الإعدام: إنفاذ الموت بمجرم حُكِم عليه بهذه العقوبة الصادرة عن سلطة قضائية مؤهلة.
طُبِقت عقوبة الإعدام منذ بداية التاريخ الموثق. نصت شريعة حمورابي سنة 1750 قبل الميلاد، على عقوبة الإعدام على ما يقارب الخمسة والعشرون جريمة، تشمل فساد موظفي الحكومة، السرقة، والجرائم الجنسية المختلفة. نصت شريعة موسى على عقوبة الإعدام لجرائم القتل، التألّه (ادعاء المرء حقوق الإله أو صفاته)، الزنى، الشذوذ الجنسي، الاتصال الجنسي مع الحيوانات، السحر والشعوذة، ولعن الوالدين.
تطبق عقوبة الإعدام قانونيا فيما يزيد عن مائة دولة، وتنفذ بعدة طرق منها: إطلاق النار، الشنق، قطع الرأس، الرجم، التكهرب، حجرة الغاز، والحقن القاتلة. إن الشنق وإطلاق النار هي اكثر الطرق شيوعا. استعمال الكرسي الكهربائي وحجرة الغاز والحقن السامة تستعمل في الولايات المتحدة الأمريكية.
دور الطبيب في إنفاذ الموت بالمحكوم عليهم بالإعدام ليس موثقا من الناحية العلمية، حيث يوجد نقص بالدراسات حول الإعدام بشكل عام وخاصة خارج الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
إن طبيعة عقوبة الإعدام بسبب اتصالها المباشر بجسم الإنسان، توجب انخراط الأطباء في عدة نواحي من مراحل الإعدام. لقد لعب الأطباء من الناحية التاريخية دورا هاما في تطوير وتحسين وتهذيب تقنيات إنفاذ الإعدام.
دور الطبيب في إنفاذ عقوبة الإعدام من الممكن تحديده أربعة مستويات مشاركة رئيسية:
أولا المشاركة الرئيسية المباشرة: الطبيب يقوم بعمل مباشر لإنفاذ الإعدام.
عمل ينهي حياة المحكوم مباشرة كالإعدام بالعقاقير الطبية القاتلة.
إعطاء نصيحة تقنية لمنفذ الإعدام "الجلاد".
عمل يشرف، يرصد، يساعد، يساهم أو يسارع في قدرة "الجلاد" لإنهاء حياة المحكوم مباشرة، كرصد العلامات الحيوية للمحكوم مباشرة على جسمه أو عن بعد أو حتى مجرد الحضور أو المراقبة.
ثانيا الإسهام بالتحضير الإعدام: عمل طبي يؤدي إلى تحضير المحكوم لأن ينفذ به حكم الإعدام.
الشهادة بان السجين لائق صحيا لإنفاذ الإعدام. كفحص المحكوم لتوثيق سلامة جسمه أو عقله تمهيدا لإعدامه.
وصف أي عقاقير مهدئة أو عقاقير العلاج النفسي، قبل التنفيذ.
علاج السجين لتوفير الظروف التي تسمح إتمام إنفاذ الإعدام.
ثالثا الشهادة بوفاة السجين: إن الشهادة على الوفاة هي جزء من الممارسة الطبية اليومية، ولا يوجد ما يتعارض مع امتداد ذلك إلى الشهادة على وفاة المحكوم عليه بالإعدام بعد الإنفاذ، ويجب أن يتم ذلك في مكان أخر غير مكان تنفيذ الإعدام وبعد عدة ساعات من الإنفاذ لاستبعاد أي شك من أن علامات الحياة لا تزال موجودة.
رابعا توفير الدليل الجرمي الطبي المساهم بإصدار الحكم بالإعدام: لا يوجد ما يشير إلى أن إعطاء الخبرة الطبيبة الشرعية التي تدل على التجريم أو البراءة في قضية من الممكن أن تنتهي بالحكم على المتهم بالإعدام، يختلف عن إعطاء هذه الخبرة في القضايا الأخرى، حيث أن إعطاء الخبرة الطبية الشرعية عن حقائق شاهدها الطبيب لا تعتبر غير أخلاقية حتى وان كانت هي الأساس المرجعي للحكم بالإعدام على المتهم.
