top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

العنف والإهمال ضد الأطفال ذوي الإعاقة


العنف والإهمال ضد الأطفال ذوي الإعاقة
العنف والإهمال ضد الأطفال ذوي الإعاقة

الأطفال الذين يعانون من إعاقات حركية أو حسية أو نفسية أو عقلية، هم من أكثر الأطفال المهمشين في العالم، وتلتصق بهم وصمة اجتماعية تنعكس سلبا على كافة مناحي حياتهم، وعلى الرغم من أن كل الأطفال معرضين لأشكال العنف المختلفة إلا أن الأطفال ذوي الإعاقات معرضين لعوامل خطورة مضاعفة بسبب هذه الوصمة، بسبب الثقافة الإجتماعية السلبية المتعلقة بهم، وكذلك تفشي الجهل بالتعامل معهم.

نقص الدعم الاجتماعي للأطفال ذوي الإعاقات، ومحدودية فرص التعليم والمشاركة في المجتمع المحلي، تساهم في عزلهم وعزل عائلاتهم عن الانخراط بالحياة الإجتماعية، وبالتالي معاناتهم مزيداً من الكرب والإجهاد والمشقة. الأطفال ذوي الإعاقة كثيرا ما يُستهدفون بالعنف لكونهم أشخاص غير قادرين على حماية أنفسهم وبسبب عدم إفصاحهم عن العنف لمحدودية قدراتهم وعجزهم على التواصل والكلام مع الآخرين.

إن عوامل خطورة تعرض الأطفال ذوي الإعاقة للعنف هي عوامل اجتماعية، وثقافية، واقتصادية، وليس لها علاقة مباشرة بطبيعة الإعاقة ذاتها. وعليه فإن التدخلات الفاعلة لمناهضة العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة ستكون فاعلة إذا تعاملت مع جذور العنف الإجتماعية والثقافية والاقتصادية.

  • عدد الأطفال واليافعين الذين لديهم إعاقة هو مرتفع. والإحصاءات تتفاوت بمرجعية تعريفنا للإعاقة، وباستخدام تعريف منظمة الصحة العالمية حول الإعاقة بأنها "فقدان القدرة الحركية أو الحسية أو العقلية أو النفسية، كلها أو بعضها على التمتع بفرص المشاركة الطبيعية بالحياة المجتمعية على قدم المساواة مع الآخرين" فإن هناك ما يقارب 200 مليون شخص معاق عند الولادة أو أصبحوا معاقين قبل سنة التاسعة عشرة.

  • يجب شمول الأطفال ذوي الإعاقة في جميع برامج الوقاية والاستجابة للعنف ضد الأطفال عامةً، فهم تحت خطر أكبر، ومن غير المنطقي عدم إعطائهم الأولية في هذه البرامج، حيث أن (1) حياة الأطفال ذوي الإعاقة ليست بأقل أهمية من حياة الأطفال غير المعاقين وعواقب العنف القريبة والبعيدة المدى عليهم هي شديدة مقارنة مع غير المعاقين. (2) مشكلة العنف ضد الأطفال على المستوى العالمي لن تحل بدون التعامل مع العنف الذي يتعرض له ملايين الأطفال المعاقين، كما ورد في المادة 23 من إتفاقية حقوق الطفل "تعترف الدول الأطراف بوجوب تمتع الطفل المعوق عقليا أو جسديا بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل المعوق في التمتع برعاية خاصة... "

  • يجب التعامل مع العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة على مستويين (1) كجزء من التعامل العام مع العنف ضد الأطفال و(2) وعند الضرورة ببرامج خاصة بالتعامل مع العنف ضد الأطفال المعاقين.


أظهرت الدراسات العالمية أن الاطفال ذوي الإعاقات معرضين للعنف والإهمال بنسبة تصل إلى 1.7 ضعف الأطفال غير المعاقين، وأظهرت إحدى الدراسات أن 90% من الأطفال ذوي الإعاقات النفسية يتعرضون للإساءة الجنسية في فترة ما من حياتهم، ودراسة أخرى بينت أن 80% من كل الذين يعانون من صمم أفصحوا، لدى التواصل معهم بشكل جيد، عن تعرضهم لشكل من أشكال الإساءة الجنسية أثناء طفولتهم.

