top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

عواقب استخدام الأطفال للتكنولوجيا الرقمية غير المنضبطة

التكنولوجيا الرقمية: تعني استخدام الهواتف الخلوية، الحواسيب اللوحية iPads الحواسيب المحمولة laptops الحواسيب الشخصية، القارئات الإلكترونية e-Readers، التلفزيونات الرقمية المتصلة بالإنترنت، أجهزة الصوت و/ أو الصورة الرقيمة and iPodsVideo Streaming، الكاميرات الرقمية المتصلة بالإنترنت، الساعات الرقمية المتصلة بالإنترنت، والتطور لا زال مفتوحا لإنتاج المزيد من هذه الأجهزة الرقمية...

الأثر الخطير على الأطفال لا يكمن في ماهية الجهاز الإلكتروني نفسه، بل في المحتوى الرقمي لهذا الجهاز على سبيل المثال وليس الحصر؛ المحتوى المتضمن كراهية، عنف، مخدرات او محتويات جنسية، الخ...

الطفل: هو من لم يبلغ الثامنة عشرة سنة.

عواقب استخدام الأطفال للتكنولوجيا الرقمية غير المنضبطة
عواقب استخدام الأطفال للتكنولوجيا الرقمية غير المنضبطة

فوائد تكنولوجيا المعلومات على الاطفال

خلال العقد الماضي كان هناك تقدم هائل في مجال التطور التقني وشيوع الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، نتج عنهما فوائد ومنافع جمة، وقد رافق ذلك مجازفات ومخاطر عديدة على المواطنين بما فيهم الأطفال وبالتالي نشأت ضرورة ملحة لمزيد من الجهود الوطنية في سبيل الموائمة بين هذه المنافع وحماية المجتمع بما فيهم الأطفال من الجوانب السلبية المحققة لهذه التكنولوجيا، وهذا يشكل تحد كبير أمام أجهزة الدولة لا يجوز التراخي بالتعامل معه.

إن الوصول إلى المعلومات حقٌ من حقوق الطفل، وفي وقتنا الحاضر تعتبر مواقع الإنترنت وأجهزة الحاسوب المحمولة والأجهزة اللوحية وسائل أساسية في نقل المعارف الجديدة للطفل وإكسابه السلوكيات والقيم الاجتماعية الإيجابية والهادفة والموجهة.

في مجال حماية الطفل من كافة أشكال العنف والاستغلال وفرت هذه التكنولوجيا للمهنيين في القطاعات الصحية والاجتماعية والقانونية، وبشكل مؤكد وموثق، النفاذ للأبحاث والمعلومات المعرفية المتعلقة بأشكال العنف ضد الطفل ووسائل مواجهته، واستعملت بشكل مباشرة في حماية الأطفال كاستخدام الكاميرات الرقيمة المحوسبة في الرقابة الوقائية على أماكن تواجد الأطفال، كما استخدمت في توثيق أشكال العنف وسبل الوقاية والاستجابة له.


عندما لا يخضع محتوى المواد الرقمية عل مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت، لمراقبة كافية من قبل الوالدين أو مقدمي الرعاية الآخرين، فإن الأطفال سيتعرضون حتما لمشاهدة مواد تتصف بالعنف تشمل (1) المواد الإباحية (2) العاب الفيديو ذات مضمون يتصف بالعنف (3) أفلام سينمائية أو مقاطع فيديو تروج لسلوك العنف (4) أفكار ومناهج فكرية فاسدة ومنحرفة ضد إجتماعية (5) سلوكيات شخصية مضرة ومفسدة وترويج للعقاقير والمواد المخدرة.

مشاهدة هذه المحتويات السلبية تشمل أجهزة الحاسوب العادي والمحمول او الأجهزة اللوحية أو الهواتف المتنقلة الذكية بما تحتويه من برامج ورسائل نصية ورسائل إلكترونية، أو أجهزة العاب الفيديو أو أجهزة الذاكرات المحمولة.

عواقب استخدام الأطفال للتكنولوجيا الرقمية غير المنضبطة
عواقب استخدام الأطفال للتكنولوجيا الرقمية غير المنضبطة

أعراض الإدمان (التحذيرية) على مشاهدة محتوى مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية؟

علامات الإدمان هي نفسية وجسدية

الأعراض النفسية تشمل:

1) الشعور بالتوتر والكرب والشعور بالغضب والإحباط والتهيج عند عدم القدرة للنفاذ للحاسوب او الهاتف الذكي.

2) عند العودة للمنزل مباشرة استخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل قهري.

3) استمرار استخدام الأجهزة لساعات طويلة وقد تمتد لطوال فترة الليل دون نوم.

4) فشل محاولة التوقف عن استخدام الأجهزة رغم المحاولة الجادة لذلك.

5) الانفعال وفقد السيطرة على الكلام والحركات اللائقة أثناء استخدام الأجهزة.