المشاركة المبشرة بإنفاذ الإعدام والإسهام بالتحضير للإعدام هي ممارسات تنتهك بكل وضوح أخلاقيات مهنة الطب وغير مقبولة كليا من كل أطباء العالم الملتزمين بأخلاقيات وآداب مهنتهم.
المرجعية الأخلاقية لمشاركة الطبيب في إنفاذ عقوبة الإعدام:
في عام 1980 أصدرت لجنة الشؤون القانونية بنقابة الأطباء الأمريكية قرارا يذكر بما يلي "إن مهمة الطبيب هي المحافظة على الحياة في كل ظرف يوفر إمكانية حصول ذلك وان الدور الممكن والوحيد للطبيب بإنفاذ الإعدام هو فقط الشهادة على موت السجين".
في عام 1981 اصدر السكرتير العام لنقابة الأطباء العالمية، إعلان عن قرار رسمي للنقابة يؤكد به الدور الأخلاقي للطبيب ويدعو صراحة وبوضوح مطلق "انه يستوجب على الطبيب عدم المشاركة بإنفاذ الإعدام بل يستطيع الشهادة على الوفاة فقط." وفي عام 1997 أصدرت نفس النقابة "إعلان هامبرج المانيا" والتي دعت فيه لدعم و مساندة جميع الأطباء الذين يرفضون المشاركة والمساهمة في إنفاذ عقوبة الإعدام.
نصت المادتان 1 و 2 من الدستور الطبي الصادر عن نقابة الأطباء الأردنية على "إن مهنة الطب مهنة إنسانية وأخلاقية وعلمية قديمة قدم الإنسان، أكسبتها الحقب الطويلة تقاليد ومواصفات تحتم على من يمارسها أن يحترم الشخصية الإنسانية في جميع الظروف والأحوال وان يكون قدوة حسنة في سلوكه ومعاملته مستقيما في عمله، ومحافظا على أرواح الناس وأعراضهم، رحيما بهم وباذلا جهده في خدمتهم." وعلى أن "كل عمل طبي يجب أن يستهدف مصلحة المريض المطلقة وان تكون له ضرورة تبرره وان يتم برضائه أو إرضاء ولي أمره إن كان قاصرا أو فاقدا لوعيه."
نص قسم ابوقراط، والذي لا يزال أحد معالم أخلاقيات مهنة الطب، على "سأستخدم (أنا الطبيب) العلاج لمساعدة المرضى وفقا لقدراتي وبحسب اجتهادي، بدون أن يكون لدي هدف لإلحاق الأذى أو أي عمل خطأ بمرضي، وسوف لا أعطي السم لأي كان عندما يطلب مني ذلك، ولن اصف هذا الطريقة لأي شخص.
إن أي عمل طبي؛ تشخيصي أو ترصدي أو علاجي، يقوم به أي طبيب للاشتراك أو الإسهام بتيسير إنفاذ الإعدام، هو عمل مخالف لدستور مهنة الطب في الأردن ولنقابة الأطباء العالمية، ولا ينطبق هذا على الشهادة والتبليغ عن وفاة المحكوم عليه بالإعدام بعد إتمام الإنفاذ. الأساس في ذلك الحقيقة الأساسية لمهنة الطب وهي "إن مهمة الطبيب الأساسية هي المحافظة على حياة ومصلحة المريض المطلقة في كل ظرف يوفر إمكانية حصول ذلك".
من الناحية العملية من الابسط للطبيب رفض عقوبة الإعدام من أساسها، من محاولة الوصول إلى طرق لتجنب مشاركته بأعمال طبية في أي من المراحل التي يمر بها المتهم من بداية الادعاء عليه بالتهمة إلى إنفاذ الإعدام به. في كل الأحوال يجب العمل على إنهاء أي مشاركة أو إسهام طبي بالإجراءات التي توصل المتهم إلى الإعدام، حيث لا يوجد أي أساس أخلاقي لمشاركة الطبيب في تنفيذ حكم الإعدام.
الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي
الخبير في أخلاقيات المهن الطبية
Comentarios