top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

حق الطفل بالصحة والعلاج ليس مكرمة او مِنّة

الحق والمَكْرُمَةُ والمِنَّةُ بلسان العرب:

الحقوق يستحقها الناس بسبب كونهم بشرا، بغض النظر عن مواطنتهم، جنسيتهم، أصلهم العنصري أو العرقي، لغتهم، جنسهم، أو اتجاهاتهم، اما المَكْرُمَةُ فهي فِعْلُ الخَيْر وامتياز إضافي يقدم للمواطن بعد ضمان حصوله على حقوقه بعدالة ومساواة، فالمكرمة التي تتعلق بمنح حق هي مِنّة، والمِنَّةُ بلسان العرب هي استكثارُ الإحسان والفخر به حتَّى إفساده، اما منح الحقوق للمواطن بمِنَّةٍ فابعد ما تكون عن المكارم، فهي بذلك تنتهك الحقوق بظروفها وتوقيتها.

حق الطفل بالصحة والعلاج ليس مكرمة او مِنّة
حق الطفل بالصحة والعلاج ليس مكرمة او مِنّة

الحق بالصحة هو من حقوق الإنسان الأساسية ويتوقع ان يتمتع به المواطنين بجميع الفئات العمرية، لكن واقع الامر أن هناك الكثير من انتهاكات الحق بصحة الأطفال، ومما يزيد الامر تعقيدا أن الأطفال يعتمدون على البالغين في تأمين احتياجاتهم الأساسية بما فيها الحاجة للرعاية الطبية، فالأطفال ليس لديهم سيطرة على حوادث الحياة المناوئة للصحة، او على البيئة المتواجدين بها، وليس لديهم المعرفة الضرورية بمبادئ الصحة العامة.

الرعاية الصحية للأطفال تبدأ بتحمل راعي الطفل، الوالدين عادة، تلك المسؤولية، لكن الحفاظ على الحق بالصحة لا يكتمل الا بقيام الدولة بتحمل مسؤولية توفير احتياجات الطفل للرعاية الصحية بإقرار تشريعات ووضع سياسيات التي تتمحور حول الطفل وتخصيصات الأموال بميزانية مركزية صديقة للطفل توفر ضمان خدمات طبيبة جيدة بهدف الحفاظ على الحق بالصحة على أرض الواقع.


وفيات واعتلالات واعاقات الأطفال يمكن الوقاية منها ومنع تفاقهما وعواقبها

المراجع العلمية المسندة بما فيها دراسات منظمة الصحة العالمية واليونسف تؤكد ان الاعم الاغلب من وفيات، اعتلالات واعاقات الأطفال من المكن الوقاية منها في حال توفرت الإرادة السياسية للحكومة للقيام بذلك، هذا يتطلب من الحكومة توفير الموارد البشرية والمالية والبنية التحتية من أجهزة ومستلزمات بالإضافة لتوفيرها التدريب والمعرفة للحفاظ على الحق بالصحة في مجالات الوقاية والعلاج والتأهيل.


المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل

1. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي. وتبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لتضمن ألا يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه.

2. تتابع الدول الأطراف إعمال هذا الحق كاملا وتتخذ، بوجه خاص، التدابير المناسبة من أجل:

(أ) خفض وفيات الرضع والأطفال،

(ب) كفالة توفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال مع التشديد على تطوير الرعاية الصحية الأولية،

(ج) مكافحة الأمراض وسوء التغذية حتى في إطار الرعاية الصحية الأولية، عن طريق أمور منها تطبيق التكنولوجيا المتاحة بسهولة وعن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية، آخذة في اعتبارها أخطار تلوث البيئة ومخاطره،

(د) كفالة الرعاية الصحية المناسبة للأمهات قبل الولاة وبعدها،

(هـ) كفالة تزويد جميع قطاعات المجتمع، ولا سيما الوالدين والطفل، بالمعلومات الأساسية المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته، ومزايا الرضاعة الطبيعية، ومبادئ حفظ الصحة والإصحاح البيئي، والوقاية من الحوادث، وحصول هذه القطاعات على تعليم في هذه المجالات ومساعدتها في الاستفادة من هذه المعلومات،

(و) تطوير الرعاية الصحية الوقائية والإرشاد المقدم للوالدين، والتعليم والخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة.

3. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال.

4. تتعهد الدول الأطراف بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي من أجل التوصل بشكل تدريجي إلى الإعمال الكامل للحق المعترف به في هذه المادة. وتراعى بصفة خاصة احتياجات البلدان النامية في هذا الصدد.


احتياجات الطفل الصحية:

1) الطفل حديث الولادة: يتطلب وجود تغذية جيدة للأم اثناء الحمل، ولادة آمنة، ورعاية طبية لحديث الولادة مباشرة عقب ولادته ويتوقع ان تستمر من شهر الى ثلاثة أشهر بعد الولادة. ويتوقع من الحكومة ان توفر مستوى خدمات جيد في مراكز الامومة والطفولة ويكون من مهامه التوعية بتغذية الام وضمان التخطيط لولادة آمنة، وتوفير الحاضنات عند الحاجة اليها وتوفير النقل الآمن لأقسام الخداج التي يتوفر بها الرعاية الطبية المتخصصة لحديثي الولادة.

2) الطفل الرضيع الى فترة ما قبل المدرسة: يحتاج لتغذية صحية جيدة بما فيها الحديد والفيتامينات، التطعيم، الاستجابة السريعة للأمراض الشائعة مثل الإسهال، التهابات المسالك الهوائية، والتهابات الاذن الوسطى، ويجب ان يتم رصد النمو والتطور في هذه الفترة من عمر الطفل. في العادة يكون والدي الطفل في مكان العمل ويحتاج الطفل لأن يكون في حضانة مما يعرضه لمزيد من المخاطر. يتوجب على الحكومة في هذا المجال أن تضمن التخطيط والتنفيذ والرصد والتقييم لبرامج الطفولة المبكرة.

