top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

التدفئة في المدارس، عواقب البرد على الأطفال، ومخاطر أجهزة التدفئة

المدرسة هي المكان الذي يمضي فيه الأطفال وقتا طويلا خارج منازلهم، تحت الرعاية المباشرة من المعلمين والمدراء، وعليه يتوقع أن توفر المدرسة الأمن والسلامة والحماية للطلاب، وان تحافظ على رفاهم وتأمين نموهم وتطورهم بشكل طبيعي، بالإضافة لتنمية قدراتهم الإدراكية والمعرفية.

التدفئة في المدارس
التدفئة في المدارس

معايير التدفئة كما في المراجع العلمية:

معايير التدفئة والتبريد في الغرف الصفية هو موضوع مهم يتعلق بالراحة والصحة والأداء الأكاديمي للطلاب والمعلمين. يتأثر بيئة التعلم في الغرف الصفية بعدة عوامل، منها درجة الحرارة والرطوبة والتهوية والضوضاء والإضاءة. في هذا التقرير، سنستعرض معايير التدفئة والتبريد في الغرف الصفية، وكيف تؤثر على جودة الهواء الداخلي والراحة الحرارية.

معايير التدفئة والتبريد في الغرف الصفية تختلف باختلاف المنطقة والمبنى ونوع النظام المستخدم. ومع ذلك، هناك بعض المبادئ العامة التي يجب اتباعها لضمان بيئة تعلم ملائمة. بشكل عام:

(1) ينصح بأن تكون درجة حرارة الهواء في الغرف الصفية بين 20 و 24 درجة مئوية في فصل الشتاء، وبين 23 و 26 درجة مئوية في فصل الصيف.

(2) ينصح بأن تكون نسبة الرطوبة النسبية بين 30 و 60 في المائة.

(3) هذه المدى من درجات الحرارة والرطوبة تساعد على تقليل نمو العفن والبكتيريا والحشرات، وتحسين جودة الهواء، وتقليل التهابات المجاري التنفسية، وتزيد من رضا المستخدمين.

ولتحقيق هذه المعايير، يجب استخدام أنظمة التدفئة والتبريد والتهوية المناسبة لحجم وتصميم واستخدامات الغرف الصفية.

(1) حجم وشكل وتوجيه الغرف الصفية، وعدد النوافذ والأبواب، ونوع العزل والمواد المستخدمة في الجدران والأسقف والأرضيات.

(2) عدد ونشاط وملابس المستخدمين في الغرف الصفية، ومصادر الحرارة الأخرى مثل الأجهزة الإلكترونية والإضاءة.

(3) درجة حرارة ورطوبة وسرعة الهواء الخارجي، والتغيرات المناخية خلال اليوم والسنة.

(4) كفاءة وسعة مولِّدات الهواء المكيَّف، ونظافة وحجم المجاري، ووجود فلاتر هواء وصمامات تحكم.

(5) مستوى التهوية المطلوب لضمان جودة هواء داخلي مقبولة، مع مراعاة معدلات تبادل الهواء بين الداخل والخارج، وتقليل استخدام الهواء المعاد تدويره.


تشير المراجع العلمية المسندة أن معايير التدفئة في الغرف الصفية، بما في ذلك الحد الأعلى والحد الأدنى لدرجة الحرارة، يجب أن توثق وتعلن بتعليمات واضحة من قبل الجهة الحكومية المسؤولة عن التعليم على المستوى الوطني، أي وزارة التربية والتعليم في الأردن، وتشير هذه المعايير العالمية أنه يجب أن يحافظ على درجة الحرارة في الغرفة الصفية طوال وقت استخدامها وكذا الغرف الإدارية والمختبرات والملاعب المغلقة، وباي حال من الأحوال لا يتوقع أن تنخفض درجة الحرارة في الغرفة الصفية عن 18 درجة مئوية أثناء نشاط جسمي معتدل، و21 درجة خلال النشاطات الأكاديمية.

تتضمن هذه المعايير أن التدفئة يجب أن تكون مركزية، وان يحصر استخدام أجهزة التدفئة المتنقلة فقط عند حصول عطل بالأجهزة المركزية.

هذه المعايير ينبغي أن تطبق في جميع المدارس الحكومية والخاصة من الحضانة الى التعليم الأساسي الى التعليم الثانوي، ويتم ضبط هذه المعايير ورقابتها من قبل مديريات هندسية متخصصة في وزارة التربية والتعليم، ويتوقع أن تشمل الرقابة رصد درجة حرارة الأسطح المعدنية المكشوفة لوسائل التدفئة، والتي قد يلمسها الأطفال، ودرجة حرارة هذه الأسطح يجب ألا تتجاوز 21 درجة مئوية.


