top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

الحق بالصحة للأطفال اللاجئين في الأردن

الأردن هو بلد يستضيف أكثر من 650 ألف لاجئ سوري، بالإضافة إلى لاجئين من العراق وفلسطين واليمن والصومال وغيرها من البلدان¹. يشكل الأطفال نحو نصف عدد اللاجئين، وهم يواجهون تحديات كبيرة في تحقيق حقهم في الصحة. الحق بالصحة هو حق إنساني أساسي، وهو يشمل الحق في الحصول على أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية والاجتماعية³. يضمن حق الصحة أيضًا الحق في الوصول إلى خدمات صحية متاحة ومقبولة وجودتها جيدة، دون أي تمييز أو عقبات.

الحق بالصحة للأطفال اللاجئين في الأردن
الحق بالصحة للأطفال اللاجئين في الأردن

ضمنت المواثيق الدولية الحق بالحياة والبقاء والنماء والتمتع بالصحة والحق بتوفير الخدمات الصحية كحقوق أساسية للأطفال تتصف بالإنسانية والعالمية وضمان تطبيقها وحمايتها من الانتهاكات يتجاوز الحدود ما بين الدول.

لقد تم استثناء الأردن كما لبنان وسوريا من التوقيع على "الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين" لعام 1951 الضامنة لحقوق اللاجئين واطفالهم، وذلك كون هذه الدول الثلاث مضيفة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وبالتالي الأردن غير ملزم بالمرجعية القانونية لهذه الاتفاقية الأممية التي تلزم رعاية اللاجئين وأطفالهم على عموم جنسياتهم والتي تم استثناء اللاجئين الفلسطينيين منها لوجود الوكالة الأممية الخاصة بهم. وعليه فإن هذه الثغرة في التزامات الأردن الدولية أدت إلى ضبابية برعاية اللاجئين (غير الفلسطينيين) المتواجدين على أرضه، الا أن عدم توقيعه على الاتفاقية لا يعفيه من رعاية أطفال اللاجئين (غير الفلسطينيين) بمرجعيات أممية أخرى فهو ملزم بحمايتهم بمرجعية "اتفاقية حقوق الطفل" لعام 1989، فقد أكدت المادة 17 والمادة 26 من وثيقة "سياسة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين" لعام 1993 على أهمية ضمان المصلحة الفضلى للطفل اللاجئ واعتبار اتفاقية حقوق الطفل المرجع الأساسي لحمايته حتى في غياب توقيع الدولة على الاتفاقية الخاصة باللاجئين.

أما بخصوص الأطفال الفلسطينيين في الأردن واللذين ينطبق عليهم القرار الدولي رقم 194 لعام 1948 الخاص بعودة وتعويض اللاجئين، فإن الاعم الأغلب منهم يتمتعون بضمان كافة حقوقهم كالأطفال الأردنيين لاكتسابهم الجنسية الأردنية تبعا لأباءهم وأجدادهم بموجب الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون الجنسية الأردنية لعام 1954 ساري المفعول والتي تنص، {يعتبر أردني الجنسية كل من كان يحمل الجنسية الفلسطينية من غير اليهود قبل تاريخ 15 /5 /1948 ويقيم عادة في المملكة الاردنية الهاشمية خلال المدة الواقعة ما بين 20 /12/ 1949 لغاية 16 / 2/ 1954}، وبالتالي لا يوجد مخاطر لانتهاك حقوق هؤلاء الأطفال أو التميز ضدهم في مجالات الصحة والتعليم والحماية من العنف.

الحق بالصحة للأطفال اللاجئين في الأردن
الحق بالصحة للأطفال اللاجئين في الأردن

أما عدد أطفال اللاجئين والنازحين الفلسطينيين المقيمين في الأردن من دون رقم وطني ويحملون بطاقات خضراء، من أبناء قطاع غزة والضفة الغربية يشكلون ما نسبته 5% من عدد إجمالي أطفال السكان، وعدد الأطفال الفلسطينيين ممن يحملون البطاقة الصفراء أي يحملون رقما وطنيا أردنيا ولديهم حق الإقامة بالضفة الغربية والمعرضين لفقدان الجنسية الأردنية إذا طبقت تعليمات فك الارتباط بحرفيها عليهم في نطاق الحفاظ على الهوية الفلسطينية، فيشكلون ما نسبته 14% من عدد إجمالي أطفال السكان، وهؤلاء معرضين لمخاطر انتهاك حقوقهم لوجود ضبابية في الجهة المسؤولة عن الحفاظ على حقوقهم الأساسية وخاصة في مجالات الصحة والتعليم، فمهما كان المبرر القانوني لإزالة الجنسية والمواطنة عن طفل قبل التأكد من حصوله على جنسية ومواطنة أخرى تضمن حقوقه الاساسية بالصحة والتعليم والهوية، هو انتهاك صارخ وبشع لحقوق الطفل، وبغض النظر عن الدوافع والأسباب السياسية التي لا دخل للطفل بها فإن تركه في "فراغ حقوقي" قد ينهي حياته غير مبرر لكون مرجعية حقوق الطفل تتجاوز حدود دولة إلى الإنسانية والعالمية. إن الأردن دولة مضيفة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وهو ملزم بالتعاون معها لضمان المصلحة الفضلى لهم وحماية حقوقهم وعدم توقيعه على "الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين" لعام 1951 لا تعفيه من ضمان حقوق الأطفال اللاجئين الفلسطينيين بالتعاون مع الأونروا.

إن الصفة الإنسانية والعالمية لإتفاقية حقوق الطفل تضمن جميع حقوقه بما فيه حقه بالتعليم والصحة والحماية ونص المادة الثانية من هذه الاتفاقية يلزم الدول الأعضاء بها حماية جميع الأطفال على أرضها ولا يستثنى من ذلك الأطفال اللاجئين، بغض النظر عن جنسياتهم، حيث تنص هذه المادة على {تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز. بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الاثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم أو أي وضع آخر.}. أما حماية الأطفال اللاجئين من دول بها نزاعات مسلحة فإن الدولة المضيفة لهم ملزمة بضمان حقوقهم الأساسية بمرجعية المادة 38 من الاتفاقية ذاتها والتي نصت على: {تتخذ الدول الأطراف، وفقا" لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح}.

الدكتور هاني جهشان، مستشار الطب الشرعي

الخبير بحقوق الإنسان لدى منظمات الأمم المتحدة

٩٧ مشاهدة
bottom of page