"مجلس المدرسة الآمنة" لن يسحب فتيل العنف من المدارس كما صرح وزير التربية والتعليم.... حجر الأساس لمواجهة العنف المدرسي هو "البيئة المدرسية الصديقة للأطفال"، إن كان مرتكب العنف الطفل أو المعلم أو ولي الأمر، وتحقيق هذه البيئة محصور بالحكومة (وزارة التربية والتعليم) بتوفير البنية التحتية الآمنة للمدارس، وتدريب المعلمين مهنيا وعلى ضبط النفس ووسائل التواصل اللاعنفية، ورفع المستوى الاقتصادي للمعلمين. العنف المدرسي وإن كان له جذور خاصة به، إلا أنه امتداد للعنف المجتمعي، ولن يكتب النجاح لأي مبادرة لمواجهة العنف المدرسي، دون تغيير الاتجاهات السلبية في عموم المجتمع التي تعظم العنف.تغاضي الحكومة عن الاتجاهات السلبية السائدة في المجتمع هو انتهاك لحقوق الإنسان، ويتوجب على الحكومة القيام ببرامج مستدامة لمواجهة هذه السلوكيات السلبية. إضافة بتاريخ 2 كانون أول 2017. ______________ إن العنف المدرسي يجب ألا يتم التسامح إزاءه، والحقيقة المؤلمة لكثير من الأطفال هي أن المدارس تعرضهم للعنف مما يحرمهم من حقوقهم بما فيها الحق بحياة خالية من العنف والحق بالتعليم كما نصف عليه إتفاقية حقوق الطفل.
المدرسة هي المكان الذي يمضي فيه الأطفال وقتا طويلا خارج منازلهم، تحت الرعاية المباشرة من قبل أشخاص بالغين، وهناك إمكانية لحصول العنف في المدرسة كإمكانية حصوله بالمنزل، أو في الشارع، إن كان مرتكبا ضد الأطفال أو من قبلهم.
إن أكثر أشكال العنف شيوعيا ضد الأطفال في المدرسة هي الأشكال التي لا يُبلغ عنها والتي في أغلب الاحيان يتم التسامح معها وربما بالتغاضي عنها من قبل عامة الناس ومن قبل السياسات والقوانين الرسمية باعتبار أنها لا تستحق الدراسة والبحث والنقاش وذلك بالرغم مما تتركه من أذى بليغ وعواقب سلبية على الأطفال.
المدرسة هي مكان يتوقع أن يتوفر به الأمن والسلامة والحماية من أي أذى بهدف الحفاظ على رفاه الأطفال وتأمين نموهم وتطورهم بشكل طبيعي، بالإضافة لتنمية قدراتهم الإدراكية والمعرفية.
قيم اللاعنف وقبول الآخرين يتوقع أن تكون سائدة في كافة المراحل التربوية؛ من الحضانة إلى المدرسة الثانوية، ويشمل ذلك المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة وغير الرسمية، وأماكن التعليم الديني، ومراكز التعليم المهني، الدروس الخاصة، والمدارس اليومية والصيفية.
على الرغم من أن لكل الأطفال الحق بدراسة آمنة وفاعلة إلا أن هناك كثير من الأطفال معرضين لعوامل خطورة تولد العنف بشكل عام وبعض أشكال هذا العنف خاص بالبيئة المدرسية. فمن عوامل الخطورة الهامة التي تولد العنف المدرسي، المواقف الإجتماعية والتقاليد والقيم الثقافية السائدة التي تتقبل سيطرة الكبير على الصغير بما فيها سيطرة المعلم على الطالب، وعامل خطورة هام أيضا هو البيئة المدرسية غير الصديقة للطفل، ونادرا جدا ما تلعب عوامل الخطورة المتعلقة بالفرد، كإضرابات الشخصية، دورا رئيسيا في حصول العنف المدرسي.
أشكال العنف المدرسي تشمل:
العقاب الجسدي والنفسي الذي يتعرض له الطلاب من قبل معلميهم من مثل الصفع أو ألجلد باستخدام أدوات مثل العصا أو السوط واستخدام الكلام الجارح لمحاولة إصلاح السلوك أو لهدف تربوي.
