top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

الوقاية من العنف الجنسي ضد الاطفال


 الوقاية من العنف الجنسي ضد الاطفال
الوقاية من العنف الجنسي ضد الاطفال

الوقاية من العنف الجنسي ضد الاطفال

عواقب العنف الجنسي على الأطفال تأخذ اشكال مختلفة كما يلي:

  1. العواقب الجسدية المباشرة التي تلحق الأذى والمرض بالطفل كإصابات الأعضاء التناسلية او الإصابات المرافقة لها في عموم الجسم، وتعرض الطفل للأمراض الجنسية المعدية بما فيها مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز.

  2. العواقب النفسية: يرافق جميع حالات العنف الجنسي ضد الأطفال حصول عواقب نفسية وسلوكية مباشرة ومتوسطة المدى وتشمل القلق المزمن، الاكتئاب، محاولات الانتحار، الفصام وأيضا اضطرابات الأكل، اضطرابات النوم، ضعف التكيف الاجتماعي، وعلى المدى البعيد تولد السلوك الجرمي وارتكاب العنف، وانحراف الأحداث، وأيضا ارتفاع معدل السلوكيات الخطرة مثل السياقة الخطرة، التدخين، السمنة، الانحراف الاخلاقي، ادمان الكحول وتعاطي المخدرات.

  3. العواقب الاقتصادية والإجتماعية: على الدولة تشمل التكاليف المالية للخدمات الصحية المباشرة أو غير المباشرة، تكاليف علاج وتأهيل الإعاقات والأمراض النفسية، تكاليف خدمات الرعاية الاجتماعية، تكاليف خدمات الوقاية والحماية من العنف، تكاليف خدمات الرعاية البديلة، تكاليف التعامل مع الجريمة وتكاليف مراكز الإصلاح، وفقدان أو تدني الكسب المادي، وحصول الوفاة المبكرة.

  4. عواقب الصحة الانجابية، كحصول الحمل لدى الضحايا اليافعات واضطرابات الصحة الإنجابية واضطرابات الوظائف الجنسية والعقم.

  5. تصل العواقب العنف الجنسي للوفاة إن كان بالقتل خلال الاعتداء عليه لإخفاء التعرف على القاتل او لدوافع نزوات شاذة، وقد يؤدي العنف الجنسي للوفاة بسبب تفاقم العدوى بمرض الأيدز، او خلال الإجهاض غير القانوني للفتاة الحامل أو الوفاة بسبب انتحار المراهق بالناتج عن الكآبة كأحد عواقب العنف الجنسي

تأسيسا على الحقيقة العلمية بوجود هذه العواقب وجب التعامل مع الوقاية من العنف ضد الأطفال قبل حصوله وخاصة العنف الجنسي، لان حالة الطفل بعد التعرض للعنف الجنسي لا يتوقع ان ترجع للوضع الطبيعي مهما قدم له من رعاية نفسية واجتماعية، ويعتبر العنف الجنسي مدمر لحياة الطفل كمرض السرطان تماما يتوجب الوقاية منه قبل حدوثه بتوعية عموم المجتمع بكافة المراحل العمرية، وتقديم برامج خاصة لفئات المجتمع المعرضين للخطر أكثر من غيرهم للحيلولة دون وقوعه.

في المجتمعات العربية ترتبط المعارف الجنسية بالخجل وتجنب التوعية بها، ان كان من الأهل داخل الأسرة او من قبل المعلمين، وفي العادة يصاب راعي الطفل او المدرس بالارتباك والتشويش عندما يستفسر الطفل عن أمور غامضة تتعلق بالجنس، وبالتالي يلجأ الطفل او المراهق لوسائل أخرى للحصول على المعرفة الجنسية إن كان من رفقاء او زملاء الذين يوفرون معلومات سطحية مشوهة، وفي الحقبة الحالية أصبح الحصول على المعلومات سهل المنال عن طريق الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الرقمية.

مخاطر التواصل حول الأمور الجنسية من خلال الأنترنت يتعدى كون المعلومات حول الجنس مغلوطة، لتوفير معلومات تشجع على الانحراف السلوكي والممارسات الجنسية الشاذة والإدمان على مشاهدة الصور والأفلام الخلاعية والاستغلال الجنسي عبر الأنترنت بتصوير الطفل خلاعيا، او استخدامه كوسيلة للالتقاء بالطفل والاعتداء عليه جنسيا.