3) الطفل بفترة ما قبل المراهقة: بحاجة للتغذية الصحية الجيدة، وتوفير علاج الامراض الحادة والمزمنة.

4) الطفل بمرحلة المراهقة: بحاجة لتوقير الرعاية النفسية بالإضافة للرعاية الجسدية، والإرشاد حول الصحة الإنجابية، والعلاقة الجنسية.


مسؤولية الحكومة:

يتوقع من الحكومة ان توفر خدمات رعاية الطفل الصحية في كافة مناطق الدولة بشكل منسق مركزيا وعلى كافة المستويات الوقائية والعلاجية. يشمل ذلك إنشاء مراكز الامومة والطفولة ووحدات صحية متنقلة تخدم المناطق التي لا يوجد بها مراكز صحية، تقدم الخدمات للأمهات الحوامل ولأطفالهن وخدمات علاج امراض الأطفال بما في ذلك إجراء الفحوص المخبرية وتقديم العقاقير مجانا، وتقديم خدمات الرعاية الطبية الوقائية بالتوعية حول التغذية والتطعيم والنظافة والحفاظ على البيئة.

1) توفير الخدمات الطبية في مراكز الأمومة والطفولة بحيث تلبي احتياجات كل من الام الحامل والجنين والوليد، وحديث الولادة.

2) توفير الرعاية الطبية المتخصصة خلال الولادة، بمرجعية استباقية للتعامل مع أي احتمالات طارئة قد تحدث خلال الولادة، مع توفير سهولة النفاذ لمراكز متخصصة للتعامل مع أي مضاعفات او عواقب محتملة لعملية الولاة، وتوفير تخصص الأطفال في مجال الخداج لرعاية الوليد والتعامل مع أي اضطرابات قد يعاني منها.

3) المراكز الصحية الأولية في المحافظات يجب ان تكون فاعلة ومجهزة بالموارد البشرية والمالية، ويتوفر بها كل مستلزمات علاج امراض الاطفال الشائعة، وتوفير كافة المطاعيم بما في ذلك تنفيذ برامج التوعية حول أهمية المطاعيم وتوقيتها ومخاطر اهمالها. ويتوقع من مراكز الصحة الأولية ان تقدم برامج التوعية عن أهمية التغذية والفيتامينات والمعادن الضرورية للطفل.

4) الرعاية الطبية لأمراض وإصابات الأطفال الشائعة إن كان في أي مستوى للمراكز الصحية او المستشفيات بحيث تكون مجانية وسهلة النفاذ لجميع الأطفال وخاصة المهمشين والمهاجرين والفقراء، ويشمل ذلك اجراء ما تحتاجه حالة الطفل من فحوص مخبرية وصور شعاعية مجانا.

5) توفير النفاذ الى مراكز العلاج الطبي المتخصص لكافة امراض وإصابات الأطفال بما في ذلك توفير تخصصات جراحة الأطفال وجراحة الاعصاب والتجميل الخ...

6) توفير ودعم وديمومة خدمات الصحة المدرسية في كافة المحافظات، بحيث يحتفظ لكل طالب ملف طبي ويقوم العاملون في مجال الصحة المدرسية برصد أية امراض والاكتشاف المبكر للأمراض والاعاقات من مثل ضعف السمع او ضعف الابصار، والقيام بالتوعية الصحية لطلاب المدارس.


الخدمات أعلاه يجب ان تقدم لجميع الأطفال دون تميز للجنس او العرق أو مكان السكن أو الجنسية.

1) يجب ان تضمن الدولة برامج توعية لجميع الموطنين وبرامج متخصصة للأطفال وأخرى للأمهات تشمل أهمية النظافة والحفاظ على البيئة، والتغذية، والتطعيم والصحة الفموية والوقاية من العنف والإصابات.

2) يجب ان يتم تنفيذ هذه البرامج بوسائل ورسائل وصور مناسبة ومبسطة تناسب اعمار وثقافات المستهدفين من السكان وباستخدام وسائل التواصل الرقمية الحديثة وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي.

3) يجب ان تعمل الحكومة على توعية المجتمع للتخلص من الممارسات التقليدية الضارة بالأطفال كالعلاج بالكي او الأعشاب او بالتعاويذ والحجب مهملين الحالة المرضية الأساسية.

4) يجب اجراء برامج توعية من قبل العاملين بالمراكز الصحية الأولية تستهدف الاباء والامهات حول رعاية الأطفال في كافة الاعمار بما في ذلك التعرف على أعراض وعلامات الامراض الشائعة لدى الأطفال.

5) يتضمن الحفاظ على حق الطفل بالصحة التزاما قانونيا على عاتق الحكومة تتحمل من خلاله المسؤولية المباشرة على تنفيذ كافة ما ورد اعلاه ويضعها تحت المساءلة إذا أخفقت.


مسؤولية أخصائي الأطفال:

تخصص طب الأطفال يجعل من هؤلاء الأطباء أمناء على صحة الأطفال، ويتوقع منهم ان يكونوا على اطلاع على اتفاقية حقوق الطفل وان يتمحور عملهم على كسب التأييد للأطفال بشكل عام وخاصة للأطفال الذين يقدموا الخدمة لهم في المجتمع المحلي، وعلى جمعيات أطباء الأطفال ونقابة الاطباء دعم واسناد أطباء الأطفال القيام بذلك.

الدكتور هاني جهشان، مستشار الطب الشرعي الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة

٥٥ مشاهدة
bottom of page