الاستئساد هو سلوك عدواني متكرر يتصف بالإساءة والسيطرة على الآخرين، من قبل طالب أو أكثر ضد طالب أو أكثر ويأخذ أشكال التوبيخ والسخرية والإذلال والتحقير، وخلق مشاجرات بين الطلاب الأقوياء جسديا ضد الطلاب الضعفاء نسبيا، ويحدث عادة ضد الطلاب المعرضين للتمييز مثل الفقراء، الإثنية المختلفة، الفئات المنبوذة بالمجتمع، السمنة، الإعاقات.
عنف الزمر وهو عنف الطلاب في مجموعات منظمة نوعا ما داخل المدرسة وتكون موجهة نحو طلاب آخرين أو ضد الطلاب أو ضد المدرسة، وتتصف باستعمال الأسلحة من مثل السكاكين.
العنف الفردي من قبل الطلاب ضد المعلمين
العنف ضد المدرسة وهو التخريب المتعمد للممتلكات المدرسية.
إن مواجهة العنف المدرسي بشكل شمولي يتطلب التعامل الوقائي ابتدءا، فأكثر أنواع العنف المدرسي شيوعا هو الاستئساد والعقاب الجسدي والنفسي ضد الطلاب، أما عنف الزمر والعنف ضد المعلمين فلم يشكلا ظاهرة في مجتمعنا، والتعامل مع العنف ضد المعلمين تحديدا يتوقع أن يكون بشكل وقائي باعتباره أحد عواقب العنف ضد الطلاب.
العقاب الجسدي والنفسي: على الرغم من أن مائة دولة بالعالم منعت الضرب بالمدارس بنص القانون، إلا أن هذا المنع يدعى به نظريا على مدى التشريعات والسياسات وليس بمستوى الممارسات اليومية، فالمعلمون يقومون بضرب الطلاب بإدعاء يغلف بمبررات من مثل الحث على التعليم وتحسين السلوك، ومنع الثرثرة في الصف، والحث على الطاعة. تشمل عواقب العقاب الجسدي والنفسي ضد الطلاب كبح فضولهم ومنعهم من أمكانية التعلم من أخطائهم كما وتشمل توليد العنف لديهم ضد المدرسة وضد المعلمين.
الاستئساد: يشمل الاستئساد أشكال متعددة من تعدي الطلاب على زملائهم فقد يكون كلاميا من مثل استخدام أسماء تحقير، أو اجتماعيا من مثل التجنب والنبذ والإقصاء وقد يكون جسديا بالضرب. صفات الطالب المستأسِد: متقلب المزاج، عدم السيطرة على النفس، العنف الأسري، والتفكك الأسري. وصفات الطالب المستأسَد: الميل للوحدة، فرط الحماية الأسرية السلبي، الاختلاف الإثني والثقافي، الإعاقات. إن من أهم عوامل الخطورة للاستئساد هو تعرض الطلاب للعنف داخل المدرسة وغياب الجو القيادي للمدرسة، وغياب الشفافية وغياب المشاركة الطلابية. أثبتت الدراسات أن العلاج العقابي ورد الفعل المتسرع وحتى طرد الطالب المستأسد هو أسلوب غير فعال.
عواقب العنف المدرسي:
على الطلاب: الأذى الجسدي المباشر من مثل الجروح والكدمات والكسور، والأذى النفسي من مثل عدم احترام الذات التوتر القلق الكآبة. تشمل العواقب الاجتماعية تولد الشخصية السلبية المنعزلة والخوف من التعبير وزيادة احتمال تولد العنف النفسي ضد الآخرين. أما العواقب التربوية فتشمل كبح التعلم بتولد الخوف والتوتر والغضب الداخلي وعدم العدالة والتسرب عن المدرسة.
على المعلمين: بالإضافة للأذى الجسدي المباشر الذي قد يلحق بالمعلم هناك أذى نفسي يقع على المعلم يشمل انخفاض الدافع الذاتي للتدريس، وجودة الأداء وبتالي يؤدي ذلك إلى عواقب تربوية سلبية على الطالب.
على المدرسة والمجتمع: خفض الثقة بنظام التدريس، وتصبح المدرسة مكان غير آمن، وزيادة التكلفة المالية بسبب خراب ممتلكات المدرسة.
