top of page
صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

سوء معاملة الموقوفين والسجناء


سوء معاملة الموقوفين والسجناء
سوء معاملة الموقوفين والسجناء

لا يوجد نظام سياسي أو أيديولوجي في العالم يمكنه الادعاء بغياب انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك سوء معاملة وتعذيب الموقوفين والسجناء. الممارسة المنتظمة للتعذيب منتشرة بشكل واسع في الدول النامية وأقاليم النزاعات المسلحة الإقليمية، ومناطق العصيان المدني وعدم الاستقرار الديني والسياسي.


سوء معاملة الموقوفين والسجناء بالقانون الدولي

إن الحق بعدم التعرض للتعذيب هو حق مستقر في القانون الدولي، فهو محظور بصريح العبارة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية او المهينة، والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

تنص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 على "لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة.

تنص المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر."

ورد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3452 إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1975 في المادة الثالثة منه: "لا يجوز لأي دولة أن تسمح بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو أن تتسامح فيه. ولا يسمح باتخاذ الظروف الاستثنائية، مثل حالة الحرب أو خطر الحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخري، ذريعة لتبرير التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. " وتنص المادة الثانية من نفس الإعلان على "أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة هو امتهان للكرامة الإنسانية، ويدان بوصفه إنكار لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"

روابط وثائق مرجعية تتعلق بالتعذيب:


تعريف التعذيب:

التعذيب هو عملية ديناميكية قد تبدأ بالاعتقال وتشمل سلسلة من الأحداث الاصابية في أوقات وبيئات مختلفة وتنتهي بإطلاق سراح الضحية أو سجنه أو موته.

تعرف نقابة الأطباء العالمية التعذيب كما ورد في اعلان طوكيو عام 1975 بأنه “إحداث معاناة جسدية أو عقلية قصدا وبوحشية، وبطريقة منتظمة، من قبل شخص أو أكثر من تلقاء أنفسهم أو تنفيذا لأوامر تلقّوها من أية سلطة، لإرغام شخص أخر للإدلاء بمعلومات أو الاعتراف أو لأي سبب أخر"

عريف التعذيب كما جاء في المادة الأولى من "إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" على: لأغراض هذه الاتفاقية يقصد "بالتعذيب" أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو ارغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأى سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية.


بناء على التعريف السابق يتكون التعذيب من ثلاثة مركبات:

  1. طبيعة المعاناة التي أُلحقت بالضحية: ألم ومعاناة بدنية أو عقلية شديدة أُلحقت عن عمد.

  2. مَن أحدث المعاناة: حدثت المعاناة بأمر أو بموافقة من سلطات الدولة، أو بعلمها أو انه كان من المفروض ان تعلم عن حدوثها وأيضا بعدم محاولتها منعها.

  3. الهدف من إحداث المعاناة: لغرض محدد مثل الحصول على معلومات، أو العقاب، أو الترهيب.

مفاهيم التعذيب تثير الانفعال ولا يجب ان تستخدم بعشوائية او باستخفاف، ويتصف التعذيب وينفرد عن غيره من اشكال سوء المعاملة بدرجة المعاناة الشديدة التي ينتج عنها، ولهذه يجب ان يقتصر مفهوم التعذيب على ما ورد بالتعريف تحديدا.

يتطلب اثبات التعذيب وجود المركبات الثلاثة مجتمعة المشار إليه أعلاه، اما أنواع سوء المعاملة الأخرى (المعاملة القاسية، المعاملة اللاإنسانية، المعاملة الحاطة من الكرامة) فليس من الضرورة توفر المركب الثالث أي ان يكون هدف احداث المعاناة الحصول على المعلومات، فحصول التعذيب يتطلب توافر غرض محدّد إضافة إلى الى إلحاق المعاناة بالضحية.

