top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

المثليون والمثليات ومزدوجي التوجه الجنسي، في التشريعات الاردنية؟

شهدت مختلف المجتمعات والدول مؤخرا، بما فيها الأردن، نشاطات ودعوت كسب تأييد للمثليين والمثليات ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسيا، ما يطلق عليهم اسم مجتمع LGBT وهذه النشاطات والدعوات المشبوهة هي عبارة عن ضغوطات تمارس من قبل بعض الدول الغربية ومن قبل هيئات الأمم المتحدة وخاصة على الدول الإسلامية لإجبارها على قبول ما يسمى حقوق المثليين باسم حقوق الإنسان مما أدى الى بروز تحديات ومخاطر تهدد هوية وثقافة المجتمعات العربية والإسلامية.

المثليون والمثليات في التشريعات الاردنية
المثليون والمثليات في التشريعات الاردنية

هناك 18 دولة عربية جرمت الأفعال الجنسية المثلية (رابط الملحق عن هذه الدول)، والأردن احدى الدول العربية الخمسة التي لم يرد في قوانينها نص واضح يجرم المثلية الجنسية، على الرغم من انتهاكها للأعراف المجتمعية والثقافة العربية والإسلامية السائدة ورفضها القطعي والعلني من قبل مختلف مكونات المجتمعات المحلية بمختلف فئاتها الدينية والاثنية والثقافية والسياسية. انه لمن المستغرب السلبية ولامبالاة الحكومة الاردنية في مواجهات مخاطر وعواقب النشاطات والحملات التي يقوم بها المثليون بدعم من الأمم المتحدة والدول الغربية، وقد وثق وجود مثل هذه الحملات والنشاطات في الجامعات وحتى في المدارس.


التشريعات الأردنيةالمتعلقة بالمثلية:

كان النشاط الجنسي المثلي غير قانوني في الأردن بموجب قانون العقوبات للانتداب البريطاني (رقم 74 لعام 1936) حتى عام 1951 عندما صاغ الأردن قانون العقوبات الخاص به بعد حصوله على الاستقلال في عام 1946وهذا القانون لم يجرم المثلية الجنسية. جميع تعديلات قانون العقوبات الاردني ولغاية الوقت الحالي لم تجرم او تعاقب الأنشطة الجنسية المثلية، وهذا يعني ان السلوك الجنسي المثلي بحد ذاته في الاردن ليس غير قانوني، لكن يمكن ملاحقة المثليين قضائيا مثل باقي المواطنين في حال رافق الفعل الجنسي المثلي انشطة تصنف تحت جرائم خدش الحياء العام وتعطيل الاخلاق العامة، او العنف الجنسي بدون رضا احد المثليين، او اشتراكهم في التصوير الخلاعي او ممارسة الدعارة او تواجد الذكور منهم في الأماكن العامة المخصصة للنساء.

عاقب قانون العقوبات للانتداب البريطاني المثلية الجنسية بالأردن بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، حتى عام 1951 أي عندما اعتمد الأردن قانون العقوبات الخاص به الذي لم يعاقب على المثلية الجنسية. في عام 1951وعند مراجعة قانون العقوبات الأردني الذي حل محل البريطاني، فإنه لم يتطرق لعقاب الأنشطة الجنسية المثلية من قبل البالغين بالتراضي، وبمرجعية ان المبدأ التشريعي بالقانون والدستور الاردني يعتمد أن {لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص} لا يمكن اعتبار الافعال الجنسية المثلية بالتراضي جريمة أو فرض عقوبة عليها، أذا تمت من قبل بالغين اعمارهم تجاوزت ثمانية عشر سنة، وبمكان خاص بهما وبدون مردود مالي وبغض النظر عن جنسهما، إن كان ذكر او انثى، او توجهما الجنسي. وجود هذا المبدأ بالقانون الأردني لا يعني مطلقا السماح بالمظاهر والأنشطة المثلية العلنية او السماح بتأسيس جمعيات او نوادي خاصة بالمثليين ولا يعني أيضا السماح بنشر دعوات وبرامج كسب التأييد لهم، او تضمين الترويج لهم ولنشاطهم الاجتماعي بالصحافة والاعلام او في الجامعات والنوادي الثقافية او المدارس، وهذه جميعها يحكمها معايير وقوانين اخرى خاصة بها واغلبها بمرجعية الشريعة الإسلامية وهي احدى اهم مصادر التشريع الأردني التي تهدف الحفاظ على الاسرة والمجتمع.

التشريعات الأردنية منذ عام 2013 لا تعتبر الممارسة الجنسية المثلية، كباقي الممارسات الجنسية، ظروف تستدي تخفيف العقاب على من يرتكب ما يسمى جرائم القتل والايذاء بداعي الشرف.