تتفاوت نسبة حصول العنف على الأطفال ذوي الإعاقة اعتمادا على البيئة التي يسكنون بها والتي تتروح بين الأسرة والمجتمع والمؤسسات الإجتماعية، وأماكن العمل، إلا أنها تشترك جميعا بوجود الوصمة الإجتماعية، والتميز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة والتخلي عنهم. عبر التاريخ تعاملت أغلب المجتمعات مع الأشخاص ذوي الإعاقة بالتهميش والنبذ، فبعض المجتمعات المحافظة تعتبر أن ولادة طفل معاق هو نتاج اللعنة وارتكاب المعاصي والشر، أو هو نتاج الزنى والسفاح، أو بسبب خطيئة ارتكبت في أجيال سابقة أو من قبل والدي الطفل أو أحد أقاربه، والطفل ألذي يولد في مجتمع يعظم هذه الافكار سيكون عرضة للعنف الجسدي والجنسي والعاطفي في المنزل والمجتمع والمؤسسات الإجتماعية أو أماكن العمل، وستنخفض فرص اندماجهم في الحياة الإجتماعية والاقتصادية والثقافية وبالتالي عدم التحاقهم بالدراسة وسيساهم ذلك إلى تفاقم ظاهرة أطفال الشوارع التي أظهرت الدراسات أن ثلثهم يعانون من الإعاقات المختلفة، ويكون الأطفال ذوي الإعاقات في المناطق النائية والريفية عرضة أكثر من غيرهم لكافة أشكال العنف.

العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة في الأسرة والمنزل:

يتعامل الوالدين مع أطفالهم ذوي الإعاقة بعنف في المجتمعات التي تنتشر بها ثقافة أن الإعاقة هي شر يُلْحق العار بسمعة الأسرة وتتفاقم نسبة حدوث هذا العنف بسبب غياب أو نقص الدعم الاجتماعي للأسر التي لديها أطفال ذوي أعاقة مما يفضي لحدوث الكرب والتوتر النفسي لجميع أفراد الأسرة ومن مظاهر هذا العنف ما يلي:

  1. قتل الوليد وقتل الرحمة: قد يقتل الأطفال ذوي الإعاقة مباشرة عقب الولادة أو بعد بضعة أشهر أو سنوات، ويكون الدافع وراء القتل (1) الاعتقاد بأن الطفل المعاق شرير وسيجلب الطالع السيء للأسرة وللمجتمع، أو (2) الاعتقاد أن الطفل يعاني من الألم بسبب الإعاقة أو أنه سيعاني بسببها فمن الأفضل قتله رحمةً به. وتتراوح أنماط القتل هذه من الامتناع عن إطعام الطفل إلى الخنق بالضغط على الفم أو العنق، ويجب العمل على تشخيص أسباب الوفاة هذه بطريقة مهنية من قبل الأطباء الشرعيين حيث يتم التضليل في أغلب الأحيان من قبل الأهل بمحاولة ربط سبب الوفاة بالإعاقة ذاتها.

  2. العنف الجسدي والجنسي والنفسي ضد الطفل ذو الإعاقة بالمنزل: تشكل الإعاقة عامل خطورة لزيادة شدة العنف الذي يتعرض له الطفل، فاحتمال نجاة الطفل المعاق حركياًلدى تعرضه للعنف الجسدي أو الجنسي هي أقل مقارنة مع الأطفال غير المعاقين، والطفل المعاق سمعياً قد لا يكون قادر عن النطق والإفصاح عن تعرضه للعنف، والمعاق فكرياً قد لا يستوعب غضب المُعَنف ويكون غير قادر على التواصل معه أو تجنب إيذائه بالإضافة لنقص في قدرته على الإفصاح عن ماهية العنف الذي تعرض له.

