top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

دور الإعلام في حماية الأطفال

حقوق الإنسان الطفل، هي محور الوجود الإنساني، وهي ليست أمر ممكن نزعه أو التخلي عنه. حقوق الإنسان الطفل هي كونية ومتكاملة وغير قابلة للتجزئة، وما يميز حقوق الطفل هو أنها تحتاج لمساعدة البالغين للمطالبة بها.

حق الطفل بالتعبير والنفاذ للإعلام: المادة 13 من اتفاقية حقوق الطفل تنص على أن {1. يكون للطفل الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول، أو الكتابة، أو الطباعة، أو الفن، أو بأية وسيلة أخرى يختارها الطفل. 2. يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لبعض القيود، بشرط أن ينص القانون عليها وأن تكون لازمة لتأمين ما يلي: (أ) احترام حقوق الغير أو سمعتهم، أو، (ب) حماية الأمن الوطني، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة.}

دور الإعلام في حماية الأطفال
دور الإعلام في حماية الأطفال

حق الطفل في الخصوصية: يتوقع من الدول المُصَادقة على اتفاقية حقوق الطفل أن تضمن حقه بالخصوصية في كافة مناحي حياته وحمايته من القذف والتشهير به في وسائل الإعلام، فقد نصت المادة 16 من الاتفاقية على أنه {1. لا يجوز أن يجرى أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة، أو أسرته، أو منزله، أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته. 2. للطفل حق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس.} وهذه المادة يجب أن تكون مرجعية أساسية للإعلاميين أثناء تعاملهم مع الأطفال، ويتوقع أن يكون لديهم مواثيق شرف وبروتوكولات إجرائية تضمن هذا الحق أثناء مقابلتهم للأطفال

المادة 17 من الاتفاقية {تعترف الدول الأطراف بالوظيفة الهامة التي تؤديها وسائط الإعلام وتضمن إمكانية حصول الطفل على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية، وبخاصة تلك التي تستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية والروحية والمعنوية وصحته الجسدية والعقلية، وتحقيقا لهذه الغاية، تقوم الدول الأطراف بما يلي:

(أ) تشجيع وسائط الإعلام على نشر المعلومات والمواد ذات المنفعة الاجتماعية والثقافية للطفل،

(ب) تشجيع التعاون الدولي في إنتاج وتبادل ونشر هذه المعلومات والمواد من شتى المصادر الثقافية والوطنية والدولية،

(ج) تشجيع إنتاج كتب الأطفال ونشرها،

(د) تشجيع وسائط الإعلام على إيلاء عناية خاصة للاحتياجات اللغوية للطفل الذي ينتمي إلى مجموعة من مجموعات الأقليات أو إلى السكان الأصليين،

(هـ) تشجيع وضع مبادئ توجيهية ملائمة لوقاية الطفل من المعلومات والمواد التي تضر بصالحه}.


كيف يحصل العنف والإهمال ضد الأطفال؟

اتفاقية حقوق الطفل وجدت لتضمن تمتع الاطفال بالعيش بالأمن والسلامة ولتوفر بيئة داعمة لهم برعاية الوالدين أو من هم بمنزلتهم. كما انها تدعو لتمتعهم بحقهم بالتعليم والصحة والحماية وحياة أسرية طبيعية، وحقهم بالتعبير والاختيار بما يتناسب ومرحلة تطورهم العمرية. يتعرض الاطفال للإساءة والعنف والاستغلال بانتهاك هذه الحقوق بأفعال مباشرة ضدهم من مثل العنف الجسدي، والعنف الجنسي، وإرغامهم على العمل، أو بأنشطة سلبية ضدهم كإهمالهم جسديا ونفسيا، أو من خلال ظروف حياتية سيئة تقع خارج نطاق سيطرة الأسرة بسبب أخفاق الدولة بتوفير الحماية الإجتماعية لهم. ومعاناة الأطفال في المجتمعات الفقيرة تمتد من الإخفاق بالنمو وسوء التغذية إلى السكن غير الصحي وغير الآمن وبالتالي معاناتهم من أمراض كان من الممكن الوقاية منها. وهناك مخاطر تهدد حياتهم بسبب النقص في المياه النظيفة ووسائل الصرف الصحي، ويعاني الاطفال في مناطق النزاعات المسلحة والأطفال اللاجئين والأطفال العمال من انتهاك حقهم بالتعليم.

