top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

معايير سماح الأطباء للشرطة باستجواب المصابين في المستشفى، سواء الضحية او الموقوف

معايير سماح الأطباء للشرطة باستجواب المصابين في المستشفيات

معايير سماح الأطباء للشرطة باستجواب المصابين
معايير سماح الأطباء للشرطة باستجواب المصابين

كيف ومتى يسمح الطبيب للشرطة وللمدعي العام استجواب مريض او مصاب؟ الموضوع يتعلق بآداب مهنة الطب والتشريعات المطبقة وخاصة في محور العلاقة ما بين الطبيب والمريض، فهذه العلاقة لها وقت بداية محدد ووقت نهاية محدد، وعند بداية العلاقة بالموافقة المتبصرة من قبل المريض او ولي أمره وتوافق الطبيب لتقديم الخدمة الطبية حسب مكان عمله، إن كان في منشأة حكومية او عسكرية او في القطاع الخاص، تتحول هذه العلاقة لعقد قانوني عرفي بالإضافة لكونها علاقة أخلاقية ويتحمل الطبيب من خلال هذا العقد تقديم الرعاية الممكنة محافظا على مصلحة المريض الفضلى وتحقيق المنفعة وعدم الإضرار والحفاظ على سلامة المريض من إلحاق أي ضرر به.

آداب مهنة الطب تطبق على كافة المرضى بالتساوي: القاعدة المهنية القانونية الأخلاقية السابقة تطبق على جميع المرضى صغاراَ وكباراَ وفي كافة القطاعات الصحية الحكومية والخاصة والعسكرية والتطوعية، وتطبق على كافة المرضى بما فيهم الموقوفين او نزلاء المراكز الإصلاحية.


العلاقة الثلاثية ما بين الطبيب والمريض والشرطة: (1) قد يتوفر للشرطة معلومات هامة تتعلق بالحدث الذي ادى للإصابة تفيد الطبيب المعالج، وهذه المعلومات قد لا تكون متوفرة لدى المريض أو اقاربه ويكون لها أهمية كبيرة بالوصول للتشخيص وتقديم الخدمة الطبية والعلاج. (2) الشرطة لهم دور هام بحماية الكادر الطبي والمرضى في حالات حدوث عنف او فوضى في طوارئ المستشفى، (3) بالرغم من تلك الفوائد الا ان الخلاف يحصل عادة لدى محاولة الشرطة استجواب المريض للحصول على معلومات توجبها ظروف الحدث، لكنها تؤدي إلى إعاقة عمل الطبيب وتربكه خلال قيامه بالإجراءات والتداخلات الطبية والجراحية.


مسؤولية الشرطة على العموم تتعلق بحفظ الامن العام، والهدف من استجواب مرتكبي وضحايا الجرائم الوقاية من تفاقم الجريمة ومنع عواقبها أو منع تكرارها بالإضافة لجمع الأدلة ومنها أقوال المصابين ان كانوا ضحايا أو مرتكبي جرائم، ولتحقيق ذلك هناك أهمية قصوى لأن يكون استجواب المصابين في أقرب وقت ممكن لساعة وتاريخ الحدث الذي أدى للإصابة.


التشريعات الأردنية: تواجد الشرطة في الطوارئ او في اجنحة المستشفى بجانب المريض هو امر لم يتم التطرق له بالتشريعات الاردنية او في الدستور الطبي الأردني، لكن الواقع من الميدان يشير إلى ان تواجد الشرطة في الطوارئ او أجنحة المستشفى يؤدي الى تداخل او إعاقة أو تأخير في تقديم الخدمات الطبية وخاصة في حالة احتياج المريض لتدخلات جراحية أو إجراءات اقتحامية تشخيصية او علاجية عاجلة.


