top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

التنمر الالكتروني ضد الاطفال


التنمر الالكتروني ضد الاطفال
التنمر الالكتروني ضد الاطفال

التنمر هو سلوك عدائي متكرر من قبل معتدي او أكثر على الطفل الضحية بوجود تفاوت حقيقي او منظور بالقوة بينهما وبشعور الضحية بالعجز والضعف بالدفاع عن نفسه وبسيطرة المعتدي عليه، وهناك تقاطع كبير ما بين التنمر الذي يحدث مباشرة ضد الطفل بالمدرسة، والتنمر الذي يتم من خلال الانترنت، فكلاهما يشمل العنف اللفظي، الاستهزاء، التوبيخ، السخرية والتحقير ونشر الشائعات، والنبذ من مجموعات الأصدقاء.

إن التنمر الالكتروني يجب ألا يتم التسامح إزاءه، والحقيقة المؤلمة لكثير من الأطفال، هي أن الأجهزة الرقيمة والانترنت أصبحت بيئة خصبة لتعرضهم لهذا الشكل من العنف مما يحرمهم من حياة طبيعية تضمن الحفاظ على كرامتهم وحقوقهم.


التنمر الالكتروني عبر الانترنت يحصل من خلال الأجهزة الرقمية كالهاتف الخلوي، أجهزة الحاسوب، والأجهزة اللوحية:

1) صفحات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك، إنستغرام، سناب تشات، وتويتر.

2) الرسائل النصية القصيرة من الهواتف الخلوية.

3) تطبيقات التراسل الرقمية من خلال الواتساب، الفيسبوك وغيرهما.

4) الألعاب الجماعية عبر الأنترنت

5) البريد الإلكتروني.


يرتكب التنمر الإلكتروني عادة من قبل شخص مجهول الهوية للضحية وقد يفصح عنها لاحقا، ولا يتطلب حدوث هذا الشكل من التنمر وجود مرتكبه في نفس مكان وجود الضحية.احتمال حدوثه هو كبير حيث تشير مرجعيات الإحصائية ان ثلث مستخدمي الانترنت على المستوى العالمي هم بعمر أقل من 18 سنة.

الخطر يكمن في أن المعلومات المتعلقة بالتنمر التي تنشر رقميا عن طالب ما، يمكن النفاذ إليها في اغلب الأحيان من قبل العموم بما فيهم زملاء وأصدقاء هذا الطالب، والمعلمين وموظفي المدرسة، وأي ناد او مؤسسة يلتحق به الطالب، وهذه المعلومات من المستحيل السيطرة عليها مستقبلا عقب نشرها على الانترنت فقد يستمر تداولها للعديد من السنوات. العواقب السلبية المرتبطة بالتنمر ليس فقط تسيء للطالب بل لأهله وللمدرسة، وتتصف المعلومات المتعلقة بالتنمر خطيرة:

1) كونها متوفرة على مدار الساعة فهي تسبب الضرر المستمر على الطالب.

2) يمكن الرجوع اليها من قبل أي شخص وبأي وقت في المستقبل مما يتيح تكرار التنمر.

3) بسبب القدرة على اكتشاف الشخص الذي ارتكب التنمر.

مظاهر التنمر الإلكتروني

1) التحرش الكلامي في غرف الدردشة المفتوحة باستخدام عبارات او القاب او صور توجه لطفل معين بقصد ازعاجه والضغط عليه نفسيا، وعادة ما يتم تكرار هذه الرسائل ضد الطفل من قبل نفس المعتدي.

2) نشر معلومات عن الطفل بواسطة رسائل الكترونية او صور او مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي او بواسط البريد الإلكتروني او بواسطة رسائل نصية او عبر تطبيقات الهاتف الخلوي الواتساب، وقد تكون هذه المعلومات ذات مصدر حقيقي او ملفقة او شائعات، لكنها تهدف إلى مضايقة الطفل وتشويه سمعته وتهديده بإرسالها له مباشرة او لأصدقائه وزملائه بالمدرسة.

3) استهداف الطفل واستغلاله جنسيا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة والمدونات، ومن ثم التشهير به، وتهديده، ويشمل ذلك الصور الخلاعية للأطفال، والاستغلال الطفل المتعرض للتنمر بأن يقوم بأنشطة جنسية عبر الانترنت او بشكل مباشر.

4) انتحال هوية الطفل واسمه من قبل المسيء ومن ثم والتواصل بطريقة قاسية، سلبية أو غير مناسبة مع الاخرين تشوه الصورة الاجتماعية للطفل ولسمعته، إن كان بفتح صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي جديدة او باستخدام كلمة مرور الضحية عقب قرصنتها.

5) نبذ الطفل في مجموعات الدردشة او من على صفحات التواصل الاجتماعي من قبل طفل او مجموعة اطفال اخرين له الاثر النفسي السلبي على الطفل كما في غرف الصف او ساحة المدرسة، ويتم ذلك على سبيل المثال في الفاسبوك بمنعه كصديق او ازالة صفة صديق عنه.

6) ارسال رسائل التهديد والاذلال بشكل متكرر من قبل شخص او اشخاص لهم هوية غير حقيقة.