يمكن تعريف المعاملة القاسية أو اللاإنسانية بأنها إحداث المعاناة على شكل قدر كبير من العذاب والألم الجسدي والنفسي بدون أن يكون هناك غرض محدد لإلحاق هذه المعاناة، ويمكن تعريف الإساءات المهدرة للكرامة الإنسانية بأنها إلحاق قدر كبير من الإذلال والإهانة، دون توفر غرض محدد، أي عندما يكون هناك غرض محدد لسوء المعاملة أو العنف يتحول الوضع إلى الحاق التعذيب الضحية.


الظروف التي يحصل بها التعذيب تفاقم المعاناة: يأخذ التعذيب أشكال عديدة لها علاقة بالظروف التي يوجد بها الموقوف او السجين وتشمل هذه الظروف (1) التوقيف الاعتباطي والاستبدادي، (2) السجن الانفرادي طويل الأمد، (3) السجناء في حالة صحية سيئة أو خطيرة، (4) الاعتقال بدون تهمة أو محاكمة أو بدون محاكمة عادلة أو بمحاكمة صورية، (5) التهديد بالإعدام خارج نطاق القانون وبالإعدام السياسي (6) الاختفاء القسري، (7) التهديد بالموت، (8) الإضراب عن الطعام، علما بأن المعاناة الناتجة عن كل واحدة من هذه الظروف تتقاطع مع وتفاقم المعاناة الناتجة عن التعذيب ذاته، مما يعسر التعامل مع مشكلة التعذيب ويزيدها غموضا، ويضع العقبات والتحديات أمام الاستجابة لها على كافة المستويات.


تعريف التعذيب في القانون الاردني:

المادة 208 من قانون العقوبات الاردني تنص على 1- من سام شخصا اي نوع من انواع التعذيب بقصد الحصول على اقرار بجريمة او على معلومات بشانها عوقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات.

2- لغايات هذه المادة يقصد بالتعذيب اي عمل ينتج عنه الم او عذاب شديد جسديا أو معنوياً يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول منه او من شخص اخر على معلومات او على اعتراف او معاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه في انه ارتكبه هو او غيره او تخويف هذا الشخص او ارغامه هو او غيره ، او عندما يلحق بالشخص مثل هذا الالم او العذاب لاي سبب يقوم على التمييز ايا كان نوعه ، او يحرض عليه او يوافق عليه او يسكت عنه موظف رسمي او اي شخص يتصرف بصفته الرسمية.

3- واذا افضى هذا التعذيب الى مرض او جرح بليغ كانت العقوبة الاشغال المؤقتة.

4- على الرغم مما ورد في المادتين (54) مكرر و(100) من هذا القانون لا يجوز للمحكمة وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها في الجرائم الواردة في هذه المادة كما لا يجوز لها الاخذ بالاسباب المخففة.

وفي حالة حدوث وفاة تطبق المادة 330 1- من ضرب او جرح أحدا بأداة ليس من شأنها أن تفضي الى الموت او أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا قط ، ولكن المعتدى عليه توفي متأثرا مما وقع عليه عوقب الفاعل بالأشغال مدة لا تنقص عن سبع سنوات.


شيوع التعذيب:

هو من أصعب الأمور التي من الممكن أن يتم تقديرها لطبيعة التعذيب وحصوله في ظروف غامضة وفي بيئة تتصف بالاخفاء والتكتم، وفي معظم الأحيان يتم إنقاص الارقام وبالعادة ما ينكر وجود التعذيب من قبل الحكومات ومن قبل أجهزتها الأمنية.


من هم مقترفو التعذيب؟

السلوك الذي يؤدي للتعذيب يُرتكب من قِبل او بموافقة ممثل السلطة القائمة، وهذا يعني أن أي مسؤول حكومي يمكن ان يكون متورطا في عملية التعذيب. مع الاخذ بالاعتبار الدوافع لإجراء التعذيب والتي هي عادة الحصول على معلومات اثناء الاستجواب وخاصة في الجرائم الجنائية الخطيرة أو في مواجهة القلاقل او العصيان، فإنه من غير المستغرب ان يكون مرتبكو التعذيب الرئيسيون هم جميع المسؤولون عن عملية التحقيقات الاجرامية في الأجهزة الأمنية المختلفة.

