top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

تأثير البيئة العائلية على جنوح الأحداث

للأسرة دور أساسي وحيوي في تربية الأطفال والمراهقين واليافعين، وضمان نموهم وتطورهم بالمعايير الصحية التي تضمن لهم حياة طبيعية في المجال الصحي البدني والنفسي والاجتماعي والأكاديمي، الا ان الدراسات المسندة حول جنوح الاحداث يشير الى وجود جذور واساب تشكل مصفوفة من عوامل الخطورة التي تتشابك مع بعضها البعض لتؤدي للجنوح، ولا يمكن ربط واحدة منها تحديدا لحدوث الجنوح بل كلما زاد وجود عوامل الخطورة هذه زاد احتمال جنوح الحدث، علما بان وجود عامل خطورة واحد قد يؤدي الى تولد عوامل الخطورة أخرى.

تأثير البيئة العائلية على جنوح الأحداث
تأثير البيئة العائلية على جنوح الأحداث

يمكن تصنيف عوامل الخطورة التي تؤدي لجنوح االحداث الى خمس مجموعات رئيسية:

1 عوامل فردية تتعلق بالشخص نفسه مثل تعوده على المخدرات والعقاقير واستنشاق المواد الطيارة، اضطرابات الشخصية، الشخصية العدائية، التعرض للعنف في التلفزيون ووسائط التواصل الاجتماعي، تدني معامل الذكاء.

2) العوامل الاسرية، وتشمل المستوى الاقتصادي والاجتماعي المنخفض، الشخصية العدائية لدى أحد الوالدين، الإخفاق في العلاقة الطبيعية ما بين الطفل ووالديه، تربية الطفل وتأديبه بقسوة وبعنف، او التراخي التام بتربيته وتأديبه، التفكك الأسري والنزاعات الأسرية وعدد افراد الاسرة الكبير، صغر عمر الأم، والعنف الاسري ما بين الأزواج، الانفصال عن الوالدين لأي سبب كان، ارتكاب الوالدين للعنف الجسدي ضد الطفل، تعرض الطفل لعنف جنسي داخل الاسرة، تعرض الطفل لعنف نفسي واهمال بشكل مستمر، ارتكاب أحد او كلا الوالدين للجرائم وسجنهما، معاناة أحد الوالدين من الأمراض النفسية الذهانية، تعاطي الوالدين للمخدرات.

3) العوامل المدرسية: البيئة المدرسية غير الصديقة للطفل والطاردة له، عدم متابعة الطفل أكاديميا وبالتالي اخفاقه بالواجبات المدرسية، عدم ضبط سلوكه في المدرسة، عدم اكسابه مهارات التواصل الاجتماعي.

4) الرفاق والأصدقاء والزملاء: اخفاق العلاقات الاجتماعية الطبيعية، المشاركة في زمر رفقاء السوء، المشاركة في زمر إجرامية مثل زمر المخدرات والسرقات، والانضمام إلى عصابات تمتهن الاتجار بالمخدرات والسرقات.

5) المجتمع المحلي: شيوع الفقر والامية والجريمة وجنوح الاحداث في الحي الذي يسكنه الطفل، وأيضا شيوع المخدرات والاتجار بالأسلحة الصغيرة، والفوضى الاجتماعية في هذه الاحياء وشيوع العنف الجماعي ما بين الاسر او العائلات او العشائر.


حماية الاسرة يتطلب جهود من عدة قطاعات حكومية عديد اهمها وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية والامن العام:

1) توفير خدمات الطب النفسي الشمولية في مجال الصحة العامة ويجب ان تتضمن المهنيين في المجال الاجتماعي والنفسي السريري بحيث تعمل على الاكتشاف المبكر لاضطرابات الشخصية للأطفال واليافعين، والاكتشاف المبكر للإدمان، والاكتشاف المبكر للسلوكيات التي قد تتفاقم لتصل لمرحلة الجنوح.

2) توفير خدمات حماية الاسرة المتعلقة بالاستجابة لكافة اشكال العنف الجسدي والنفسي والجنسي والاهمال، بشكل مهني متخصص يعمل على الكشف المبكر، والتشخيص والعلاج والتأهيل.

3) برامج اجتماعية التوعية الوالدية بتربية الأطفال الصحيحة.

4) توفير الدعم الاقتصادي للأسر الفقيرة، ومكافحة التسول، وتوفير فرص عمل لليافعين.

5) توفير خدمات الأندية الرياضية والثقافية في المجتمع المحلي، على ان تعمل برامج تواجه شيوع زمر العنف والمخدرات في المجتمع المحلي.


مسؤولية الحكومة:

على الرغم من تأكيد تأثير البيئة العائلية على جنوح الأحداث الا ان الأبحاث الاجتماعية المسندة تشير لدور الحكومة الاساسي بمنع جنوح الاحداث وتأهيلهم وتصحيح مسارهم وعلاجهم، كما هو الحال في الوقاية من الجريمة، هي مسؤولية حكومية بالدرجة الأولى والبرامج التالية ثبت نجاحها في منع جنوح الاحداث:

1) برامج تدريب توعية الوالدين.

2) توفير برامج اجتماعية متخصصة لدعم الأسر المعرضة لعوامل خطورة كما هو موضح أعلاه.

3) خدمة المجتمع الشمولية (الخدمات الصحية والاجتماعية، والتعليم، والعدالة، والوقاية من إساءة استعمال المواد المخدرة، والصحة العقلية).

هذه البرامج يجب ان تكون مستدامة بإشراف وتمويل من الحكومة، يخطط لها وتنفذ وترصد وتقييم من قبل خبراء في المجال الصحي والاجتماعي، والاعتماد على مؤسسات المجتمع المدني ثبت فشله، حيث ان مشاريع هذه المؤسسات تنتهي بانتهاء التمويل وتخفق الحكومة في ضمان استمرارها.

للأسف ما ورد أعلاه ليس من أولويات وزارة الصحة او وزارة التنمية الاجتماعية أو رئاسة الوزراء، واقع محزم واليم.

الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي

الخبير في حقوق الطفل ومواجهة العنف والإصابات


١٥ مشاهدة
bottom of page