top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

الخدمات الاجتماعية على المستوى الوطني، قانون التنمية الاجتماعية

الخدمات الاجتماعية على المستوى الوطني، قانون التنمية الاجتماعية

قانون التنمية الاجتماعية
قانون التنمية الاجتماعية

"الحماية الاجتماعية" كما حددها معهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية، هي الوقاية من، ومواجهة العقبات والتحديات المناوئة لرفاه المواطن، وهي أيضا تنفيذ البرامج التي تحقق هذه الرفاه. تتكون الحماية الاجتماعية من سياسات وبرامج مصممة للحد من الفقر والتهميش من خلال تعزيز فرص العمل الفعالة والحد من تعريض المواطنين للمخاطر والعمل على تعزيز قدرتهم على التعامل مع المخاطر الاقتصادية والاجتماعية، مثل الفقر والبطالة والتهميش والمرض، والعنف، والإعاقة، والشيخوخة.


بالاطلاع على مسودة قانون التنمية الاجتماعية لسنة ٢٠٢٣ المنشورة على موقع ديوان ا لتشريع، تبين انها مبادرة ايجابية من قبل وزيرة التنمية الاجتماعية لتحمل المسؤولية للخلاص من قانون الوزارة الركيك الواهن لسنة ١٩٥٦، وهذه الايجابية واضحة تحديدا في مجال ضبط التبرعات المالية ومحاربة الفساد المتعلق بها، ومحاولة تنظيم مهام العامل والباحث الاجتماعي والخدمة الاجتماعية وترخيص مؤسسات الخدمة الاجتماعية، الا ان مسودة القانون غفلت عن ان الخدمات الاجتماعية غير محصورة بوزارة التنمية الاجتماعية وفي المؤسسات الاجتماعية التابعة لها او تحت رقابتها، فعلى المستوى الوطني غفل القانون عن:

(1) واقع الخدمات الاجتماعية في القطاع الصحي وتردي مستواه المهني، وعدم توفر عدد كاف من العمال الاجتماعيين به، فلطالما تنصلت وزارة التنمية الاجتماعية من هذه المسؤولية الأساسية او من الرقابة المهنية على العمال الاجتماعيين في هذا القطاع، إن كانت المنشأت الصحية الحكومية، او الخاصة، او العسكرية، أو الجامعية، حيث لا رقيب مهني عليهم، فمن هي الجهة المسؤولة عن ترخيصهم والرقابة عليهما مهنيا؟

(2) واقع حال الخدمات الاجتماعية في المدارس حيث الفوضى وغياب الرقابة المهنية على هذه الخدمات هو ايضا امر خطير يستوجب الرقابة المركزية من جهة متخصصة بالخدمات الاجتماعية، ويتوجب شمولها بقانون ومسودة القانون غفلت عن ذلك.

(3) واقع حال الخدمات الاجتماعية في المؤسسات الشرطية كادارة حماية الاسرة ومراكز التوقيف ومراكز الاصلاح للبالغين والاحداث والاقسام القضائية بالمستشفيات يجب ان توفر وتدار وتراقب الخدمة الاجتماعية مركزيا على المستوى الوطني بنصوص ملزمة واضحة كان يتوجب ان ترد في نصوص مسودة القانون.

(4) غفل القانون عن انشاء نقابة مهنية او جمعية مهنية للعمال والباحثين الاجتماعين على المستوى الوطني تحت اشراف الوزارة، فترخيص الوزارة لوحده يبقى قاصرا وهذا معمول به بكافة النقابات المهنية.


هل تعديل التشريعات كاف للنهوض بالخدمات الاجتماعية بالاردن؟

مهام وزارة التنمية الاجتماعية هامة والإخفاق بتنفيذها يشكل انتهاك لحقوق الانسان على العموم وحقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق ذوي الإعاقة على الخصوص:

§ إن تطوير وتعديل التشريعات، ان كان قانون وزراة التنمية الاجتماعية لعام ١٩٥٦ او الانظمة والتعليمات الصادرة بموجبه، هو اولوية وذو اهمية قصوى الا ان (١) عدم توفير المال الكافي لوزارة التنمية الاجتماعية من ميزانية الحكومة المركزية، (٢) وتهميش الوزارة وفوضى برامجها، هما أسباب رئيسية للإخفاق وتتحمل مسؤلية هذا الاخفاق وزراء التنمية المتعاقبين على الحقيبة ومجلس الوزراء.

§ الواقع المؤلم ان وزراء التنمية الاجتماعية اثناء حملهم للحقيبة يصمتون صمت مطبق ولا يعترضون على هذا وضع الوزارة الواهن والهزيل.

§ للأسف عادة ما يتم اختيار وزراء التنمية الاجتماعية مِن مَن لا يطالبون بالمستحقات الأساسية لوزارتهم اما خوفا او جهلا او لا مبالاة او لان الموقع هذا عادة ما يكون جائزة ترضية، وتاريخ مناصب الوزارة يثبت ذلك.

§ على وزير التنمية الاجتماعية الذي يحترم حقوق الانسان الاردني، ان يطالب لانه على حق، ثم يطالب علنا وبالإعلام وان لم تستجب الحكومة عليه المغادرة فلا مجال للصمت عندما تنتهك حقوق الانسان الأساسية.


هل الحكومة ممثلة بوزارة التنمية الاجتماعية ملزمة بادارة وضبط والرقابة والرصد والتطوير للخدمات الاجتماعية على المستوى الوطني؟

الحماية الاجتماعية في الدستور الاردني والمواثيق الدولية:

الحفاظ على الأمن الاجتماعي والحماية الاجتماعية، بمرجعية الدستور الأردني والمواثيق الدولية، ليس أمرا اختياريا للحكومة أن تقوم به من عدمه، فهو أمر واجب التنفيذ فورا وهدف واجب التحقيق ولا مجال به للتأويل أو تعليل الفشل أو الإخفاق، وهو في الأساس سبب وجود الحكومة:

(1) نصت المادة السادسة من الدستور الأردني {... الدفاع عن الوطن وأرضه ووحدة شعبه والحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني. تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين. الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها. يحمي القانون حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة ويعزز مشاركتهم واندماجهم في مناحي الحياة المختلفة، كما يحمي الامومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء ويمنع الإساءة والاستغلال....} ونصت المادة ٢٣ من هذا الدستور على أن {العمل حق لجميع المواطنين وعلى الدولة أن توفره للأردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به}

(2) نصت المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان {لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ فيما يأمن به الغوائل في حالات البطالة، أو المرض، أو العجز، أو الترمُّل، أو الشيخوخة، أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه}

(3) نصت المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على {تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل...} ونصت المادة 9 من هذا العهد {تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية} والمادة 11 {تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية... واعترافا بما لكل إنسان من حق أساسي في التحرر من الجوع...} ونصت المادة 12 على { تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه... تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض} ونصت المادة 13 على { تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وهي متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية...}


ان الامن الاجتماعي هو ما تقوم بها لحكومة لحماية المواطن والوطن وهو بالأساس سبب وجودها وليس مهمة اختيارية يمكن تأجيلها او التراخي بتنفيذها.

الدكتور هاني جهشان، مستشار اول الطلب الشرعي

الخبير في حقوق الإنسان

bottom of page