يتعرض الأطفال للعنف الجسدي والنفسي وللاستغلال الجنسي وللإهمال في كافة المجتمعات وفي جميع الدول، وفي الأعم الأغلب يكون هذا العنف خلف جدران من الصمت ويتم إنكار وجوده عادة من قبل كافة القطاعات المهنية. وتمتد أشكال العنف ضد الأطفال الحدود الوطنية إلى استغلالهم بتجارة الجنس وعبودية العمل بالسخرة، ومواجهة هذه المشكلة تتطلب جهود تتجاوز كونها وطنية إلى جهود ما بين الدول.

لدى تعامل الصحفيين مع مواد إعلامية تتعلق بالعنف ضد الأطفال واستغلالهم أن يتذكروا أنهم يتعاملون مع مشكلة اجتماعية ذات تحدي كبير تتصف بحدوثها خلف جدران الصمت وإنكار حقيقة وجودها بالأسرة والمجتمع وكذلك في مؤسسات الرعاية الإجتماعية.


المخاطر التي تحيط بالأطفال

يشترك الأطفال المتعرضين للعنف والاستغلال والإساءة للصفات التالية فيما بينهم:

(1) حالة من الضعف بسبب تعاضد كون مرحلة نموهم وتطورهم تحد من قدراتهم على التحكم بحياتهم، مع وجود أشخاص بالغين في البيئة التي يعيشون بها غير قادرين أو لا يرغبون بتوفير الحماية لهم ويستغلون هذا الضعف.

(2) حالة من الخوف والعجز النفسي بسبب تعرضهم للتهديد من المُعنف او المسيء، أو بسبب غياب بالغين يوفروا الرعاية لهم، أو بسبب اعتماد الأسرة وأطفالها على المعنف، أو بسبب عدم توفير احتياجات الحياة الأساسية لهم.

1) يعاني الاطفال من الإهمال في المجتمعات الفقيرة بسبب وجود والدي الطفل بالعمل وغياب أي شخص يعتني بالطفل، وبالمجتمعات الغنية بسبب انشغال والدي الطفل خارج البيئة الأسرية.

2) عمل الأطفال لساعات طويلة وبظروف خطرة بهدف دعم أسرهم، أو بهدف استغلالهم والإتجار بهم.

3) انتهاك حقوق الفتيات والتميز ضدهم بعدم توفير الرعاية الصحية والتعليم والغذاء لهن مقارنة مع الأطفال الذكور، وعدم اعطائهم فرصة تقرير مستقبل حياتهم.

4) نزوح الأطفال في الحروب والكوارث الطبيعية.

5) الأطفال في الشوارع، والأطفال بلا مأوى معرضين لكافة أشكال العنف.

6) الأطفال في مؤسسات الرعاية الاجتماعية عرضة لمخاطر الإساءة والعنف أكثر من نظرائهم خارج المؤسسات. (المدارس الداخلية، مراكز إصلاح الأحداث، ومراكز رعاية فاقدي السند الأسري، ومراكز رعاية الأطفال ذوي الإعاقة).

7) الأطفال ذوي الإعاقات قد يميز ضدهم وهم عرضة لكافة أشكال الإهمال والعنف والاستغلال. هناك انتهاك لحقوقهم وخاصة في مجالات اللعب والتعليم والتعبير، وبشكل أقل توفير الرعاية الصحية لهم.

8) الاطفال من الأقليات أو المهاجرين هم عرضة لاستغلالهم بالتسول والإتجار الجنسي بهم.

9) الاستغلال الجنسي.

10) الأطفال في النزاعات المسلحة، تجنيد الأطفال الذكور واستغلالهم جنسيا، والزواج القسري المبكر والإتجار الجنسي بالفتيات من قبل الجنود، وقد يمتد استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة ليشمل إرغامهم على العمل في المنازل أو للاستعباد الجنسي.


دور الإعلام

للإعلام دور إيجابي لدعم جهود مناهضة العنف ضد الطفل وضمان حمايته وسلامته، وذلك من خلال

(1) كون موادهم الإعلامية قائمة على المصلحة الفضلى للطفل والحفاظ على حقوقه من أي انتهاك،

(2) تسليط الضوء على جذور وانماط وآثار العنف على الطفل والأسرة والمجتمع

(3) البحث واستكشاف وسائل الوقاية والاستجابة لهذا العنف.