بسبب الجهل والخجل من قبل الاهل وتوفر بدائل سهلة ومغرية للطفل بها خطر كامن، يتعرض الطفل او المراهق للإستغلال الجنسي او الانحراف الجنسي دون علم الاهل او المدرسة وقد يكون ذلك بعد فوان الأوان من القيام باي تداخلات وقائية.


جذور العنف الجنسي تقسم لعدة مجموعات:

  1. مخاطر تتعلق بالثقافة السائدة بالمجتمع حول التكتم والوصمة المرتبطة بالثقافة الجنسي وتجنب التوعية عن العنف الجنسي والمخاطر المرتبطة به.

  2. مخاطر تتعلق بعلاقة الطفل مع الأخرين، في الحي والمدرسة ومع الأقارب ومع المهنيين في المؤسسات التي تردد عليها الطفل.

  3. مخاطر تتعلق بالطفل الضحية من مثل المعاناة من الإعاقة بمختلف اشكالها، او تدني الذكاء، او ان يكون سهل الانقياد، او يفتقد لمهارات التواصل الاجتماعي والحماية الذاتية.

  4. مخاطر تتعلق بالمعتدي المحتمل كمعاناته من اضطرابات بالشخصية او شذوذ او نزوات سادية.

  5. مخاطر تتعلق بالبيئة المحلية للأسرة كالانعزال الاجتماعي او الاكتظاظ السكاني ومخاطر تتعلق ببيئة المدرسة كغياب معايير السلامة في الساحات والاسوار.

  6. مخاطر تتعلق بالبيئة في المجتمع المحلي والحي الذي يسكنه الطفل، كانتشار المخدرات والتعود على العقاقير المهلوسة أو المواد الطيارة.


وفيما يلي ملخص لها وما يجب عمله للوقاية من خطر العنف الجنسي:

  1. المخاطر المتعلقة بشيوع ثقافة الخجل والتكتم والوصمة السيئة من التوعية الجنسية للأطفال: في المجتمعات العربية بما فيها المجتمع الأردني تنتشر هذه الثقافة السلبية وتؤدي لغياب التوعية للأطفال في المنزل وفي المدرسة بما في ذلك غياب تطبيق برنامج وطني مستدام لمنهاج الثقافة الجنسية المناسب لمرحلة نمو الطفل، والذي يتم تجاهل تنفيذه من قبل وزارة التربية والتعليم والحكومة بسبب الخجل وثقافة العيب الشائعة بين التربويين كما هي في عموم المجتمع. على الحكومة تنفيذ هذا البرنامج والذي له مرجعيات علمية مسندة بالبحث المتفق مع ثقافة المجتمع المحلي، وعلى الحكومة أيضا توفير برامج توعية والدية للأهل حول كيفية التعامل مع أطفالهم بما يخص المعرفة الجنسية، ولكن وللأسف لم يكن هناك أي مبادرة اجتماعية للتوعية الوالدين في الأمور الاجتماعية بما فيها الثقافة الجنسية.

  2. المخاطر المتعلقة بغياب برامج توعية مستدامة للوقاية الأولية من العنف ضد الأطفال قبل وقوعه. يتوقع ان تقوم ا لحكومة بالتخطيط والتنفيذ والرصد والتقييم لبرنامج مستدام للحماية من كافة اشكال العنف ضد الطفل بما فيها العنف الجنسي، يشمل المؤسسات التربوية والصحية والنفسية والاجتماعية والقانونية ومؤسسات المجتمع المدني، تهدف لنشر ثقافة حقوق الطفل والتوعية من المخاطر المحتملة والتثقيف الحقوقي والقانوني. للأسف كان هناك في الاردن عدة محاولات لبرامج توعية ورغم جودتها الا انها كانت تفتقد الاستدامة بسبب كونها ذات تمويل بمنح خارجية تنتهي بانتهاء التمويل ولم تتحمل الحكومة مسؤولية استمرارها.