موظفي الرعاية الصحية، قد يشارك الأطباء والأطباء النفسيون والممرضون في التعذيب إما بالتورط المباشر الذي قد يشمل الشهادة بأن شخصاً ما في حالة تسمح بالاستجواب او استعمل حقن وريدته تساعد المحقق الحقول على المعلومات، أو بتزوير التقارير الطبية أو بعدم إعطاء العلاج الصحيح.


من هم ضحايا التعذيب؟

أي شخص ممكن ان يكون ضحية للتعذيب، ذكورا أو إناثا، شباب أو كبار في السن، المتدينون او الملحدون، وغالبا ما يكون العامل الحاسم كون الضحية من مرتكبي جرائم محددة كالاتجار بالبشر او تهريب والاتجار بالسلاح أو المخدرات. المتهمون بجرائم خطيرة، هم نماذج مألوفة لضحايا التعذيب، ربما بغرض الحصول منهم على معلومات أو اعترافات، أو ببساطة لمجرد ابتزازهم أو ترهيبهم.

الأطفال: هم معرضين للمعاناة أكثر من الكبار، والتأثير والعواقب تكون أشد، ومن أقسى صور سوء المعاملة على الطفل ان يشهد تعذيب أحد والديه أو اقاربه، وبالمثل فإن تهديد الوالدين بمشاهدة تعذب أطفالهما قد يكون له أثر مدرد عليهما.

التعذيب الخاص بالجنس: الاغتصاب كوسيلة من وسائل التعذيب لا يقتصر على الضحايا من النساء ولكنه يستخدم على نطاق واسع كصورة من صور التعذيب الخاصة بالجنس لإبراز الإحساس بالضعف والاستسلام لدى الضحية أو المجتمع. هناك أمثلة أخرى يكون فيها جنس الضحية مؤثراً، ومن بينها حالة المرأة الحامل، والتي عادة ما تكون ضعيفة بدرجة خاصة، والمرأة في عمر الإنجاب، والتي يمكن أن تصبح حاملاً كنتيجة مأساوية لعملية اغتصاب.

الأشخاص المتدينون: هناك حالات يصل فيها سوء المعاملة إلى حد التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية، وذلك بسبب الطبيعة المتدينة لشخصية الضحية، ومثال ذلك استخدام الأساليب التي تسخر بالمبادئ الدينية من مثل نتف لحية الضحية.


اين يحدث التعذيب؟

قد يحدث التعذيب في أي مكان، خصوصاً في الدول التي تسود فيها أجواء العنف وغياب الاستقرار السياسي. أما الأماكن الأكثر خطراً فهي تلك التي يحتمل فيها إجراء الاستجوابات مثل أقسام الشرطة والدرك وأماكن الاحتجاز المشابهة، خصوصاً الاحتجاز الذي يسبق المحاكمة. قد يحصل التعذيب في أماكن أخرى غير معلن عنها وغير معروفة او معترف بها كأماكن توقيف. التعذيب لا يكون بالضرورة محصوراً في أماكن الاعتقال وحدها، ولكنه يمكن أن يحدث في بيت الضحية نفسه أو في بناء مهجور او مكان خالي من السكان، أو أثناء نقله إلى مكان اعتقال رسمي.

ظروف الاحتجاز نفسها قد تصل إلى درجة اللاإنسانية أو المعاملة التي تحط من كرامة الإنسان، وهي اشكال من أشكال سوء معاملة الموقوفين وإن لم تصل لدرجة التعذيب.