فشل سياسات الحكومة في الاردن بتوفير وتشغيل وسائل التدفئة في المدارس الحكومية:

للأسف واقع الحال في الأردن لا ينطبق على الوضع المثالي الموثق بالمعايير أعلاه، فكثير من المدارس تفتقر لتوفير التدفئة الكافية في فصل الشتاء تماما كما هو حال ضعف البنية التحتية لعدد كبير من المدراس الحكومية. كان هناك مبادرات قليلة تم خلالها تركيب أجهزة تكييف في غرف صفية لبعض المدارس لكن يبدو أن هذه المبادرات تعثرت وافتقدت للاستدامة، كما وانه يعتبر المطالبة بتجهيز المدراس بتكييف وتدفئة مركزية "ضرب من الخيال" على الرغم من توفره في العديد في الأبنية الحكومية الأخرى.

يتوقع من الحكومة رصد وتوفير الميزانيات الكافية، وبشكل سنوي متكرر، لاقتناء أو استبدال وسائل التدفئة، ولتوفير الصيانة لها قبيل وصولها مرحلة التلف والذي قد يهدد حياة وسلامة الطلاب، ويجب أن يفرد بند من هذه الميزانيات للصيانة الطارئة.

البيئة المدرسية الآمنة بما فيها التدفئة في فصل الشتاء يتوقع أن تُوفر للطلاب والمعلمين والعاملين على حد سواء، وحصرها للمعلين امر يدل على انتهاك حقوق الطفل وتهميش الطلاب والتميز ضدهم.


أجهزة التدفئة المتنقلة التي تعمل على الكاز أو الغاز (صوبات الكاز أو الغاز):

1) القاعدة العامة هو انه يجب تجنب استخدامها في المدارس إلا في حال عدم توفر بديل عنها، وللأسف أصبح هذا الاستثناء هو القاعدة في المدراس الأردنية بسبب التقطير بالميزانيات والبيروقراطية الإدارية أثناء بناء وصيانة المدارس الحكومية.

2) يتوقع أن لا توكل مهام إشعالها أو إطفائها أو زيادة وخفض سخونتها، أو استبدال أسطوانات الغاز أو تعبئة الكاز، للمعلمين أو للطلاب بأي صفة كانت، بل يجب أن يتم ذلك من قبل موظف معتمد من قبل إدارة المدرسة يكون مدرب بشكل جيد.

3) يجب فحصها وصيانتها بانتظام من قبل مختصين للحفاظ على السلامة العامة والوقاية والحماية من الحريق أو الانفجار أو تسرب الغازات السامة.

4) يجب وضع خطط طوارئ وتوفير معدات وتجهيزات للتعامل مع الحريق أو انفجار الغاز أو تسرب الغازات السامة.

5) يجب عند استخدامها التأكد من وجود التهوية الجيدة، وأستخدمها لفترة زمنية محددة لا تلحق الضرر بالطلاب.

6) يجب التأكد من وتعريف الطلاب بالمخارج الأمنة في حال حدوث حريق أو انفجار أو تسرب غاز.

7) يجب تخزين أجهزة التدفئة المتنقلة (الصوبات) وحاويات الكاز وأسطوانات الغاز الخاص بها في مستودع له مواصفات السلامة المعتمدة من الدفاع المدني، وعند إخراجها من المخزن يجب إعادة فحصها والتأكد من غياب أي تلف بها قد ينتج عنه مخاطر الحريق أو تسرب الغاز أو الانفجار.

8) يجب استخدام الحد الأدنى من عدد أجهزة التدفئة المتنقلة (الصوبات) في كل غرفة صفية حسب مساحتها.

9) يجب عدم وضعها في الممرات أو بقرب الأبواب لكيلا تعيق الحركة في حالات الطوارئ، ويجب عدم تعريضها لعوامل الرطوبة والصداء أو لأشعة الشمس المباشرة بجانب النوافذ.

10) يجب أن تكون بعيدة عن الطلاب مسافة متر واحد على الأقل لتجنب خطر الحرق المباشر لأجسام الطلاب وتجنب التعثر بها وانكفائها.

11) يجب أن تكون بعيدة عن الستائر القماشية أو البلاستكية أو أية مواد أخرى قابلة للاشتعال.

12) يجب استخدامها بحرص كبير في المختبرات، أو غرف الفن والرسم، أو غرف الأشغال لوجود مواد قابلة للاشتعال في هذه الأماكن.