بسبب عدم تقبل المثلية الجنسية في الأردن اجتماعيا ودينيا وثقافيا، فإن القانون الأردني يسمح للشرطة والحكام الإداريين بمنع تنظيم نشاطات المثليين حماية للسلم العام.

فيما يختص نشر نشاطات وبرامج الدعم والتمكين وكسب التأييد للمثليين في الصحافة والاعلام الأردني فإنه يتم منعها بمرجعية المادة 5 من قانون المطبوعات والنشر لعام 1998 والمعدل عام 2004 والتي ورد بها {على المطبوعات احترام الحقيقة والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان وقيم الأمة العربية والإسلامية} والسند ان المثلية الجنسية تخالف بشكل جلي قيم الامة العربية والإسلامية، كما هو موثق بالشريعة الإسلامية والتي تعتمد كمصدر رئيسي للتشريع الأردني كما ورد بالدستور.

على الرغم من غياب نص واضح في التشريعات الاردنية يمنع أي نشاطات للمثليين في الأماكن العامة ومهما كانت طبيعتها، الا إن الحكام الإداريين في وزارة الداخلية الموكل لهم تنفيذ قانون الاجتماعات العامة رقم ٧ لسنة ٢٠٠٤، لديهم سلطة تقديرية من خلال قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 لمنع أي نشاط للمثليين إن كان اجتماع او احتفال او او مسيرة او برنامج كسب التأييد لنفس الاعتبارات السابق ذكرها، أي كونها مخالفة لقيم وثقافة الامة العربية والإسلامية، وتخرق الشريعة الإسلامية التي هي احد اهم مصادر التشريع الأردني، ولنفس هذه الأسباب لا يتم الموافقة والسماح لأي نشاطات كسب تأييد للمثليين في الجمعيات والنوادي والمؤسسات الثقافية والجامعات والمدراس، فقد ورد في المادة ٥ من قانون الاجتماعات العامة ما يلي {يعتبر كل اجتماع عام يعقد او مسيرة تنظم خلافا لاحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة بموجبه عملاً غير مشروع}


هل يعاقب القانون الاردني على الانشطة الجنسية بين المثليين؟

الأنشطة الجنسية المثلية بالرضاء الصحيح، لمن أعمارهم فوق الثامنة عشرة سنة، لا تشكل جريمة بحد ذاتها لأنه لم يرد نص يجرم هذه الأنشطة واعتمادا على المبدأ العام "بأن لا جريمة إلا بنص" فهي ليست جرائم بمرجعية القانون الأردني.

جريمة الزنا وجريمة السفاح (زنا المحارم) في نصوص القانون الأردني هي جرائم ترتكب من قبل بالغين عاقلين بالتراضي (دون عنف، أو غصب، أو خداع، أو تضليل) والجريمتان ترتكب من قبل رجل وامرأة ويجب إثبات حصول إيلاج القضيب في المهبل لتقوم هذه الجرائم، وعليه فإن الأنشطة الجنسية المثلية لا تشكل جريمة زنى او سفاح، حتى وان شارك بها رجل متزوج أو امرأة متزوجة.

جرائم العنف الجنسية التي تتحقق أركانها بوجود نشاط جنسي بدون رضاء صحيح من قبل الضحية فتكون أما: (1) جرائم الاغتصاب وهذه تستوجب أن يكون الجاني ذكر والمجني عليه أنثى ولا تتحقق أيضا الا بإيلاج القضيب في مهبل المجني عيها وعليه فهي خارج نطاق أية أنشطة جنسية مثلية، أما (2) جرائم هتك العرض فهي أي نشاط جنسي يستطيل الى عورة من عورات المجني عليه بدون رضاء صحيح منه بذلك، وقد يكون الجاني ذكر أو أنثى وقد تكون الضحية ذكر أو أنثى، وعليه قد تشكل الأنشطة الجنسية المثلية الفعل الجرمي لهذه الجريمة إذا وقعت من ذكر على ذكر أو من انثى على أنثى، الا أن المرجع بالعقاب هو عدم رضاء الضحية وليس ماهية الفعل الجنسي المثلي.

جرائم التحرش الجنسي وهي المداعبة بصورة منافية للحياء (المادة 305 عقوبات) او توجيه كلام منافي للحياء (المادة 306 عقوبات) وترتكب بالأعم الاغلب من الحالات من قبل ذكر وتكون الضحية أنثى، الا انه في حالات نادرة قد يحدث العكس، أو أن يكونا المتحرش والضحية من نفس الجنس، وعليه قد تشكل المثلية الجنسية دافعا لارتكاب جرائم التحرش الجنسي، إذا وقعت من ذكر على ذكر أو من انثى على أنثى، وتتحدد طبيعة الجريمة والعقاب بفعل التحرش ذاته وليس كونه مثليا أو مغايرا.