  3. الكرب المُوَلد للعنف قد ينشأ قبل تشخيص إعاقة الطفل، فضعف السمع غير المشخص لدى الطفل يؤدي إلى إعتبار أنه عاق وغير مطيع، والطفل الذي يعاني من ضعف بالبصر والذي لا ينظر إلى وجه والده بسبب ذلك قد يعتبر أنه عدم احترام، والطفل الذي يعاني من اضطرابات عصبية قد يصعب إطعامه أو تنويمه وجميع هذه الظروف قد تؤدي لتعريض الطفل للعنف الجسدي واللفظي. الكرب قد ينشأ عن الانعزال الاجتماعي والوصمة الملتصقة بالإعاقة، إن كان في البيئة الأسرية أو في المجتمع المحلي. وينتج الكرب أيضا عن نقص الخدمات والدعم الاجتماعي.

  4. الإهمال: نتيجة الكرب قد يتعرض الطفل ذو الإعاقة للإهمال، إلا أن إهمال الطفل ذوي الإعاقة أشد خطرا على حياته مقارنة مع الطفل غير المعاق بسبب حاجته للرعاية الخاصة من طعام ودواء واحتياجات الحياة الأساسية الأخرى، وعليه فهذا الإهمال يعتبر شكلا من أشكال العنف ويكون على الأشكال التالية: (1) الإهمال بتوفير العلاج الطبي لحين تفاقم المرض الذي قد يتعرض له الطفل المعاق، وعدم توفير الطعام والكساء الكافي وبالتالي تفاقم مرضه ووفاته. (2) الإهمال بتوفير علاج الحالة التي أدت إلى الإعاقة لدى الطفل والإهمال بتوفير العلاج التأهيلي له، (3) الاهمال بتوفير العلاج للمضاعفات الناتجة عن الإعاقة كتقرحات الفراش والالتهابات الرئوية أو البولية (4) الإهمال قد يكون على شكل عدم توفير المساعدة بتناول الطعام والشراب وما قد يتبع ذلك من سوء تغذية أو غصصٌ واختناق.

  5. رفض التدخل: من قبل أفراد الأسرة او الجيران أو الأقارب أو العاملين في القطاع الصحي أو القطاع الإجتماعي والذين يعرفون أن الطفل ذو الإعاقة يتعرض للعنف لكنهم لا يتدخلوا بالإبلاغ أو المساعدة ويبررون ذلك بأن طلب المساعدة (1) سيزيد الكرب على الوالدين (2) وبأنه لا يوجد فائدة من التبليغ عن حدوث العنف والإهمال بسب غياب الثقة بمقدمي الخدمات (3) والقناعة بغياب أي بديل أخر لحماية الطفل.

  6. عزل الطفل داخل منزله وفي بعض الأحيان داخل غرفة محددة، قد يكون بدافع الادعاء بحمايته من أية مخاطر خارج المنزل أو بسبب الوصمة الإجتماعية، وقد يستمر العزل في هذه الأماكن المغلقة لأيام أو أسابيع أو أشهر وفي بعض الحالات سنوات، بدون أي تواصل مع المجتمع الخارجي وفي كثير من الأحيان بدون تواصل مع أفراد الأسرة داخل المنزل، وقد لا يعرف الجيران أن هناك طفل ذو أعاقة يسكن في المنزل.

  7. جميع أشكال العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة قد تحصل أيضاً من قبل الخدم أو العاملين الصحيين كالمعالجين الطبيعيين أو الممرضين، وقد يتغاضى والدي الطفل عن الشكوى بسبب حاجتهم الماسة لمقدمي هذه الخدمات.

  8. قد تُحجب الخدمات عن ضحايا العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات بسبب قناعة مقدمي الخدمات بالقطاعات المختلفة بعدم وجود فائدة من نزع الطفل من أهله ووضعه في بيئة بديلة أو في المؤسسات الاجتماعية بسبب أنه قد يتعرض بها لمزيد من العنف.

  9. الأطفال ذوي الإعاقات لدى تعرضهم للعنف لا يطلبون المساعدة بسبب أن أغلبهم لا يدرك أنهم تعرضوا للعنف والإهمال، وفي حال قدرتهم على إدراك ذلك فهم غير قادرين على التواصل مع العالم الخارجي بسبب العزل الاجتماعي وأيضا بسبب التعلق بالمُعَنف وحاجتهم للرعاية الخاصة التي يقدمها لهم وكذلك بسبب أن إفصاحهم عن العنف أو التبليغ عنه لا يأخذ به على محمل الجد بسبب الإعاقة التي يعانون منها.

العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة في المؤسسات الإجتماعية وأماكن التعليم:

يمضي عدة ملايين من الأطفال المعاقين في العالم جزء من حياتهم في مؤسسات خارج المنزل، من مثل المدرسة في الحي الذي يسكنون به، أو في المدارس المتخصصة بالتعامل مع ذوي الإعاقات، أو المؤسسات الإجتماعية أو المستشفيات، أو في مؤسسات رعاية الأطفال الجانحين، وفي جميع هذه البيئات تكون معاناتهم من الإعاقة عامل خطورة يفاقم إحتمال تعرضهم للعنف والإهمال.

المدارس المتخصصة بالإعاقة (مؤسسات الرعاية اليومية) بدون إقامة ليلية:

العنف والإهمال ضد الأطفال ذوي الإعاقة
العنف والإهمال ضد الأطفال ذوي الإعاقة
  1. قبل دخول المدرسة (1) يقضي الطفل المعاق فترة طويلة من الزمن للوصول للمدرسة لأن مثل هذه المدراس قليل العدد، وقد يتعرضون للعنف الجسدي والجنسي أثناء تنقلهم من وإلى المدرسة من قبل المسؤولين عن تنقلهم (2) التهديد والإستئساد من قبل أشخاص في المجتمع المحلي قبل الوصول للمدرسة أو عقب الخروج منها كالضرب، والرمي بالحجارة، أو البصق. (3) الطلاب ذوي الإعاقة وخاصة السمعية والبصرية والنفسية، عرضة لجرائم السرقة والاغتصاب مقارنة مع الطلاب غير المعاقين، بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم أو التبليغ عن الجريمة.

  2. في المدرسة: (1) يتعرض الأطفال المعاقين للضرب والإساءة والإستئساد من قبل المعلمين في داخل الصفوف المدرسية، وخاصة المعلمين غير المدربين على محدودية قدرات الأطفال ذوي الإعاقة، وخاصة الإعاقة النفسية والسمعية، وهناك عوامل خطورة بتعرض هؤلاء الأطفال للعنف الجنسي من قبل معلميهم. (2) يتعرض الأطفال ذوي الإعاقة للإساءة من قبل زملائهم غير المعاقين تقليدا للمعلمين في كثير من الأحيان، وتشمل العنف الجسدي والإستئساد والعزل الإجتماعي، وكذلك هناك خطر تعرض الأطفال المعقين للعنف الجنسي من قبل زملائهم البالغين. (3) يتعرض الأطفال ذوي الإعاقة للعنف من قبل الموظفين الإداريين والسائقين، وعمال النظافة الخ. وهم عادة ذو رواتب متدنية، ويطلب منهم إنجازات أكثر من طاقتهم وبدون إشراف عليهم، وبعض منهم يرضى بهذه الإعمال بدافع رغبته بالبقاء بالقرب من الاطفال بهدف استغلالهم جنسيا.

  3. غياب آليات التبليغ التي تسمح للأطفال وللوالدين أو راعي الطفل لتقديم شكوى حول تعرض الأطفال ذوي الإعاقة للعنف داخل مؤسسات الرعاية اليومية، ويتفاقم هذا الوضع بإحجام الوالدين أو راعي الطفل عن التبليغ بسبب خوفهم من طرده من المؤسسة وعدم قدرتهم على إيجاد بديل لها بسبب ندرتها واكتظاظها، وهناك غياب شبه تام لوجود آليات تبليغ عن العنف من قبل العاملين في هذه المؤسسات شاهدوا أنه يقع على الأطفال المعاقين أثناء وجودهم بالمؤسسة.

المدارس المتخصصة بالإعاقة (مع الإقامة ليلا):

  1. بعض المؤسسات الاجتماعية المتخصصة بالتعامل مع الصم وكفيفي البصر وذوي الإعاقة النفسية توفر التعليم في مؤسسات بها مبيت ليلا بعيدا عن أسرهم فترات قد تتجاوز الأسابيع أو الأشهر أو سنوات، وهم يتعرضون لأشكال العنف الموصوفة سابقا في مؤسسات الرعاية اليومية، بالإضافة إلى زيادة عوامل الخطر لتعرضهم للعنف الجسدي والجنسي ليلا من قبل المشرفين عليهم.