متى يُرجّح حدوث التعذيب؟

أكثر مرحلة خطرة لحدوث التعذيب هي أثناء إلقاء القبض أو الاعتقال، وذلك قبل أن تتاح فرصة للاتصال بمحامي أو الوصول لمرحلة المحاكمة، ويستمر هذا الخطر طوال مدة التحقيق بغض النظر عن المكان الذي يحتجز فيه المشتبه به.

الاحتجاز مع عدم الاتصال بالغير؛ أي احتجاز شخص ما دون الاعتراف بذلك أو دون السماح له بالاتصال بأي أحد، سواء كان محاميه أو أحد أفراد أسرته، ينطوي على أعلى درجات مخاطر التعذيب، لأنه يعنى عدم وجود رقابة خارجية على عملية الاستجواب، وأحياناً تقوم قوات الأمن فقط بتسجيل اسم الضحية بعد انتهاء التحقيقات الأولية.

في السجون القانونية لا يمكن استبعاد المخاطر التي قد يتعرض لها سجناء الحبس الاحتياطي، خصوصاً لو كانت قوات الأمن هي التي تدير السجن أو لها ارتباط به، وليس بالضرورة أن يقع الخطر بالنسبة للسجناء الاحتياطيين داخل السجن نفسه، ولكن مع احتمال إعادتهم إلى أماكن الاحتجاز أو إحالتهم إلى سلطات التحقيق.


مفاهيم التعذيب وعلاقته بالصحة:

التعذيب هو عنف وأي نوع من أنواع العنف هو مشكلة صحية من مثل العنف الأسري، الاغتصاب، الاختطاف، أخذ الرهائن، الاسرى بالحرب الخ ...

  1. عادة ما ينظر للعنف والتعذيب على انهما مشكلة اجتماعية أو سياسية وليست طبية، ورأي السياسيون أن النظر إليه على أنه مشكلة طبية هو تحقير للطب.

  2. هناك معاناة كبيرة للمتعرضين للتعذيب بالنفاذ للقطاع الصحي أثناء حصوله او عقبه مباشرة او بعد حين، وتتفاقم هذه المشكلة بعدم المساواة بتقديم العلاج والرعاية الطبية للسجناء مقارنة مع عموم المجتمع، وأيضا شيوع اللامبالاة الاجتماعية نحو السجناء ونبذهم من المجتمع المحلي.

  3. قبول التعذيب كمشكلة طبية جسدية بحته أمر سلبي يزيل ماهيته الحقوقية والنفسية والاجتماعية ويؤدي إلى تقبله مع مرور الوقت كإصابات عادية بعيدا عن كونه مشكلة نفسية، اجتماعية، حقوقية، وقانونية.

  4. التعذيب هو مشكلة اجتماعية سياسية ومن غير المناسب حصره بكونه حالة نفسية بحاجة لعلاج، فربط التعذيب بالمرض النفسي هو وصمة قد تلاحق الضحايا مدى حياتهم.

  5. يجب التعامل مع التعذيب على انه مشكلة متعددة الابعاد الثقافية، الاجتماعية، السياسية، الطبية الحقوقية، والقانونية، وجميع هذه القطاعات شركاء في مواجهتها.

الوقاية من التعذيب:

التعذيب هو خبرة حياتية استثنائية تؤدي إلى معاناة جسدية ونفسية وإعاقات وقد تؤدي للموت، وعليه هناك حاجة لرعاية طبية شاملة للضحايا تشمل الوقاية الاولية أي المنع قبل حصول التعذيب، وبرامج الوقاية الثانوية أي البرامج الوقائية المخصصة للمعرضين للخطر أكثر من غيرهم ورعاية ثالثية أي الاستجابة بعد حصول التعذيب للوقاية من العواقب أو استمرار التعذيب أو تكراره.


عواقب التعذيب:

  1. العلامات الحديثة لا تشاهد من قبل الأطباء لأن المصاب لا يعرض على الطبيب إلا بعد شفائه، وإذا كانت شديدة تؤدي للوفاة وتشاهد من قبل الطبيب الشرعي عند إجراء التشريح. العلامات المزمنة الجسدية او النفسية هي التي تشاهد من قبل الأطباء لاحقا.

