مكافحة الأفاعي أو الأفراد الذين لديهم هواية تجميع الافاعي كحيوانات أليفة او في عروض السيرك او عروض الاثارة الاخرى.

على الرغم من أن عضات الأفاعي نادرًا ما تكون قاتلة، إلا أنها قد تؤدي إلى تلف الأنسجة الشديد، أو فقدان الأطراف، او أصابع اليدين، أو القدمين عند تركها دون علاج، وعادةً ما تسبب عضات الافاعي السامة ألمًا شديدًا وتورمًا في موقع الإصابة، وعلامات جروح ثقوب وخزية ناتجة عن اسنان الأفعى، وفي حالات نادرة يكون هناك علامات اختناق بسبب ميل بعض أنواع الأفاعي للضغط على جذع الضحية.

سم الافاعي ليس له أثر على جسم الافعى نفسها، ولا تتأثر الافعى بسمها فلا تموت الافعى بعد العض كبعض الحشرات التي تلدغ، ولذلك هناك دور هام لأنسجة جسم الافعى في تحضير ترياق المصل الخاص بنوع الافعى التي اخذ منها.


عض الافاعي والطب الشرعي:

في المناطق التي يكثر بها عض الافاعي قد تحدث الوفاة الناتجة عن السم، ولا يعثر على الافعى نفسها في عين المكان لوجود الضحية لوحده أو بسبب تعرضه للعض اثناء نومه، وقد لا يعثر على اثار عض اسنان الافعى بسهولة لصغر حجم الجروح الوخزية لأسنان الافعى، وهذه الحالات تندرج تحت تعامل الطب الشرعي مع الوفيات الفجاة الغامضة وغير المتوقعة علما بانه في حالات نادرة جدا قد تستخدم الافعى السامة كأداة قتل جنائي.


مختلف الافاعي تسبب اشكال عديدة من الإصابات والوفيات. قد تسبب الأفاعي السامة المرض والموت كما يلي:

1- الأثر المباشر للسم على الأعصاب وعادة ما يكون الموت بسرعة نتيجة شلل الجهاز التنفسي. تعمل هذه السموم على الأجهزة المركزية أي آثارها يشاهد في جميع أنحاء الجسم، وليس موضعيا مكان العض، فهي لا تسبب على سبيل المثال شلل او ضعف نصفي في احدى جهات الجسم اليمنى او اليسرى. هناك ظهور تدريجي للشلل الرخو، وعادة ما يتم ملاحظته لأول مرة في الأعصاب القحفية في منطقة الوجه والعنق من مثل تدلي الجفون، وشلل العين، وعسر البلع، وسيلان اللعاب، وفقدان وظائف مجرى الهواء، ثم ضعف الأطراف، وفقدان ردود الأوتار العميقة، وأخيراً شلل الجهاز التنفسي. يختلف معدل سرعة ظهور العلامات والاعراض من وقت العض إلى الفشل التنفسي المميت، من ساعة واحدة إلى أكثر من 24 ساعة.

2- سمية مباشرة على الجهاز الدوري والدم. تسبب سموم الأفاعي الدموية نزيفًا تدريجيًا وتجلط الدم داخل الأوعية الدموية وحدوث دائرة مفرغة متتالية من النزف ثم التجلط ثم النزف وهكذا الى الوصول الى الصدمة النزفية الشديدة وحدوث الموت. تشمل السمات السريرية الشائعة النزف المستمر من مواقع العض وأماكن زرق الحقن، ونزيف اللثة، ونزيف واسع النطاق أو كدمات في جلد الطرف المصاب. بالإضافة إلى الأضرار الموضعية التي يسببها النزيف وآثار فقدان الدم، فإن العديد من الأعضاء معرضة بشكل خاص لعواقب النزف، وعادة ما يكون النزف داخل قحف الجمجمة مميتًا ويمكن أن يحدث النزف داخل الجمجمة إما بشكل تلقائي أو عقب رضح بسيط في الرأس كما قد يحدث عندما تنهار ضحية عض الأفاعي وتسقط ارضا، وقد ينتج عن النزف تلف في الكلى مما يؤدي إلى فشل كلوي حاد أو حتى نخر كلوي ثنائي وبالتالي الوفاة.