13) عندما يحدد مكان آمن (للصوبة) في غرفة الصف يتوجب على الطلاب والمعلمين عدم إزاحتها من ذلك المكان، ويمكن توضيح ذلك للطلاب برسم تخطيطي لغرفة الصف يوضع في مكان يشاهده الجميع.

14) يجب الحفاظ على تهوية الغرف الصفية في كل أوقات استخدامها، ويجب أن يتم تعبئة الكاز أو تغير أسطوانة الغاز من قبل شخص مختص متدرب في الهواء الطلق وان تعذر ذلك ممكن أن يتم بالغرفة الصفية بعد فتح كافة النوافذ وإخراج الطلاب من غرف الصف، وعلى هذا الشخص أن يتأكد من عدم تسرب الكاز وأن وصلات أنابيب الغاز محكمة بدون تسريب.

15) يجب أن يكون هناك تدريب متكرر ومهني، للمعلمين والموظفين على التعامل مع حالات الطوارئ بما في ذلك الناتج عن الحريق أو تسرب الغازات السامة أو انفجار الغاز، وهذا يتوقع أن يكون في كافة مدارس المملكة ببرنامج تخطط له وتنفذه وترصده وتقيمه وزارة التربية والتعليم مركزيا بالتعاون مع الدفاع المدني.


أجهزة التدفئة المحملة التي تعمل بالكهرباء:

بالإضافة للمخاطر العامة السابقة تشمل مخاطر الصوبات الكهربائية التعرض للصعق الكهربائي والذي قد يكون قاتلا، أو حدوث حروق مباشرة لأجسام الأطفال بسبب ملامسة أسطح الصوبة، أو حدوث حريق بسبب التماس الكهربائي أو بسبب وجود مواد أو غازات قابلة للاشتعال بالقرب من الصوبة.

سجلت بعض الحالات قيام بعض المعلمات والمعلين باستعمال صوبات كهربائية صغيرة، يحضرونها من منازلهم، لتدفئتهم أثناء التدريس بالغرف الصفية على ناظر الطلاب.


تأثير البرد على الطلبة:

1) يشير علم وظائف الأعضاء أن قدرة أجسام الأطفال على تنظيم درجة حرارة الجسم منخفضة مقارنة مع قدرة البالغين على ذلك، وعليه هم يتأثرون بدرجات الحرارة المنخفضة بشكل سريع ويتعرضون للمخاطر الناتجة عن ذك وهي انخفاض درجة حرارة الجسم والارتجاف، الخمول، وانخفاض عدد وقوة نبض القلب، وقد يرافق انخفاض درجة حرارة جسم الطفل عدم انتظام دقات القلب.

2) بينت الدراسات الأكاديمية المسندة أن هناك علاقة مباشرة ما بين تدني الإنجاز الأكاديمي للطلاب وبين تعرضهم للبرد المستمر في الغرف الصفية، وهذا يتفاقم بشكل كبير بتداخل عوامل الاكتظاظ وغياب التهوية الكافية التي ترافق انخفاض درجة الحرارة لإغلاق النوافذ بسبب البرد. بينت احدى هذه الدراسات أن درجة حرارة غرفة الصف المناسبة ترفع القدرة على التركيز وتزيد دقة وسرعة الإنجاز في حل المسائل الأكاديمية.

3) كما وان ذات العوامل (انخفاض حرارة الغرفة الصفية، وغياب التهوية، والاكتظاظ) تؤدي إلى زياد احتمال انتقال عدوى فيروسات الإنفلونزا والتهابات القصبات الهوائية العليا للطلاب، وبالتالي تغيبهم عن المدرسة.

4) يعاني بعض الطلاب الفقراء والمهمشين الذين لا يملوك ملابس وأحذية مناسبة، عند تدني درجة الحرارة الشديد الى ما تحت الصفر ووجود الصقيع، لما يسمى "قضمة الصقيع" وهي اسوداد أصابع القدمين والذي قد يصل أحيانا لنخر الأصابع وبترها.


على من تقع المسؤولية؟

وزير التربية والتعليم هو المسؤول عن التخطيط والتنفيذ والرصد والتقييم لبرامج تستهدف تحقيق مصلحة الطفل الفضلى والحفاظ على حقوقه.

للأسف أخفق وزراء التربية والتعليم المتعاقبين في تنفيذ استراتيجيات التربية والتعليم في مجال البنية التحتية والبيئة المدرسية المناسبة وتحقيق الهدف السامي لأن تكون مدارس الاردن صديقة للأطفال ويكونوا هم محورها الأساسي.

الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي

الخبير في حقوق الطفل والوقاية من الإصابات والعنف

١٣٢ مشاهدة
bottom of page