  2. الإصابات الجسدية والتي قد يتخلف عنها عواقب جسدية دائمة مدى الحياة مرتبطة باستمرارية وجود العواقب النفسية لفترة طويلة تلي فترة الاعتقال والسجن، فاستمرار الألم والندب والتشوهات والإعاقات تبقى عامل يذكر الضحية بالتعذيب.

  3. تستهدف أنشطة التعذيب مواضع غير حصينة للإنسان إن كانت في جسده أو صحته النفسية، ونقاط الضعف غير الحصينة هذه هي متشابهة لجميع البشر، مما يؤدي الى تشابه عواقب التعذيب في المجتمعات المختلفة.

  4. قد لا يكون هناك حد فاصل بين "التعذيب" وبين "العقاب الجسدي" للسجناء وهذا يتفاوت بين دولة ودولة بمرجعية تشريعاتها، مما قد يؤدي على غموض العواقب الجسدية والنفسية.

أمثلة على اشكال التعذيب الشائعة: (المرجع بروتوكول استنبول) القائمة المدرجة ادناة هي مجرد امثلة على الصور الشائعة عن التعذيب في مختلف دول العالم، مع الاخذ بعين الاعتبار أن اشكال التعذيب لا يمكن حصرها حيث تعتمد على الثقافة السائدة بين ضباط وأفراد الاجهزة الامنية وعلى النزعات العدائية لدى من يرتكبونه، وهناك العديد من طرق التعذيب الموثقة من قبل الخبراء لم يكن يتوقع حدوثها:

  1. الإصابة بصدمات رضّية، ومن ذلك اللكم والرفس والصفع والجلد والضرب بالأسلاك والهراوات أو طرح الشخص على الأرض؛

  2. التعذيب بالتأثير على وضع الجسم وذلك باستخدام التعليق، وشد الأطراف في اتجاه مضاد، وتقييد الحركة لمدد طويلة أو الإلزام بالبقاء في وضع معين؛

  3. الحرق بالسجاير أو الأدوات المحمية أو السوائل الحارقة أو المواد الكاوية؛ الصدمات الكهربائية؛

  4. الخنق باستخدام أساليب سائلة أو جافة مثل الإغراق أو كتم النفس أو تعويقه أو استخدام المواد الكيميائية؛

  5. التهشيم مثل تكسير الأصابع أو دحرجة اسطوانة ثقيلة لإيذاء الفخذين أو الظهر؛

  6. الإصابات الخارقة مثل الجروح الناتجة عن الطعن أو الطلقات النارية أو غرز الأسلاك تحت الأظافر؛

  7. التعريض للتفاعل الكيميائي مع الملح أو الفلفل الحار أو البترين وما إلى ذلك بوضع هذه المواد في الجروح أو فتحات الجسم؛

  8. العنف الجنسي الموجه إلى الأعضاء التناسلية، والتحرش، واستخدام الأدوات، والاغتصاب؛

  9. الإصابة المفضية إلى ﺗﻬشيم أو إزالة الأصابع أو الأطراف؛

  10. البتر الطبي للأصابع أو الأطراف أو الإزالة الجراحية للأعضاء؛

  11. التعذيب باستخدام العقاقير مثل إعطاء جرعات سامة من المسكنات أو العقاقير المُرخية للأعصاب أو المُشلة للحركة؛

  12. أحوال الاحتجاز مثل الإيداع في زنزانة صغيرة أو مكتظة أو الحبس الانفرادي، أو الأوضاع غير الصحية، وعدم إتاحة الوصول إلى المراحيض أو عدم الانتظام في توفير الطعام والماء أو تقديمهما ملوثين، والتعريض للبرد والحر الشديدين، والحرمان من الاختلاء بالنفس أو الإكراه على العري؛