3- تسبب عدد من سموم الأفعى في انحلال عضلي معمم، وهذا يتسبب في اضطراب واسع النطاق لخلايا العضلات، الا ان هذه العضلات عادة ما تتجدد على مدى عدد من الأسابيع. تدمير العضلات قد يبدأ بعد التسمم بفترة وجيزة ويمتد على مدى عدة أيام، مع احتمال تأخر البدء بانحلال العضلات لأكثر من 24 ساعة. سريريًا يكون هناك ألم وإيلام عضلي، وتورم وضعف بالعضلات، مع تحول لون البول الى الأحمر والأسود بسبب تراكم الميوجلوبين بالدم (ناتج عن تكسر العضلات بسبب الانحلال) وهذا ينتهي بالفشل الكلوي والموت.

4- الاثر الموضعي لعض الأفعى: تترك الأفاعي السامة للأعصاب علامات عض موضعية غير واضحة بينما تترك الأفاعي السامة للدم علامات عض موضعية واضحة مع انتفاخ ونزف، ولهذه المعلومة أهمية كبرى لتحديد نوع الأفعى في تقديم العلاج والتأهيل. عادةً ما تكون العضات مؤلمة موضعيا منذ البداية، مع تطور تدريجي للاحمرار الموضعي والتورم والتقرح وتغير لون الجلد، وغالبًا ما ترتبط بنزف موضع، ويمكن أن يتطور التورم الكبير بسرعة في غضون دقائق إلى بضع ساعات، ويمكن أن يشمل طرفًا كاملاً في أقل من 24 ساعة. قد تستغرق مناطق الجلد الميتة وقتًا أطول لتشاهد سريريا، ولكن في غضون أيام قد يظهر نخر واضح وقد يشمل مناطق واسعة من الجلد ويمتد إلى الأنسجة العميقة. قد تكون هناك تجمعات ضخمة للسوائل في المناطق المصابة، مما يسبب صدمة ثانوية يمكن أن تكون مميتة.

5- الاختناق: قد يتسبب انقباض الافاعي والتفافها حول الضحية الى الوفاة بالاختناق الناتج عن سحق منطقة القفص الصدري.


مسؤولية الحكومة ووزارة الصحة: يتوقع ان يكون لدى وزارة الصحة وإدارة الصحة العامة في المجتمعات المحلية وسائل التشخيص التفريقي لعضات الافاعي وانوع الامصال والترياق المستخدم لكل نوع منها وضمان توفرها على مدار الساعة في المجتمعات المحلية.

معظم الأفاعي غير سامة وقد يكون إعطاء "المصل المضاد لعدة أفاعي" لجميع الحالات ممارسة خطرة دون إجراءات الوقاية من التحسس وهذا الخطر هو بسبب تسبب هذا النوع من الامصال بصدمات تحسسية قد تكون قاتلة.

إذا قتل الأقارب أو الأصدقاء الأفعى، وأحضروها معهم للطوارئ او المركز الصحي، فيجب تحديد نوعها، ويتوقع من طبيب الطوارئ المهني المختص تحديد الفروق الأساسية بين الأفاعى السامة وغير السامة والتفريق ما بين الانواع السامة التي تسبب عواقب عصبية او التي تسبب عواقب نزفية لاهمية ذلك بتحديد نوع العلاج وهذا يؤدي حتما إلى تجنب المضاعفات الطبية الخطرة وتجنب المساءلة القانونية.

وبناء على ما سبق فهناك ضرورة قصوى لتوفير الحكومة ووزارة الصحة للتدريب المستمر لأطباء الطوارئ والمراكز الصحية الطرفية والريفية وتوفير المصل ضد أنواع سم الأفاعي المختلفة التي قد يعثر عليها في المجتمع المحلي وتوفير خبراء علماء واساتذة جامعيين معتمدين من كليات العلوم او كليات الزراعة مختصين بالتعرف وتحديد هوية الافاعي المختلة ومنع مُدّعيي الخبرة الوهمية والمعالجيين الشعبيين ومستخدمي المكر والدجل من التعامل من الحالات.

الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي

الخبير في مواجهة العنف والاصابات وحقوق الإنسان


٧٠ مشاهدة
bottom of page