استجابة الطبيب: يتوقع ان تكون هناك إجراءات وسياسة موثقة ومعلنة تتعلق بتواجد الشرطة في المستشفيات الكبرى بالقطاعات الحكومية والعسكرية والخاصة والتطوعية، مرجعها الوحيد محاور أخلاقيات مهنة الطب الأربعة (انظر أدناه)، وعلى الأرجح غياب مثل هذه الوثائق من المستشفيات الأردنية، إلا أن هذا الغياب لا يعني أن الطبيب غير ملزم بتطبيق آداب مهنة الطب، بل العكس تماما يتوجب عليه الالتزام بها عموما وبالتحديد لدى تواجد الشرطة كطرف ثالث.

  1. ضمان مبدأ الخصوصبة والاستقلالية وهو حق المريض في اتخاذ القرارات بنفسه، حيث تعتمد جميع الخطوات المتخذة لتقديم خدمات الرعاية الطبية على الموافقة الواعية للمريض، وضمان خصوصيته بدون اية ضغوطات قسر او اكراه من أي طرف ثالث وإن كان الشرطة او الادعاء العام، ففي حال كون المصاب موقوف لارتكابه جريمة على الطبيب ان يسمح للشرطة توفير حراسة أمنية للمريض مع ضمان عدم التدخل في خصوصية واستقلالية قرارته التي تتعلق بعلاجه، وفي حال كان هدف الشرطة استجواب المصاب للحصول على معلومات ان كان موقوفا أم لا، فقرار سماح الطبيب بذلك يعتمد أيضا على ضمان الحفاظ على الخصوصية والاستقلالية.

  2. ضمان عدم الإضرار بالمريض بمنع أي أذى متعمد او غير متعمد يمكن تجنبه قد يلحق بالمريض بسبب وجود الشرطة أو قيامها بالاستجواب، إن كان ذلك بتداخل منهم يحجب أو يعيق أو يشوش على تقديم الرعاية الطبية او الجراحية، أو ان له عواقب متوقعة على الحالة النفسية للمريض يتوقع أن تنعكس سلبا على مجمل حالته الصحية.

  3. ضمان تحقيق المنفعة للمريض هو مسؤولية كبرى على الطبيب نحو مريضه المصاب، ويشمل ذلك موافقة الطبيب على أي إجراءات شرطية أو قضائية تحقق المنفعة والعدالة وجبر الضرر للمريض ومن ضمنها الاستجواب الشرطي او من قبل النيابة العامة.

  4. تحقيق العدالة والمساواة في ضمان جودة الخدمات الطبية التي تقدم للمصاب الضحية أو المصاب الموقوف او نزيل مركز الإصلاح مقارنة مع جودة الخدمات التي تقدم لعموم المرضى، فيتوقع من الطبيب ان يقرر السماح للشرطة بمقابلة المريض بمرجعية ضمان الحفاظ على جودة الخدمات الطبية هذه.

كيف يتخذ الطبيب القرار؟

بناء على ما تقدم فإن قرار الطبيب السماح بتواجد الشرطة او النيابة ولأي فترة زمنية وفي أي مكان والسماح لهم باستجواب المريض هو أمر مُتغيّر حسب الوضع الصحي لكل حالة، وحسب ظروف الإصابة وخلفيتها الجنائية، ويتوقع أن يتم اتخاذ قرار التعامل مع الشرطة بشكل انفرادي لكل حالة على حدى حسب محاور أخلاقيات مهنة الطب الأربعة الموثقة أعلاه، وفي حالات نادرة جدا يجب ان يأخذ الطبيب بقراره إمكانية أن يكون هناك فائدة قصوى بالسماح بمقابلة الشرطة للمريض عاجلا إذا كان هناك خطر حقيقي يهدد الصحة العامة او الوقاية من جريمة جماعية او الوقاية من عمل إرهابي.

الدكتور هاني جهشان مستشار أول الطب الشرعي

الخبير في اخلاقيات المهن الطبية

٧٣١ مشاهدة
bottom of page