  13. الحرمان من المنبهات الطبيعية للحواس مثل الصوت أو الضوء أو إدراك الوقت وفرض العزلة والتحكم في نور الزنزانة والمساس بالاحتياجات الطبيعية والحد من النوم والطعام والماء واستعمال المراحيض والاستحمام والنشاط الحركي والرعاية الطبية والاتصال الاجتماعي والعزل داخل السجن وفقدان الاتصال بالعالم الخارجي (وكثيرا ما يُبقى الضحية في عزلة منعا من توطد الأواصر والتآخي مع الغير، وتشجيعا له على أن يكون ولاؤه موجها، تحت تأثير الصدمة، إلى مرتكب التعذيب نفسه)؛

  14. الإهانات من قبيل التعدي اللفظي أو أداء أفعال مشينة؛

  15. التهديد بالموت أو بإيذاء الأسرة أو متابعة التعذيب أو السَجن أو تمثيل عمليات إعدام وهمية؛

  16. التهديد بإطلاق حيوانات لمهاجمته مثل الكلاب والقطط والجرذان والعقارب؛

  17. التقنيات النفسية لتحطيم روح الفر د المعنوية بما في ذلك إرغامه على الخيانة وزيادة إحساسه بالعجز التام وتعريضه لأوضاع ملتبسة أو إعطاؤه إيحاءات متضاربة؛

  18. انتهاك المحرمات؛

  19. الإكراه السلوكي مثل إرغام الضحية على ممارسات منافية لدينه (مثال ذلك إرغام المسلمين على أكل الخنزير أو الإرغام على إيذاء آخرين بتعذيبهم أو الاعتداء عليهم على نحو آخر، والإرغام على إتلاف ممتلكات، والإرغام على خيانة شخص وتعريضه للضرر.

  20. إرغام الضحية على رؤية أفعال تعذيب أو فظائع تمارس على آخرين.

عواقب التعذيب العامة على الجهاز الحركي بسبب كرب التعذيب:

هناك علامات تعذيب عامة ناتجة عن الألم والكرب:

  1. ما يسمى "وضعية الجسم الكئيبة" راس يبدو أن يتجه للسقوط. زيادة القَعَسٌ الرقبى. ارتفاع الكتفين. زيادة الحُدابٌ الصَدْرِيّ. زيادة القَعَسٌ قَطَنِيّ. انحراف وميلان في وضع الحوض.

  2. توتر العضلات ما حول الكتفين والرقبة وعضلات الظهر ما حول الفقرات والعضلات القابضة للوركين، مؤخرة الركبة، ما بين اللوحين، عضلات البطن، عضلات الإليتين، العضلات المادة للركبتين.

  3. عدم توافق في حركة مفاصل العمود الفقري أي حركات الفقرات.

عواقب التعذيب الجنسي:

كل أنواع التعذيب تشمل نوعا من الإذلال الجنسي الإضافي للتعذيب نفسه. يتراوح بين التعري القصري إلى الأنشطة الجنسية القصرية على شكل أذية مباشرة للأعضاء التناسلية والشرج أو الممارسة الشرجية أو الاغتصاب، وتكهرب الأعضاء التناسلية او إيلاج أجسام غريبة، ويشمل أيضا انتهاك الأعراف السائدة حول الجنس المحظور بالمجتمع.

في الحالات الحادة يتم التعامل مع الضحية من الناحية الطبية كضحية عنف جنسي أو اعتصاب، علما بأن الاعتداءات الجنسية لا تترك عادة ندوب محددة تساعد على التشخيص إذا تم الكشف الطبي بعد بضعة أيام إلى بضة أسابيع. الكشف الطبي بحاجة لمهارة جيدة مرافقة لدعم نفسي للضحية بسبب العواقب النفسية الشديدة للعنف الجنسي.

