يقتل تدخين التبغ، السجائر أو الأرجيلة السجائر الإلكترونية، أكثر من 8 ملايين شخص على مستوى العالم كل عام. أكثر من 7 ملايين من هذه الوفيات ناتجة عن الاستخدام المباشر للتبغ، ونحو مليون شخص يتوفون بسبب التعرض للتدخين السلبي في البيئة المحيطة بالمدخنين.
يعد تدخين التبغ أحد عوامل الخطورة المعروفة للعديد من التهابات الجهاز التنفسي ويفاقم من شدة أعراض تلك الالتهابات. بمراجعة عدة دراسات أجريت من قبل خبراء من مجال الصحة العامة، بأشراف منظمة الصحة خلال نيسان الماضي، أظهرت أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بداء كوفيد-19 بالمقارنة مع غير المدخنين.
كوفيد-19 هو داء ناتج عن العدوى بفيروس كورونا المستجد، والذي يستهدف أنسجة الرئتين ابتداءً. التدخين له تأثير مدمر على خلايا وأنسجة الرئتين ويضعف وظائف الرئتين الفسيولوجية وهذا حتما سيؤدي الى ضعف مقاومة الجسم لمحاربة الجراثيم بما فيها الفيروسات وكورنا المستجد.
التدخين هو من اخطر عوامل الخطورة التي تؤدي أيضا للمعاناة من علل غير معدية من مثل أمراض القلب؛ ارتفاع ضغط الدم، تصلب الشرايين التاجية، السرطان، وأمراض الرئتين المزمنة من مثل الربو، وداء السكر، وعند إصابة هؤلاء المرضى بكوفيد-19 فإن هذه العلل تؤدي لاستفحال الحالة السريرية وتفاقم أعراض كوفيد-19، وأظهرت الدراسات التي تم مراجعتها من قبل منظمة الصحة العالمية أن المرضى المدخنين الذين يعانون من علل مزمنة هم اكثر عرضة للتعرض للعدوى الشديدة بفيروس كورونا المستجد وبالتالي يزيد التدخين من احتمال وضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي ويزيد خطورة متلازمة الضائقة التنفسية الحادة ويرفع نسبة حدوث الوفاة.
معلومات مغلوطة وخطرة عن فوائد النيكوتين
كما وأظهرت الدراسات التي تم مراجعتها من قبل المنظمة، على عدم وجود أي دليل على صحة المعلومات التي تدعي أن التدخين والنيكوتين يخفض عامل خطر الإصابة بكوفيد-19 وتبين أن المعلومات التي نشرت عن فاعلية النيكوتين لمواجهة كوفيد-19 لم تقم على دليل علمي مسند، ودعت منظمة الصحة العالمية وسائل الأعلام والباحثين الأكاديميين عدم إعطاء أي أهمية أو ترويج لهذه المعلومات المغلوطة، فلا يوجد دليل يربط تعاطي النيكوتين بالوقاية علاج كوفيد-19.
وجوب الإقلاع عن التدخين في حقبة كورونا
بسبب تعاضد المخاطر بين التدخين وبين كوفيد-19 توصي منظمة الصحة العالمية وجوب استخدام كل السبل المتاحة للإقلاع عن التدخين وخاصة في حقبة شيوع الجائحة، وعلى المدخنين استخدام كل الوسائل التي توفرها وزارة الصحة للإقلاع عن التدخين.
في غضون 20 دقيقة من الإقلاع عن التدخين، ينخفض معدل ضربات القلب المرتفع وضغط الدم. بعد 12 ساعة، ينخفض مستوى أول أكسيد الكربون في الدم إلى المعدل الطبيعي. في غضون 2-12 أسبوعًا، تتحسن الدورة الدموية وتزيد وظائف الرئة. بعد 1-9 أشهر، يقل السعال وضيق التنفس.
تشدد منظمة الصحة العالمية على أهمية البحوث المنهجية عالية الجودة والمعتمدة أخلاقياً، والتي تساهم في النهوض بالصحة الفردية والعامة، مؤكدة أن تعزيز التدخلات غير المثبتة يمكن أن يكون له تأثير سلبي على صحة الأفراد وصحة المجتمع.
المخاطر المتعلقة بتدخين الأرجيلة مقارنة مع السجائر
يحتوي دخان الأرجيلة على مستويات عالية من المركبات السامة، بما في ذلك القطران وأول أكسيد الكربون والمعادن الثقيلة والمواد الكيميائية المسببة للسرطان (المواد المسرطنة)، بكميات تفوق مثيلاتها في التدخين.
كما هو الحال مع تدخين السجائر، يرتبط تدخين الأرجيلة بسرطان الرئة والفم والمثانة وأمراض القلب وأمراض الرئتين. تدخين الأرجيلة المزمن يؤدي لضعف وظائف الرئة ومرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان المريء وسرطان المعدة.
يوفر تدخين الأرجيلة النيكوتين بكمية أكبر من تدخين السجائر، مما يؤدي إلى الإدمان على النيكوتين.
يشكل دخان الشيشة مخاطر مرتبطة بالتدخين السلبي بشكل يفوق تدخين السجائر.
أنابيب الأرجيلة المستخدمة في حانات والمقاهي تؤدي إلى خطر انتشار الأمراض المعدية، وخاصة فيروس كرونا المستجد في حقبة انتشار جائحة كوفيد-19.
الأرجيلة وسيلة سهلة للإدمان على الحشيش العادي والأخطر منه الحشيش الاصطناعي باستبداله أو إضافته للتبغ المستخدم في الأرجيلة.
استخدام الأرجيلة من قبل الفتيان يشكل الضوء الأخضر للإدمان على التدخين في مراحل العمر اللاحقة.
تدخين الأرجيلة لمدة ساعة واحدة ينتج عنه ضرر يساوي تدخين 15 إلى 20 سيجارة، ويحتوي دخان الأرجيلة على 1.7 ضعف من النيكوتين و9 أضعاف من أول أكسيد الكربون مقارنة مع الدخان الناتج عن السجائر.
مخاطر السجائر الإلكترونية:
أظهرت دراسة أجريت على اليافعين من عمر 13 الى 24 سنة من مستخدمي السجائر الإلكترونية انهم عرضة للإصابة بكوفيد-19 بخمسة أضعاف مقارنة مع نفس الفئة العمرية من غير المدخنين، وبينت الدراسة أن زيادة نسبة التعرض لكوفيد-19 مرتبط أيضا إذا كان تدخين هذه السجائر الإلكترونية في وقت سابق.
دخان السجائر الإلكترونية يرفع من تكوين مستقبلات فيروس كورنا بأنسجة الرئتين وبالتالي يزيد من خطر العدوى.
كما أن أثر السجائر الإلكترونية الضار على أنسجة ووظائف الرئتين يفوق تدخين السجائر العادية وبالتالي يعرض المدخن لمخاطر كوفيد-19.
ملاحظة هامة، صحيح أن مخاطر الأرجيلة والسجائر الإلكترونية أكبر من مخاطر السجائر العادية، إلا أن ذلك لا يعني أن خطر السجائر العادية طفيف، بل الثلاثة أشكال من التدخين تشكل خطرا داهما يهدد المدخنين وخاصة في حقبة كورونا.
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير في حقوق الإنسان وحقوق المرضى
Comments