7) تصوير التنمر والتحرش اثناء حدوثه بالغرف المدرسية او ساحة المدرسة او المرافق الصحية للمدرسة، ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي او البريد الالكتروني او الواتساب.

هذا النوع من التنمر يسمح للمعتدي أي يبقى مجهول الهوية، ويكرر الاعتداء باي وقت، ويتفاقم الخطر بكون الرسائل والصورة المستخدمة تنتشر بسرعة هائلة إلى جمهور واسع وعلى الاغلب ان يفقد السيطرة عليها كليا.

عواقب التنمر الإلكتروني:

يؤدي التنمر عبر الإنترنت طويل الأمد او المتكرر إلى جعل الضحايا عرضة لخطر التوتر والقلق والخوف والاكتئاب والارتباك والغضب وانعدام الشعور بالأمن وانخفاض الثقة بالنفس والشعور بالعار والاضطرابات المرتبطة بالكرب وقد يصل ذلك للانتحار.، وشدة العواقب أيضا تعتمد بشكل غير مباشر على "جَلد الطفل" Resilience وهي القدرة المتفاوتة طبيعيا ما بين البشر على تحمل الكرب، فعندما يكود جًلد الطفل منخفضا قد يعاني من عواقب التنمر الإلكتروني من حدث واحد.

مؤشرات عواقب تعرض الطفل للتنمر الإلكتروني:

ملاحظة ان الطفل بحالة انزعاج وتوتر وكرب أثناء او بعد استخدام الانترنت أو الهاتف او الحاسوب.

ملاحظة انه يتصرف بسرية وحماية مبالغ بها أثناء استخدامه الانترنت.

الانسحاب من الحياة الاجتماعية للأسرة والأصدقاء والنشاطات الرياضية.

يتجنب لقاء زملائه بالمدرسة، والتغيب عنها.

نوبات غضب أثناء وجوده بالمنزل او المدرسة.

اضطرابات المزاج والطعام والنوم.

الرغبة المفاجأة لعدم استخدام الهواتف الخلوية أو الحاسوب أو أي أجهزة رقمية أخرى.

ملاحظة معاناته من حالة توتر وكرب عن وصول رسالة نصية له او تنبيه لتطبيق رقمي او بريد الكتروني.

يتجنب الكلام حول الأجهزة الرقمية او الهاتف المحمول.

على من تقع مسؤولية مواجهة التنمر الألكتروني وعبر الانترنت:

يتوقع من الدولة أن تقوم بوضع الخطط والتنفيذ والرقابة على برامج الوقاية الأولية التي تستهدف الأطفال في الأسرة والمدرسة ولتوعية عامة أفراد المجتمع بأشكال العنف المرتبط بالأنترنت والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهما في ذلك التنمر الإلكتروني، وذلك بهدف الوقاية من عواقبه على الفرد والأسرة والمجتمع.

إن كان التعامل مع هذه المشكلة يتطلب تعاوناَ على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع، بالكشف المبكر لحالات التنمر الإلكتروني والتبليغ عنها، إلا أن الأهم من ذلك وبكل تأكيد ان تكون هناك جهة رسمية معروفة ومعلن عنها تستقبل هذا التبليغ وتستجيب له بمهنية وسرية وبمرجعية قانونية (وحدة الجرائم الإلكترونية في إدارة حماية الاسرة تستجيب عادة للجرائم التي تشمل استغلال جنسي عبر الانترنت) وان تكون هذا الخدمات بمرجعية استراتيجية وطنية لحماية الأطفال من الاستغلال والعنف الإلكتروني.

لا يتوقع أن تقوم شركات الاتصالات في القطاع الخاص بهذه المشاركة تطوعيا بمواجهة هذه المشكلة بل يتوجب على الدولة إن توفر البيئة التشريعية والإدارية لإلزام هذه الشركات بالمشاركة في حماية الأطفال من التنمر الإلكتروني والجرائم الرقمية الأخرى التي يتعرض لها الأطفال.

التنمر في الاتفاقيات الأممية:

ورد في تعليق لجنة حقوق الطفل في جنيف وهي المرجعية الأممية لتطبيق اتفاقية حقوق الطفل، والذي يحمل رقم 13 لسنة 2011 ان التنمر شكل من أشكال العنف الوارد في المادة 19 من الاتفاقية التي تنص على {1. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته. 2. ينبغي أن تشمل هذه التدابير الوقائية، حسب الاقتضاء، إجراءات فعالة لوضع برامج اجتماعية لتوفير الدعم اللازم للطفل ولأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم، وكذلك للأشكال الأخرى من الوقاية، ولتحديد حالات إساءة معاملة الطفل المذكورة حتى الآن والإبلاغ عنها والإحالة بشأنها والتحقيق فيها ومعالجتها ومتابعتها وكذلك لتدخل القضاء حسب الاقتضاء.}وعليه هناك مسؤولية مباشرة للحكومة ان تنفذ برامج وقائية وعلاجية تتعامل مع ظاهرة التنمر في الأردن.

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي

الخبير في حقوق الطفل والوقاية من العنف


١٬٢٨٤ مشاهدة
bottom of page