6) توتر كبير في حال انقطاع الأنترنت لأي سبب كان.

7) الانشغال والانهماك بالمحتوى الذي يتم مشاهدته أو اللعب من خلاله.

8) تكرار مشاهد المحتوى في أحلام الطفل.

9) الكذب على الأصدقاء أو أفراد الأسرة بشأن مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل باستخدام الأجهزة.

10) الانعزال الاجتماعي عن الزملاء بالمدرسة وعن الأصدقاء وعن أفراد أسرته.

الأعراض الجسدية تشمل:

1) التعب والإرهاق المستمر.

2) الصداع الشديد وضعف البصر والألم والاحمرار في منطقة العينين.

3) شكوى من الم في الظهر والعنق والرسغين والأصابع.

4) عدم الاكتراث باiلنظافة العامة وفقد مهارات الاعتناء بالحفاظ على الصحة.

الأعراض أعلاه تتفاوت شدتها حسب طبيعة اللعبة، والتفاوت الطبيعي ما بين البشر (القدرة على الجَلد) والقدرة على السيطرة على الانفعالات.


العواقب السلبية الوخيمة بعيدة المدى للإدمان مشاهدة الأطفال لمحتوى المواقع الاجتماعية السلبي واستعمال الألعاب الإلكترونية؟ على الرغم من أن معظم الأعراض المذكورة أعلاه لها تأثيرات قصيرة المدى، إلا أنها تؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى الطويل إذا لم تتم معالجتها بشكل صحيح.

1) العواقب النفسية والسلوكية: تشمل انخفاض أداء الذاكرة للمفردات الكلامية، وانخفاض القدرة على التيقظ البصري.

2) العواقب المتعلقة بارتكاب العنف: تشكل الألعاب الإلكترونية خطر كبير للسلوك العدواني في وقت لاحق وارتكاب عنف الفتيان والعنف الجماعي.

3) اضطرابات النوم والطعام: تجنب النوم وتناول الوجبات المناسبة، وهذه ستؤدي حتما اضطرابات النوم واضطرابات تناول الطعام كالسمنة أو الهزال.

4) العواقب الاجتماعية: بسبب الانعزال الاجتماعي المستمر وفقد الأصدقاء وغياب التواصل الأسري يؤدي كل ذلك إلى الاكتئاب وفقد المهارات الاجتماعية الطبيعية.

5) العواقب الأسرية تشمل اضطراب العلاقة مع الوالدين وأفراد الأسرة الأخرين.


المخاطر التي يتعرض لها الطفل في مجال الاستغلال الجنسي:

1) التعود وإدمان الطفل أو اليافع على مشاهدة المواد الإباحية فيقومون بتحميل وتنزيل هذه المواد الفاضحة بشكل متكرر ويخزنونها في أجهزتهم ويشاركونها مع أصدقائهم أو زملائهم.

2) يتفاقم هذا الوضع ليصبح هناك ظروف يستغل بها الطفل أو اليافع لإنتاج مواد إباحية إن كان منفردا من خلال كاميرة حاسوبه أو هاتفه أو من خلال استدراجه لأنشطة جنسية مباشرة يتم تصويرها واستغلالها ونشرها لاحقا، وفي أغلب الأحيان يتم الاتجار بهذه المواد الإباحية للأطفال..

3) في بعض الأحيان يكون هدف التواصل مع الطفل استدراجه لمكان يتم الاعتداء عليه واستغلاله جنسيا وإن لم يكن ذلك بهدف إنتاج مواد إباحية.

4) في نسبة كبيرة من جرائم الاعتداء الجنسية على الاطفال يتم تصوير فعل الاعتداء إن كان بهدف نزوة مشاهدته لاحقا أو لتهديد الطفل به لإعادة استغلاله، او للإتجار به كمواد جنسية إباحية للأطفال.

5) استخدام الإنترنت كوسيلة للترويج لدعارة الأطفال وبيعهم لممارسة الجنس مع أخرين أن كان مباشرة أو عبر الأنترنت.

6) استخدام الأنترنت للسياحة الجنسية بالترويج للسياح حول ممارسة الجنس مع الأطفال وخاصة الفتيات اليافعات بما في ذلك الزواج المبكر منهن.


واقع الحال:

أظهرت الدراسات العلمية المسندة، المتعلقة بالعنف ضد الأطفال أن هناك عدم كفاية فيما تفعله الحكومات للحد من تعرض الأطفال لمشاهد العنف والإباحية ومشاهد السيطرة واستغلال الذكور للنساء والفتيات في التلفزيون وفي الأفلام والعاب الفيديو والإنترنت، مما يعزز العنف والعدوانية والتحيز ضد المرأة كمعايير إجتماعية راسخة، ويزيد من تقبل العنف والإباحية في المجتمع. لقد تم دراسة المشاكل التي تسببها مشاهدة الأطفال لهذه المواد الإعلامية بشكل جيد في الدول المتقدمة تكنولوجيا إلا أن هذا الأمر، على خطورته، لا يأخذ بجدية في الدول النامية على الرغم من وضوح عواقب هذه العنف المدمرة للفرد والأسرة والمجتمع.