نادرا ما يتحدث ضحايا التعذيب الجنسي تلقائيا عما تعرضوا له خوفا من أن يفقدوا احترام عائلاتهم واصدقائهم والمجتمع المحلي وتجنا للوصمة، وهم يعانون عادة من الم في أسفل الظهر غير محدد الصفات يمتد للورك والأليتين، ويعانوا من صعوبة في الجلوس او الوقوف لفترات طويلة، ويعانوا من الم في الأعضاء التناسلية الداخلية والخارجية، وعدم انتظام بالطمث لدى الإناث منهم، وصعوبات في التبرز، واختلال في الوظائف الجنسية. الكشف السريري قد يظهر وجود علامات لإصابات أو ندب حول المهبل والشرح، إيلام في مفاصل الحوض وعدم توافق وفي حركات المشي.


عواقب التعذيب النفسية:

اختلالات النوم والأعراض النفسية من مثل القلق المزمن والكآبة وعلامات ضعف الإدراك كاعتلال الذاكرة وفقد التركيز وعدم ثبات الهوية الذاتية.

شدة الأعراض النفسية تعتمد على: شدة التعذيب، مدة التعرض للتعذيب، نوع التعذيب، ظروف المعتقل أو السجن، البيئة الإجتماعية عقب الخروج من المعتقل أو السجن، وتكرار التعذيب.

العوامل الداخلية لدى الضحية: الاستعداد النفسي للشخص المعذب وقابليته للتعامل مع التعذيب، العمر والجنس، ثبات المعتقد السياسي، والخلفية الإجتماعية الثقافية للضحية.

من الصعب تحديد منشأ ما يعاني منه الضحية من أعراض وعلامات وردها لنوع محدد من التعذيب في زمن محدد وذلك للأسباب التالية: (1) جميع أشكال التعذيب تترك أثرا جسديا مباشرة واضطرابات وظيفية تتفاقم مع شدة العواقب النفسية. (2) قد يترك التعذيب بطريقة واحدة محددة عواقب في أكثر من عضو في جسم الإنسان. (3) يتعرض الضحايا لأكثر من نوع من التعذيب مما يؤدي إلى اختلاط العواقب مع بعضها البعض.

معرفة أنواع التعذيب المختلفة يساعد في تشخيص منشأ أعراض وعلامات الضحية وعند إعلامه بالنتيجة والتأكد من أنه قد فهمها تكون هذه أولى خطوات العلاج.


الخاتمة:

إن التعذيب هو انتهاك مقلق وخطير للأفراد والأسر والمجتمعات على المستوى الوطني والدولي، فهدفه التدمير المتعمد لرفاه الافراد الجسدي والنفسي والاجتماعي، والحط من كرامتهم وإرادتهم وحريتهم، وهو أمر يهم جميع البشر في مختلف أماكن تواجدهم الجغرافي لأنه ينتهك معنى وجودنا وأملنا في مستقبل أفضل.

على كل العاملين في القطاعات الحقوقية والقانونية والاجتماعية والنفسية ومؤسسات المجتمع المدني مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان وسوء معاملة الموقوفين والسجناء لدواعي مهنية وانسانية وهذا يتطلب كسر حاجز الصمت بالتبليغ والاستجابة بتقديم العلاج الجسدي والنفسي والدعم القانوني والاسناد الاقتصادي والتأهيل الاجتماعي، والعمل على محاور الوقاية الأولية بالتوعية والتثقيف للمجتمع ولمرتبات الأجهزة الأمنية، وللمشرعين وواضعي القوانين ومتخذي القرار، وأيضا برامج الوقاية الثانوية التي تستهدف المعرضين للتعذيب اكثر من غيرهم بتوفير الدعم القانوني والاجتماعي وبالمطالبة بظروف تحقيق قانونية وأخلاقية.

الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي الخبير في حقوق الإنسان ومواجهة العنف

٣٬٤٧٨ مشاهدة

Comments


bottom of page