  3. المخاطر المتعلقة بالأماكن التي يتوقع ان يتواجد بها الأطفال عادة تستوجب مراقبة الأطفال حسب مرحلة نموهم أثناء لعبهم إن كان في الأماكن العامة أو ساحات المدارس أو في الأحياء او النوادي الرياضية، وخلال ذهابهم وإيابهم من المدرسة، فلا يتوقع ان يترك أي طفل دون رقيب مسؤول عنه في مثل هذه الأماكن إذا كان عمره اقل من 11 إلى 12 سنة أو إذا كان يعاني من أعاقة عقلية وحسية أو تدني في مستوى الذكاء أو ذو شخصية انطوائية.

  4. المخاطر المتعلقة بأماكن تواجد الأطفال عدا المدرسة والمنزل: توفر النوادي الرياضية، والنوادي به المعتدي جنسيا بالطفل ليرتكب جريمته وعليه يتوقع ان يكون هناك رقابة صارمة ذاتية من قبل الإدارة هذه المؤسسات ومن قبل الحكومة بنصوص تعليمات واضحة وصارمة.

  5. ضبط علاقة الاطفال وخاصة المراهقين مع البالغين الأخرين، حتى وإن كان من الأقارب، والتحقق من سلامة العلاقة والخلفية السلوكية والأخلاقية لهم، ويتوقع ان يتم ذلك بالتواصل الراقي دون عنف او توبيخ او لوم الطفل على علاقته بالأخرين، وكما يتوقع أن يتم ضبط العلاقة ومراقبة العاملين بالمنزل إن كان من النساء مدبرات المنزل أو السائق او حارس العمارة.

  6. مخاطر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الرقمية: يتوقع من الحكومة ان تقوم ببرامج مراقبة لمقاهي الأنترنت التي قد يتردد عليها الأطفال والمراهقين، وعلى أماكن بيع المواد والوسائط الرقمية، وكان هناك مطالبات لم تستجب لها الحكومة بحجب المواقع الإلكترونية الإباحية، الا انه يتوقع من الحكومة أن تعمل على الرقابة الحثيثة لمستغلي الأطفال عبر الأنترنت بكافة اشكاله بواسطة برمجيات وأجهزة متخصصة تسمح لضباط البحث الجنائية الدخول على مواقع الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي لكشف المتحرشين جنسيا بالأطفال. الرقابة على الأنترنت هي أيضا واجب على أهل الطفل في المنزل وعلى المعلم في المدرسة، ويتم ذلك أيضا بالتواصل الراقي مع الطفل بحب وعطف بأجواء تتصف بالاطمئنان دون قمع أو عنف أو تهديد بحجب التكنولوجيا الرقمية على الطفل.

  7. الأبنية والأماكن المهجورة: يتوقع من الحكومة ان تنزيل او تحمي الأبنية المهجورة او تجبر مالكيها على ذلك، لإزالة مكان شائع يتم به الاعتداء جنسيا على الأطفال، ونطبق ذلك على الكهوف والأنفاق المهجورة البعيدة عن الأماكن السكنية، ويتوقع من الأهل والمعلمين أن يحذروا الأطفال والمراهقين من التوجه لهذه الأماكن.

  8. المهنيون الذين يتعاملون مع الأطفال: التأكيد من الأسبقيات الجنائية والسلوك الأخلاقي لجميع العاملين مع الأطفال في كافة المؤسسات الاجتماعية والتربوية والصحية والقانونية لنفي ان يكونوا من "عاشقي الأطفال". كما ويجب تدريب المهنيين الذين يتعاملوا من الأطفال حسب مراحل نموهم حول وسائل وطرق التوعية والوقاية من العنف بما فيه الجنسي قبل وقوعه، وأيضا بتوفير المعرفة والتدريب على مهارة الكشف المبكر على حدوث العنف أو تحديد مجموعات الاطفال المهددة بالعنف أكثر من غيرها. ويتوقع من المراكز التي يعمل بها المهنيون المدربون توفير فعاليات ونشاطات صحية مراقبة ولها مرجعية علمية توفر الحماية والقدرة على ضبط النفس وتجنب السلوكيات الفاسدة والمنحرفة.

الدكتور هاني جهشان، إستشاري اول الطب الشرعي

الخبير في الوقاية من العنف ضد الاطفال



١٥٧ مشاهدة
bottom of page