  2. غيااب آليات التبليغ كما هو موصوف أعلاه، إلا انها تتفاقم أكثر بسبب ضعف التواصل مع الوالدين لبعدهم عنهم، ولكون الإعاقات شديدة نسبيا وبالتالي عدم قدرة الأطفال على الإفصاح، هناك غياب آلية واضح تلزم التبليغ لشخص محدد في هذه المؤسسات.

المؤسسات الإجتماعية المتخصصة برعاية ذوي الإعاقة الإيوائية:

  1. هي متفاوتة من كونها متخصصة لفئات عمرية تتراوح بين حديثي الولادة أو الأطفال أو اليافعين وقد يبقوا بها لحين وفاتهم، وهذه المؤسسات لم تكن معروفة قبل مئتي عام، حيث كان المكان الطبيعي للطفل المعاق هو في منزله وضمن أسرته. دعا مؤخرا الناشطين في مجال حماية الأطفال وحقوق الإنسان، والخبراء في القانون وطب الأطفال والصحة العامة، والخبراء في تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، لإغلاق هذه المؤسسات وإرجاع الأطفال ذوي الإعاقات للعيش في مجتمعهم وبين أسرهم. لقد أظهرت الدراسات أن الأطفال ذوي الإعاقة في المؤسسات تسوء حالتهم من الناحية الصحية والنفسية، ويتعرضوا لأشكال مقلقة من العنف الشديد والخطير على حياتهم، وهذ العنف شائع في أغلب هذه المؤسسات.

  2. على المستوى العالمي تشير الدراسات لتعرض حديثي الولادة والأطفال والمراهقين ذوي الإعاقات للعنف الجسدي والجنسي والنفسي من قبل العاملين، الزوار، ومن قبل بعضهم البعض. كما يتعرضوا للإهمال الشديد لدرجة تعريض حياتهم لخطر الموت بسبب إبقائهم في بيئات تتصف بكونها لا إنسانية، ويتفاقم الوضع سوء بسبب (1) وضع هذه المؤسسات في أدنى قائمة أولويات الدعم الحكومي، وضعف الدعم المالي، وغياب ضبط كفاءة المهنيين العاملين، وغياب الرقابة الفاعلة من قبل الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني. (2) عادة ما تكون هذه المؤسسات مكتظة، غير نظيفة، بها نقص بالموارد المالية والبشرية، وينتج عن ذلك معاناة لا يمكن تجنبها قد تؤدي إلى وفاة هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة.

  3. الأشكال الخطيرة من العنف في مؤسسات الرعاية الإجتماعية للأطفال ذوي الإعاقة: البيئة الخطرة للمؤسسات: وتتمثل بالاكتظاظ، وضعف التواصل مع مقدمي الرعاية لهم، وعدم تحريكهم لأيام أو أسابيع على فراش مبتل بالبول وملوث بالبراز، ويعانوا من سوء التغذية، والإخفاق بالنمو، ويفتقدوا أية مثيرات خارجية لحواسهم، وعدم توفر الألعاب لهم، ويفتقدوا أي تدريب على استعمال المرحاض أو العناية بأجسادهم. يتعرض الاطفال ذوي الإعاقة، وخاصة الذين يعانون من فرط الحركة، للتربيط بالحبال أو السلاسل المعدنية للأسرة أو المقاعد، أو بواسطة لف أغطية الفراش والملابس عليهم، أو وضع لاصق على أيديهم أو أفواههم، أو تعريضهم للضرب المباشر بالعصي، أو تسميمهم بالعقاقير المنومة والمهدئة، وحتى عزلهم في أقفاص أو غرف ضيقة. هذه البيئة توفر الفرص التي قد ينتهزها العاملين أو الزوار أو الأطفال الأخرين لارتكاب مزيدا من العنف. نسبة وفيات الأطفال المعاقين في المؤسسات هو ضعف النسبة مقارنة مع الاطفال المعاقين خارج المؤسسات.

