top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

الأخلاقيات المهنية في الإعلام المتعلق بقضايا الطفل

أهداف المواثيق الأخلاقية لمهنة الإعلام

الأخلاقيات المهنية في الإعلام المتعلق بقضايا الطفل
الأخلاقيات المهنية في الإعلام المتعلق بقضايا الطفل

تشكل الأخلاقيات المهنية الاعلامية الضمان لأعلام يحافظ على حقوق المواطن، ويديم كينونة على الاسرة ويحمي المجتمع، ويساهم الالتزام بالمبادئ الأخلاقية المهنية الاعلامية في تنزيه مهنة الاعلام وتصحيحها من العيوب والمآخذ والاختلالات، والحفاظ على مستواها المهني المحترف والراقي.

ترتكز المواثيق الأخلاقية لمهنة الاعلام على هدفين رئيسين:

1) ضمان أخبار صحيحة وحقيقية وكاملة لجمهور المواطنين، تتصف بالنزاهة وتضمن الحماية من أي تلاعب أو تدليس أو انحرافات مهنية.

2) ضمان نزاهة وحماية الصحافيين والعاملين في المهنة من أي ضغوط قد يتعرضون لها؛ منعاً لتحريف أو تمويه او تشويه المخرجات والمواد الإعلامية، وتجنباً لأي تأثير السلبي على قراراتهم.

من خلال تطبيق المبادئ الأخلاقية، يرتقي مستوى الإعلام وتنحسر عنه الأخطاء، فالتزام الصدق والدقة وتجنب الإثارة واحترام القارئ هي مبادئ أساسية لإعلام مهني محترف، كما وأن نزاهة الصحافي أمر رئيسي في ضمان تحقيق هدف المهنة التي هي في الأساس خدمة عامة تسعى إلى خير المجتمع من خلال تزويد الجمهور بالوقائع والمعلومات والحقائق الضرورية لتشكيل رأي عام واعٍ. إذا انتفت نزاهة الصحافي فقدت الصحافة دورها ومكانتها وأصبحت أداة سلبية قد تستخدم في نزاعات سياسية أو دعما لقوى اجتماعية لها مصالحها الضيقة.

يترتب على غياب الإلتزام بالأخلاقيات الإعلامية مخاطر عديدة على الفرد والأسرة والمجتمع، فعلى الصعيد العام يشرع عدم الالتزام بهذه الأخلاقيات باب التلاعب بالجمهور وبالرأي العام، ويؤدي الاعلام الموجه المؤدلج (عدم التفكير بعقل مستقل حر) إلى توجيه مصير الأمم في اتجاهات خاطئة وفي بعض الأحيان اتجاهات كارثية، كما يفسح المجال لرؤوس الأموال والشركات الكبرى للهيمنة على وسائل الإعلام، وإبعادها عن هدفها الأصيل.

على صعيد الأفراد، كثيرين دمر الاعلام حياتهم من خلال اتهامهم كذباً، أو من خلال نشر تحقيق قضائي غير مكتمل يتضمن اتهامات بارتكاب جرائم أو القيام بأعمال تحط من قدرهم. فكثيراً ما ينسى، أو يتناسى، صحافيون المبدأ القانوني الذي يعتبر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وقد نصت المادة الحادية عشرة من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” على اعتبار: “كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانونياً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه”.

مبادئ المواثيق الاعلامية الأخلاقية:

تقوم الأخلاقيات الإعلامية على مبدأين أساسيين: (1) السعي إلى المصلحة العامة، و(2) الاستجابة لصوت الضمير. هذان المبدآن يشكلان الضمان كي تكون مهنة الصحافة في خدمة المجتمع، وليس في خدمة أفراد أو مؤسسات. كما أنها تسلّح الصحافي للوقوف في وجه الإغراءات المتعددة، فهي تنبهه إلى المخاطر وتساعده على اتخاذ القرار أمام إغراءات المال والهدايا والمناصب، وإغراءات الشهرة. في كل مرة لا يضع الصحافي نصب عينيه المصلحة العامة حين يعالج موضوعاً ما، أو في كل مرة يسعى إلى استخدام موقعه ومهنته لأهداف شخصية، أو حين يغض النظر عن أمور وقضايا تضر بالمجتمع أو يسكت عنها لدوافع لا تبررها المصلحة العامة، أو حين يسخر قلمه في خدمة أفراد، يكون في كل هذه قد تخلى عن رسالة الصحافة ويرتكب خطأ مهنيا وأخلاقياً، فلا يجوز أن تكون الصحافة في خدمة أفراد لتحقيق مكاسب وغايات فردية، وإلا سقطت من حيث كونها سلطة تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.

يستطيع الصحافي أن يقيم أدائه الأخلاقي بنفسه من خلال أسئلة أساسية يوجهها لنفسه:

1) هل ضميري مرتاح لهذا التصرف؟

2) هل أستطيع أن أبرر قراري أمام الآخرين؟

3) هل هناك من خيارات أفضل؟

4) هل أخجل إذا عرف الآخرون بما أفكر أو بخلفيات قراري؟

5) هل اتخذت القرار الأفضل لمصلحة الجمهور؟

الطفل في المواثيق الأخلاقية الإعلامية:

تنص المواثيق الأخلاقية للمهنة على مبادئ عامة، فتنص كلها على احترام القيم الإنسانية والحياة الخاصة وهذا ينطبق على الأطفال.

