top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

عواقب زواج الاطفال

بناء على قرار مجلس الامة بنوابه واعيانه حول انتهاك حقوق الطفل بقرار السماح بزواج من اتمت الخامسة عشرة، بهذه المشاركة سنسمي الامور بأسمائها؛ فليس من المستساغ او المنطق ان نتكلم عن "الزواج المبكر" وهو بالواقع "زواج الاطفال" حسب الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية والعلوم المعرفية المسندة في مجالات الطب وعلم النفس وعلم الاجتماع ومعارف الوقاية من العنف والاستغلال. رابط عن قرار مجلس النواب

عواقب زواج الاطفال
عواقب زواج الاطفال

أولا: زواج الاطفال هو انتهاكا للمبادئ الأساسية للصحة الإنجابية وهي توفر علاقة جنسية متكافئة ما بين الزوجين، والقدرة الجسدية على الحمل الطبيعي والولادة الطبيعية، وكذلك القدرة على اتخاذ القرار بتحمل مسئولية رعاية الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية، وباعتماد تعريف منظمة الصحة العالمية بإن "الصحة هي اكتمال المعافاة الجسدية والنفسية والاجتماعية وليس مجرد انتفاء المرض"، فإن زواج طفلة أو يافعة لم تتجاوز 22 عاما لا يتصف بأي حال من الأحوال بالمعافاة الجسدية والنفسية والاجتماعية ولا يحقق مبادئ الصحة الإنجابية الأساسية، باعتبار أن هذا الزواج لا يتوقع أن تكون العلاقة الجنسية به متكافئة، ولا يشكل جسم الطفلة أو اليافعة بيئة طبيعية لحمل طبيعي ولا يكون ملائما لولادة طبيعة، ويمتد ذلك إلى غياب الاستعداد النفسي والاجتماعي في هذا العمر المبكر للتعامل مع الأطفال كأبناء تقدم لهم احتياجاتهم الأساسية.

ثانيا: زواج الاطفال يشكل انتهاكا صارخا لقيم إنسانية لها علاقة بالطبيعية البشرية وهي القرار الناضج بمفهوم ممارسة الجنس والقرار الواعي بالإنجاب، والذين من المستحيل توفرهما لدى طفلة أو يافعة. إن الفتيات اللواتي يتزوجن بعمر مبكر لا يكن قادرات على استخدام وسائل تنظيم الأسرة إن كان ذلك بسبب عدم المعرفة بوسائل التنظيم أو بسبب إرغامهن على حمل قسري وبالعادة تكون ولادة أول طفل لهن في العام الأول لزواجهن، كما وأن إحتمال تعرضهن للعدوى بالأمراض الجنسية المعدية بما فيها الإيدز يكون أضعاف إحتمال تعرض الأكبر سنا لهذه الأمراض بسبب غياب المعرفة في هذا العمر المبكر وعدم السماح لهن باستخدام الوسائل الوقائية، ومما يفاقم هذه الأمور سوء هو أن الزواج المبكر مرتبط بظروف إجتماعية تتصف بالجهل وغياب التعليم والفقر والانعزال الاجتماعي. ثالثا: لعواقب الطبية المباشرة للحمل المبكر وبالتالي الولادة المتعلقة به، تتمثل في زيادة إحتمال موت الأم بسبب عوامل الخطورة المتعلقة بصغر عمر الحامل، وزيادة إحتمال حدوث الولادة المبكرة قبل استكمال الأشهر الرحمية التسعة، وزيادة نسبة المضاعفات أثناء الولادة، وقلة وزن الوليد، وزيادة إحتمال حدوث الإجهاض والموت داخل الرحم أو عقب ولادة الجنين مباشرة. هذا المخاطر الطبية المباشرة تمتد إلى فترة ما بعد الحمل والولادة إلى مضاعفة احتمالية وفاة الطفل الرضيع في السنة الأولى من عمره، بما يعرف بوفاة المهد، وكذلك تمتد إلى صحة الأم المستقبلية بزيادة إحتمال تعرضها للأمراض المزمنة الشائعة كارتفاع الضغط والسكري، وزيادة عدد أحمالها وما يتبع ذلك من عواقب ومضاعفات قد تهدد حياتها.

عواقب زواج الاطفال
عواقب زواج الاطفال

رابعا: العواقب الاجتماعية المتعلقة بزواج الاطفال تتكون من القضاء على فرصهن بالتعليم وبالتالي ضعف الاستقلالية وغياب فرص الاعتماد عن النفس، ويشكل الزواج المبكر شكلا من أشكال العزلة الاجتماعية وما يرافقها من عواقب نفسية على الفتاة، وأيضا هناك زيادة إحتمال حدوث الطلاق الفوري او المتأخر أضعاف حدوثه في الزواج المتكافئ، وهو أيضا مرتبط بتعريض الفتاة لمخاطر التشرد وما يرتبط بذلك من إحتمال تعرضها للاستغلال الجنسي والدعارة، وأيضا زيادة إحتمال قيامها بإجهاض نفسها بطرق غير قانونية وبالتخلص من وليدها بهجره كلقيط أو حتى قتله.

خامسا: العواقب النفسية لزواج الاطفال تتكون من اضطرابات في الوظائف الجنسية وعدم الانسجام الجنسي، والكآبة والقلق والتوتر، ومشاكل الطلاق العاطفي، وزيادة إحتمال تولد اضطرابات الغيرة والشك بين الزوجين، وأيضا اضطراب العلاقات الاجتماعية الطبيعية بين المرأة وأهلها والمجتمع وبين المرأة وأبنائها، كما وانه هناك عواقب التأقلم مع الطلاق في حال حدوثه لدى عودتها لأسرتها أو للمجتمع وما قد يرافق ذلك من بطالة وفقر.

سادسا: زواج الاطفال شكل من أشكال العنف: إن إكراه المرأة على الزواج المبكر هو سلوك يتعدى كونه غير شرعي وغير قانوني وغير أخلاقي إلى أنه شكل من أشكال العنف ضد المرأة وشكل من أشكال العنف ضد الطفل بمرجعية أن مرحلة الطفولة هي أقل من 18 سنة، تتعرض خلاله الفتاة لمعانة نفسية شديدة من قبل والدها أو وليها الشرعي، وإن وافقت الفتاة على مضد على هذا الزواج وأُجيز قانونيا فإن حياتها مع زوج لا تكن له المودة والرحمة، سيعرضها بالإضافة للعنف النفسي إلى أشكال أخرى من الإيذاء والعنف الجسدي، وإلى ممارسات تصنف بالإساءة الجنسية من قبل زوجها. هناك أيضا زيادة في إحتمال لتعرضهن للعنف الأسري القاتل (جرائم الشرف) بسبب صغر عمرهن وعدم درايتهن بأمور الحياة، وللإيذاء الجسدي من قبل أقاربها إذا رفضت الزواج أن الأفعال والممارسات الجنسية التي يقوم بها الزوج مع زوجته الطفلة (أقل من18سنة) تشكل عنفا جنسيا في المفهوم الطبي والنفسي وإن لم يعاقب عليها بنصوص قوانين العقوبات، كما وأن هناك زيادة واضحة في إحتمال تعرض الزوجة القاصر لأنشطة جنسية شاذة من قبل زوجها من مثل ممارسة الجنس على خلاف الطبيعة (شرجيا) معها أو كالاستمتاع الجنسي السادي.

الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي الخبير في حقوق الطفل ومواجهة العنف



١٢٩ مشاهدة
bottom of page