جرائم الفعل المنافي للحياء العام، في حال قيام المثليون أو المثليات بأنشطة جنسية علنية فإنها تشكل جريمة "فعل منافي للحياء العام" بمرجعية المادة (320 عقوبات)، وهنا أيضا تعتبر هذه الأفعال جريمة لأنها حصلت في مكان عام وليس لأنها أفعال جنسية مثلية.

خرق حرمة الأماكن الخاصة بالنساء، إذا تواجد الذكور "متغيري الهوية الجندرية" بأماكن مخصصة للنساء واكتشف أمرهم فقد يعاقبوا بنص المادة (307 عقوبات) والتي تنص على "كل رجل تنكر بزي امرأة فدخل مكاناً خاصاً بالنساء او محظوراً دخوله وقت الفعل لغير النساء، عوقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، ولم يرد نص مشابهة لتنكر النساء في الأماكن الخاصة بالرجال.

جرائم انتحال الهوية إذا قام "متغيري الهوية الجندرية" بإخفاء هويتهم الحقيقية بهدف جلب المنفعة لأنفسهم أو لغيرهم أو بهدف الاضرار بحقوق المواطنين فيعاقبوا على جريمة انتحال الهوية بموجب المادة (269 عقوبات).

جرائم المواد الإباحية: يعاقب القانون الأردني بالمادة (319عقوبات) على الاتجار وعرض والاعلان عن المواد الإباحية، ويعاقب قانون الجرائم الإلكترونية الأردني بموجب (المادة 13) منه على تداول كل ما هو مسموع أو مقروء أو مرئي من الأعمال الإباحية للأطفال اقل من 18 سنة، وتطبق هذه المواد دون التفرقة فيما إذا كانت تحتوي على أنشطة جنسية مثلية أم مغايرة.

قانون منع الجرائم: كون الشخص ذو ميل مثلي أو اذا قام بالفعل الجنسي المثلي في مكان خاص، فإن هذا لا يشكل جريمة بالتشريعات الاردنية السارية بسبب غياب نص يجرم ذلك في قانون العقوبات المطبق حاليا، وعليه لا يوجد دور للحاكم الاداري في تطبيق قانون منع الجرائم على المثليين، الا أن دور الحاكم الاداري والسلطة القضائية هام في التعامل مع المثليين اذا رافق نشاطهم (1) أفعال علنية منافية للحياء العام أو (2) اجتماعات غير قانونية، أو (3) اذا كانت أنشطتهم المثلية تشكل جرائم من مثل التحرش الجنسي بالأخرين أو (4) خرق حرمة الاماكن الخاصة بالنساء أو (5) انتحال الهوية، او (6) إذا كان النشاط الجنسي المثلي موضوع لمواد إباحية. في الأعم الاغلب من الحالات يتم منع المثليين من أي نشاط بسبب قناعة الحاكم الإداري بان النشاط المثلي مخالف وينتهك المعايير الاجتماعية والثقافية والدينية للمجتمع الأردني العربي المسلم.


الجدل حول انتهاك حقوق المثليات والمثليين:

مع وجود اتفاق تام ان تعريض اي إنسان، وإن كان مثلي، للعنف أو التعذيب أو للترهيب هو امر مرفوض تماما ويشكل جريمة يعاقب مرتكبها حسب القانون الاردني، الا أن امر تأقلمهم الاجتماعي إن كان بالأسرة أو المجتمع أو أماكن العمل، والذي يشكل معاناة نفسية كبيرة لهم، لا يتم بقمعهم أو عقابهم او نبذهم، بل بتوفير السبل والوسائل لدعمهم نفسيا واجتماعيا وتوفير فرص الإرشاد النفسي لهم لتغيير ميولهم الجنسية من المثلية للمغايرة، وهذه البرامج بكل تأكيد ليست دواعي لكسر القواعد الإجتماعية الراسخة للمجتمعات التي رفضت قرارات الامم المتحدة، ولا تشمل بأي حال من الاحول التشبه بالدول الغربية بالتعامل معهم من مثل السماح لهم بتشكيل قوى ضغط مجتمعية، ومؤسسات مجتمع مدني خاصة بهم او السماح اجتماعيا لهم بالمساكنة.

الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي

الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة

٤٠٣ مشاهدات
bottom of page