أهداف المواد الإعلامية

أولا: لفت انتباه المتلقي للمادة الإعلامية بإحداث الصخب والسخونة المتعلقة بموضوع المشكلة: كون محور المادة الإعلامية هو "مشكلة عن الطفل" وليس "مشكلة يعاني منها الطفل" وأمثلة عن ذلك هو جنوح الأحداث، أطفال الشوارع، ودعارة الأطفال، ويتم خلالها عرض سلوكيات الأطفال السلبية دون أدنى محاولة لعرض جذور المشكلة وواقع حالها من وجهة نظر الأطفال أنفسهم. وعادة يتم إنتاج هذه المواد بهذا الشكل عاجلا استجابة لتصريح أحد صناع القرار أو ممثلي الشعب أو عقب الإفصاح عن حالة عنف شديده من قبل المحكمة أو مقدمي الخدمات الصحية والاجتماعية. هذه المواد تأجج المشاعر، ولكنها نادا جدا ما تلقي الضوء على الحقائق المعرفية المتعلقة بالمشكلة. وتكون استجابة عاطفية لنداء بضرورة الاستجابة للمشكلة، ويتم بها عرض الطفل على أنه الجانح وليس الضحية، ويتركز انتباه المتلقي على المشكلة (دعارة الأطفال وعمل الأطفال والجنوح) وليس على الطفل ذاته ومحاولة الحفاظ على حقوقه. الأطفال في الدول النامية، والأطفال في المجتمعات الفقيرة، والأطفال النازحين واللاجئين بسبب الحروب أو بسبب الكوارث الطبيعة، يفقدوا عادة الإحساس بإنسانيتهم واستقلاليتهم وأيضا قدرتهم على التعبير عن أنفسهم، ولا ينتبه الإعلاميين لهذا التغير في حياتهم وانتهاك حقوقهم، ويصبح التركيز على المجاعة والفقر والسياسة.

ثانيا: لفت انتباه المتلقي للمادة الإعلامية بإلقاء الضوء على موضوع المشكلة: يتجاوز موضوع المادة الإعلامية تحديد ماهية المشكلة إلى مقابلات مع الأطفال ومهنيين وآخرين لبيان جذور المشكلة وعواقبها، وعرض المشكلة من وجهات نظر مختلفة، وتكون عادة من خلال سلسلة من المواد الإعلامية بما فيها المقالات الصحفية والبرامج المرئية على امتداد فترة زمنية محددة. هذا الأسلوب على الأغلب أن يؤثر على السياسات العامة بواسطة التأثير على صانعي السياسات وصانعي القرارات.

ثالثا: فت انتباه المتلقي للمادة الإعلامية بإحداث فهم حقيقي لموضوع المشكلة: بكون المادة الإعلامية نتاج تحقيق طويل الأمد من مهنيين في الأعلام لوحدهم أو بالتعاون مع مهنيين في مؤسسات المجتمع المدني، حيث يتم طرح الموضوع من زوايا هامة لم تطرح سابقاً، وقد تطرح حلاً أو استجابة غير منظورة سابقا لتعامل القطاعات المختلفة مع المشكلة الحث على إيجاد بيئة تسمح بإحداث التغير الإيجابي. هذه الأسلوب يعتبر أعلى درجات تفوق الإعلام بتأثيره على متلقي المواد الإعلامية بواسطة ازدواجية تأثيره:

(أ) بتعزيز حقوق الطفل والتغطية الإعلامية الإيجابية بمرجعية المصلحة الفضلى له.

(ب) ومنع أي انتهاكات للطفل بهذه قد ترتكب من خلال هذه المواد الإعلامية.

هذا الأسلوب يحتاج إلى للوقت وللموارد والإصرار على وضع مصلحة الطفل الفضلى بمحور اهتمام الصحفيين. يكون محور المادة الإعلامية هو حقوق الطفل وليس عدد النسخ المباعة أو عدد المشاهدين.


دور الإعلام قائم على أهمية أن هناك استجابة لما يرد بالمواد الإعلامية، من قبل صانعي القرار وصانعي السياسات والمشرعين والمهنيين مقدمي الخدمات، وللعامة من الناس بما فيهم الأسر والأطفال.

الإعلام هو ارضية صلبة لحماية الأطفال، لكنها تحتاج إلى إعلاميين مدربين في هذا المجال ذوي مرجعية مهنية عالية تلتزم بميثاق شرف أخلاقي يحترم مصلحة الطفل الفضلى ويحافظ على حقوقه من الانتهاك.

يحتاج الصحفي عادة مصادر معلومات جيدة، تحقيق دقيق، القدرة على التحقق من صدق المعلومات، استخدام مصادر متعددة، وتوفير الفرصة للضحايا عن التعبير والمشاركة عن معاناتهم. يتعاضد ما سبق مع ضرورة توفير الوقت الكاف والموارد المناسبة لإجراء التحقيق الصحفي، وثبات في متابعة محاور المادة الإعلامية مع مرور الوقت لتشكيل رأي إعلامي ضاغط قادر على إحداث التغير بالاتجاه الإيجابي.

الدكتور هاني جهشان، مستشار الطب الشرعي

الخبير في حقوق الطفل والوقاية من العنف ضد الاطفال

٤٨ مشاهدة
bottom of page