الاستجابات المتوقع وجودها للتعامل مع العنف المدرسي.
المرجعية الأساسية في مواجهة العنف المدرسي هو تطبيق القوانين السائدة لوزارة التربية والتعليم بتجريم العقاب الجسدي ضد الطلاب بما في ذلك تطبيق قانون العقوبات، وزيادة الوعي لمبدأ اللاعنف للأطفال وللمعلمين والأهالي، والقيام ببرامج تدريبية على مبدأ اللاعنف.
تطبيق سياسات تدريس "صديقة للأطفال" والتي تشمل الإدارة الجيدة بتوفير الأمن والآمان في بيئة مدرسية يكون الطفل بها هو المحور الرئيسي للعملية التعليمة، وهذه هو الطريقة المثلى لأن يكون الطالب قادر على احترام القوانين واحترام الذات والآخرين بعيدا عن العنف ضد زملائه ومعلميه وضد المدرسة.
بيئة المدرسة "الصديقة للأطفال" تعكس حقوق الطفل وتتعامل معه من منظور شمولي (جسدي ونفسي واجتماعي)، وتكون قائمة على نوعية ومخرجات التعليم الجيد، ومناسبة لمرحلة نمو وتطور الطفل، وتتصف بالمرونة وتستجيب للتنوع، وتوفر المساوة بالفرص لجميع الطلاب، ومتسقة مع المجتمع المحلي وصديقة للأسرة. إن البيئة المدرسية الصديقة للأطفال هي الحل الوحيد لمواجهة العنف المدرسي إن كان مرتكبه الطفل أو المعلم.
مسئولية أدارة المدرسة بتوفير البيئة الصديقة للأطفال تشمل أيضا تطبيق تعليمات الضبط المدرسي بانتظام وعدالة ومساواة وشفافية والمحافظة على مرافق المدرسة نظيفة وسليمة، وتوفير المناهج المدرسية المناهضة للعنف والبرامج اللامنهجية والمسائية.
هناك حاجة لتدريب المعلمين على وسائل الضبط اللاعنفية من مثل احترام كرامة الطفل (حمايته جسديا ونفسيا واجتماعيا) وأن يتم تعديل السلوك بطرق تعليمية وليس بالعنف، وتطوير السلوك الاجتماعي للطفل والتحكم بالذات، واحترام المجتمع والقدرة على اتخاذ القرارات وتطبيق العدل والمساوة وتعلم المهارات الاجتماعية، والتعاطف مع الآخرين.
يتوقع من المعلم أن يكون قادرا على دعم قدرة الطفل على المشاركة مع الكبار بما يتناسب مع مرحلة نموه وتطوره، وبناء قدرته على التعامل مع صعاب الحياة كتحديات وفرص تعلم وتفاؤل وليس بسلبية والتي ستؤدي للعنف، وعلى المعلم أيضا دعم مبدأ التضامن والانتماء للمدرسة على الرغم من اختلاف الأعمار أو الخلفيات الاجتماعية.
أوصت دراسة الأمين العام للأمم المتحدة بتطبيق توصيات هامة لمواجهة العنف المدرسي منها:
ضمان الوصول الشامل إلى بيئات تعليمية خالية من العنف تحترم وتعزز حقوق كافة الأطفال.
حظر كافة أشكال العنف المدرسي بنص واضح بالقانون وضمان تنفيذ سياسات وطنية لإنقاذ هذا القانون بعد إقراره.
الوقاية من العنف المدرسي بتطبيق برامج محددة تتصدى للبيئة المدرسية بكاملها تراعي احتياجات الأطفال المستضعفين.
وضع وتنفيذ مواثيق للسلوك تعكس مبادي حقوق الطفل يتفق عليها المعلمين والطلاب وأسرهم.
إعادة النظر في المناهج لوضع نماذج لعدم العنف والمساواة.
تعليم المهارات الحياتية لتميكن الطلاب من بناء مهارتهم الشخصية.
تعزيز مشاركة المدرسة بالمجتمع المحلي وتعزيز دور المدرسة بإعتبارها أحد موارد المجتمع.
تقوية نظم جمع المعلومات عن كافة أشكال العنف المدرسي.
الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة
Comments