نصت المادة 16 من ميثاق الشرف الإعلامي العربي على "الحرص على حماية الأطفال والأحداث من المواد الإعلامية التي تتضمن مشاهد عنف، أو أنماطاً سلوكية غير سوية مع القيم النبيلة." ونصت المادة 20 على ضرورة التمييز بين المواد الإعلامية والمواد الإعلانية، والتزام هذه الأخيرة بأخلاقيات المجتمع العربي، وعدم استغلال الطفل والمرأة في الحملات الإعلانية بشكل يسيء إليهما"

دعت التوجيهات الصادرة عن الاتحاد الدولي للصحفيين إلى اليقظة والحذر في التعاطي مع قضايا الأطفال حماية للطفل ومصالحه، وعدم استغلاله أو الإضرار به، والالتزام باتفاقيات حقوق الطفل. كما تشدد على احترام حياة الأطفال الخاصة، وتجنب الصور المثيرة للأطفال أو التغطيات التي يمكن أن تضر بالطفل، كما تدعو الإعلام إلى لعب دور الرصد لانتهاكات حقوق الأطفال.

تناول اتفاقية حقوق الطفل وعلى الصحافي احترام هذا الأمر في تحقيقاته بعدم كشف هوية الطفل، أو تحديد الطفل أو عائلته. كما نصت على 3 نقاط أساسية: (1) عدم التمييز، أي المساواة بين الأطفال، (2) إعلاء مصلحة الطفل على ما عداها (3) تبني مبدأ مشاركة الطفل.


خصصت منظمة اليونيسف ميثاق اخلاقي للإعلاميين (تابع الرابط) تحدد لهم فيها كيفية تغطية قضايا الأطفال، وهو الأكثر شرحاً وتطبيقاً في مجال التغطيات الصحفية. وقد تضمن هذا الميثاق:

1) المبادئ: احترام كرامة جميع الأطفال في جميع الظروف. لدى مقابلة الأطفال أو إعداد التقارير عنهم، ينبغي إيلاء اهتمام خاص بحق جميع الأطفال في الخصوصية الشخصية والسرية بما في ذلك حمايتهم من احتمال تعرضهم للأذى والعقاب. •حماية المصالح الفضلى لجميع الأطفال وإعطاؤها الأولية على أي اعتبار آخر، بما فيها اعتبارات كسب الدعم والتأييد لقضايا الأطفال وتعزيز حقوقهم. استشارة أقرب الأشخاص لوضع الطفل حول ما يترتب على التقرير الصحفي من تبعات سياسية واجتماعية وثقافية. الامتناع عن نشر أي قصة إخبارية أو خبر إعلامي أو صورة يمكن أن تُعرض الطفل أو أشقاءه أو أقرانه للخطر، حتى عندما يتم تغيير هوية الطفل أو طمسها.

2) إرشادات عقد المقابلات مع الأطفال: لا تُلحق الأذى بأي طفل، وتجنَّب طرح الأسئلة أو إبداء التوجهات أو الملاحظات المبنية على الاجتهاد. والتقدير أو غير المراعية لحساسية القيم الثقافية، أو التي تضع الطفل في موضع الخطر أو تُعرضه للإهانة، أو التي تبعث من جديد في نفس الطفل الألم والحزن الناجم عن أحداث مؤلمة. لا تميِّز في اختيار الأطفال للمقابلة بسبب جنسهم أوِ عرقهم أو عمرهم أو دينهم أو وضعهم أو خلفيتهم التعليمية أو قدراتهم البدنية. اطلب الإذن من الطفل والوصي عليه من أجل إجراء جميع المقابلات.

3) إرشادات إعداد التقارير الإعلامية عن الأطفال: لا تعمل على إضافة المزيد من الوصم الاجتماعي لأي طفل: تجنّب تصنيف الأطفال إلى فئات، أو توصيفهم بأوصاف تُعرضهم للعقاب. اعمل دائماً على تغيير اسم الطفل، وطمس هويته المرئية في الحالات التي يتم فيها تعريف الطفل بضحية للإساءة الجنسية أو الاستغلال الجنسي، مرتكباً إساءة بدنية أو جنسية، مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية، متَّهماً أو مداناً بارتكاب جريمة. غير اسم الطفل وطمس هويته في الظروف التي قد تُعرّضه لخطر إلحاق الأذى به أَو عقابه، أَو لإمكانية وقوع مثل هذا الخطر.

4) حماية الأطفال المعرضين للخطر: أكدت اتفاقية حقوق الطفل على حق كل طفل في الخصوصية، ويشمل هذا الأمر جميع وسائل الإعلام. ويجدر تذكر هذه الحقيقة دائماً عند إنتاج التحقيقات.

يتطلب الدور المحوري الذي احتلته وسائل الإعلام والاتصال في حياة الطفل وفي العملية التربوية وفي الحياة الاجتماعية عموماً، وضع خطة عمل واسعة تشمل جميع الأفرقاء، بهدف تطويع التقنيات الجديدة لمصلحة الطفل والمجتمع، وتفادي الإساءات التي يمكن أن تنتج عنها. كما يتطلب الأمر يقظة كبيرة من الصحافيين وأصحاب المؤسسات الإعلامية؛ لكونهم باتوا مسئولين في جزء كبير عن ضمان الحفاظ على حقوق الأطفال.

المرجع: دليل الإعلاميين العرب لنشر ثقافة حقوق الطفل ومناهضة العنف ضد الاطفالالمجلس العربي للطفولة والتنمية​.

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي الخبير في مجال الوقاية من العنف ضد الاطفال


٢٬٧٦٣ مشاهدة
bottom of page