تشير الدراسات أيضا أن الأطفال والشباب الذين لا يتمتعون بمراقبة والدية كافية أو الذين يعانون من ضعف الثقة بأنفسهم أو الذين يفتقدون الموجه القوي في حياتهم معرضون بشكل خاص للعواقب السلبية المتصلة باستخدام الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، وأثبتت الدراسات كذلك أن تأثير مشاهد العنف في الإعلام على الأطفال حتى سن 18سنة، في التلفزيون والإنترنت والأفلام والعاب الفيديو والعاب الكومبيوتر، تودي إلى تأثيرات سلبية على الاستثارة وعلى الأفكار والعواطف وبالتالي حدوث سلوك عدواني لدى الأطفال، وهناك زيادة احتمال تعرض هؤلاء الأطفال عند كبرهم للاضطرابات النفسية والتعود على الكحول والمؤثرات العقلية وحتى ارتكابهم الجريمة.

تحت الغطاء بادعاء الحرية الشخصية والانفتاح أصبحت الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية ووسائل الاتصالات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات، وبالرغم من جهود الحماية الدولية، وسيلة سهلة لترويج البغاء والاستغلال الجنسي التجاري للأطفال بل وللإتجار بهم، وبسبب عولمة هذا الخطر لا يوجد دولة من دول العالم محصنة أو منيعة، بل وهناك وللأسف الشديد شبه شلل تام بالرقابة الحقيقية الفاعلة لأغلب دول العالم على منتجي الألعاب والوسائط الإعلامية المختلفة.


مسؤولية الأهل.

تنبيه الطفل لخطورة هذه الألعاب ومحاول ضبط النفس والسيرة على الوقت والاندماج في الأمور الاجتماعية المدرسية والأسرية. وعلى الرغم من أن هذا الشكل الإدمان لم يدرج في قوائم الأمراض والاضطرابات النفسية، إلا انه يتوجب طلب المساعدة من اختصاصي علم النفس السريري.


مسؤولية الحكومة:

يتوقع من الحكومة أن تقوم بوضع الخطط والتنفيذ والرقابة على برامج الوقاية الأولية التي تستهدف الأطفال في الأسرة والمدرسة ولتوعية عامة أفراد المجتمع بأشكال العنف المرتبط بالأنترنت والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهدف الوقاية من عواقبه على الفرد والأسرة والمجتمع، ويتعدى دور الحكومة هذا إلى وضع معايير علمية وعملية لحماية الأطفال من هذه العنف تضبط محتوى ما يراه الأطفال على الإنترنت والألعاب الإلكترونية، ويتوقع من الحكومة أيضا أن تطور التشريعات وتقر الوسائل لإنفاذ القانون بهدف تجريم كل من يقوم بتوزيع أو امتلاك او التربح من المواد رقمية ذات المحتوى المرتبط بالاستغلال والعنف والإباحية.

وإن كان التعامل مع هذه المشكلة يتطلب تعاوناَ على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع، إلا أن الأهم من ذلك وبكل تأكيد قيام الحكومة بإعداد استراتيجية وطنية لحماية الأطفال من الاستغلال والعنف والإباحية كجزء رئيسي من استراتيجية الاتصالات الوطنية بهدف وضع الضوابط والسياسات والأطر العملية الفعالة، ويجب أن تتحمل شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في القطاع الخاص جزء رئيسيا من الكلفة المالية لبرامج الوقاية الأولية وتوعية المجتمع وبرامج خدمات الحماية من الاستغلال والعنف عبر الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات وكذلك برامج تدريب المهنيين المعنيين باكتشاف هذه الجرائم وتوفير الحماية للأطفال المعرضين للخطر وللأطفال ضحايا هذه العنف. لا يتوقع أن تقوم شركات الاتصالات في القطاع الخاص بهذه المشاركة تطوعيا فقط بل يتوجب على الحكومة إن توفر البيئة التشريعية والإدارية لإلزام هذه الشركات بالمشاركة المالية في حماية الأطفال كونها مقدمة الخدمة التي تتضمن عوامل الخطورة لتعريض الأطفال للعنف والاستغلال والإباحية، وعليها مسئولية أخلاقية ملزمة لا مجال للمداولة حولها.

الدكتور هاني جهشان مستشار أول الطب الشرعي الخبير بحقوق الطفل والوقاية من العنف

عواقب استخدام الأطفال للتكنولوجيا الرقمية غير المنضبطة
عواقب استخدام الأطفال للتكنولوجيا الرقمية غير المنضبطة

٥٠ مشاهدة
bottom of page