  4. هذه المؤسسات ينقصها الموارد المالية، والموارد البشرية المتخصصة والإدارية الداعمة، وهناك زيادة كبيرة في نسبة عدد الأطفال لعدد العاملين والتي قد تصل إلى مائة طفل لكل مشرف عليهم في بعض الأحيان، ويكون غياب الإشراف عليهم ليلا أكثر سوء حيث يزيد انتشار العنف الجسدي والجنسي ليلا. كما انا التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقات يستنزف العاملين نفسيا وفكريا ويتعاضد ذلك مع تدني أجورهم، ونفص مكانة هذه المهن من الناحية الإجتماعية، وغالبا ما ينقصهم المهارة، ويعانون من زيادة عبء العمل اليومي عليهم. يتصف العاملين مع الأطفال ذوي الإعاقة بما يلي: (1) نقص في فهم قدرات الطفل المعاق، بسبب غياب المعرفة والتدريب المهني المتخصص، مما يؤدي للإحباط لدى مواجهة واقع الأطفال ذوي الإعاقة، وكذلك الغياب شبه التام حول مفاهيم الوقاية والحماية من العنف، وبالتالي اعتقاد المشرف على الأطفال أن هذه المشكلة غير موجودة أصلا. (2) بسبب عدم الرغبة بالالتحاق بهذه المهن يتم اختيار أشخاص غير أكفاء دون التحقق من سيرة حياتهم السابقة أو فيما إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم سابقة أم لا، ويجد عاشقي الأطفال فرصة ينتهزوها ليكون بجانب ضحاياهم.

  5. تتصف مؤسسات الرعاية الإجتماعية المتخصصة بالأطفال ذوي الإعاقة الإيوائية بنقص التدفئة، للاعتقاد السائد أن الأطفال ذوي الإعاقات وخاصة المعرفية لا يشعرون بالبرد، كما تتصف بنقص الطعام الكافي المتزن من الناحية الصحية.

  6. ضعف الرقابة والرصد من قبل الأهالي والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، والصحافة، وعادة ما يضع المسؤولين عن هذه المؤسسات التعليمات لحصر أي زيارات لدرجة تصل إلى منعها التام، ويتفاقم العزل بعدم توفير الفرص للأطفال بمغادرة المؤسسة لأي سبب كان، وعادة ما يكون لهذه المؤسسات أسوار عالية تضمن عزل الأطفال جسديا واجتماعيا وعن ناظر أي شخص خارج المؤسسة، ويؤدي هذا العزل لغياب وجود أو تطبيق أية آليه للتبليغ عن العنف أو الإهمال الذي قد يحصل داخل هذه المؤسسات. تتعاضد هذه الظروف مع غياب التبليغ من الاطفال أنفسهم، القادرين على ذلك معرفيا، بسبب العوامل التي تم سردها أعلاه وهي الخوف من الطرد أو الانتقام ونفص الرعاية، أو الخوف من أنه لن يتم تصديقهم أو لومهم على ما حصل لهم وبالتالي تعرضهم للإذلال والاحتقار من قبل الأخرين.

  7. غياب آليات تبليغ الأطفال عن العنف على المستوى الوطني، ويزداد الأمر سوءً إذا كان الطفل يعاني من إعاقة وأن المسؤول المباشر عنه في المؤسسة هو من يعرضه للعنف، وبالتالي هناك غياب شبه تام ومنع لأي تبليغ لجهات خارجية عن العنف في هذ المؤسسات بمرجعية أن إدارة المؤسسة هي المسؤولة المباشرة على كافة مناحي حياة الطفل وهي التي تقرر نيابة عنه.

العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة في نظام العدالة الجنائية:

كثير من الأطفال في نزاع مع القانون الذين يلحقون بمؤسسات الرعاية الإجتماعية المختصة برعايتهم، يتبين أنهم يعانون من إعاقات وخاصة الإعاقات النفسية، حيث تبين أن نسبتهم في مؤسسات الرعاية الإجتماعية تفوق نسبتهم في عموم الأطفال بالمجتمع، وبالتالي هم معرضين لكافة أشكال العنف في هذه المؤسسات، ويزيد من عوامل تعرضهم للعنف كونهم لم يلتحقوا بالدراسة. جزء من الأطفال في نزاع مع القانون يكونوا من أطفال الشوارع حيث تبين أن ثلث أطفال الشوارع يعانون من إعاقات، وعند إدخالهم لهذه المؤسسات فهم عرضة أكثر من غيرهم للعنف، وقد يستغل الأطفال ذو الإعاقة في الشوارع لارتكاب جرائم عديدة منها السرقة وتهريب المخدرات من قبل مجرمين آخرين، فمن السهل اقتيادهم بسبب ما يعانون من أعاقة ولحاجتهم للتواصل مع أي شخص، وهم عرضة لإلقاء القبض عليهم بسهولة بسبب ما يعانون من إعاقة، وضعفهم من التخلص من المواقف الصعبة أثناء التحقيق معهم أو إلقاء القبض عليهم كونهم متشردين. هم أيضا غير قادرين على التواصل أثناء الإجراءات القضائية وبالتالي يزيد ذلك من ضعف قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم، أو التواصل مع المحامين والباحثين الاجتماعيين، وعند الحكم عليهم في هذه المؤسسات فهم عرضة للعنف الجسدي والجنسي والنفسي والإستئساد.


العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة في المجتمع المحلي (خارج الأسرة والمؤسسات وأماكن العمل):

يعاني الأطفال في المجتمع المحلي من العنف أيضا بسبب الوصمة الاجتماعية وثقافة التميز ضدهم، حيث يشكلون هدفا سهلا لمرتكبي الإيذاء الجسدي والاستغلال الجنسي، ويفاقم الوضع سوءً طبيعة الإعاقة الجسدية والنفسية التي يعانون منها والبيئة المجتمعية التي قد توفر بالعادة الحماية للأطفال العاديين وليست متسقة مع حاجات الأطفال ذوي الإعاقة وغير صديقة لهم:

  1. النبذ الاجتماعي للطفل المعاق يتمثل بالوصمة الإجتماعية والتي تؤدي إلى عزله عن المجتمع المحلي بسبب الخوف من أن يتسبب بالأذى لأطفال أخرين، وبسبب المعتقدات السائدة من أن هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة ليس لهم قيمة إجتماعية وبالتالي هم عرضة لكافة أشكال العنف. يكون العنف ضدهم بالمجتمع المحلي من قبل البالغين أو من قبل الأطفال المراهقين غير المعاقين، أو من قبل جماعات في الأحياء أو من قبل عصابات. وعندما يحصل العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة بالمجتمع فإنه غالبا ما لا يتدخل أحد لحماية هؤلاء الأطفال، وقد يعتبروا أن معاناة هؤلاء الأطفال شيء طبيعي وقد يكون ممتعاً ومسلياً لهم.

  2. سهولة تحول الأطفال ذوي الإعاقة لضحايا: بسبب ضعفهم الجسدي الناتج عن الإعاقة وعدم قدرتهم على الهرب، وفاقدي السمع والنطق يكونوا غير قادرين عن التعبير عن المخاطر المحيطة بهم، وكفيفي البصر يعجزوا عن وصف الشخص الذي قام بالإعتداء عليهم جنسيا، والأطفال ذوي الإعاقات العقلية والنفسية يجدوا صعوبة بالتعبير عن طبيعة الاعتداء الذي تعرضوا له.

  3. حاجة الاطفال ذو الإعاقة لتعلق نفسي بأي شخص، وبالتالي قد يتم استغلالهم جنسياً أو جسدياً بسبب هذه الحاجة.

  4. تراخي الشرطة والحكومة بشكل عام في حماية الأطفال يؤدي إلى نقص وصولهم الى القضاء، يتعاضد ذلك مع نقص الدعم من الأسرة ومن مؤسسات المجتمع المدني وعدم توفر الخدمات المتخصصة بالتحقيق معهم وتوفير الحماية لهم.

  5. غياب المعرفة والمهارة بالتعامل مع الأطفال ذوي الإعاقة في النظام الشرطي والقضائي.

  6. تتعرض الطفلات ذوي الإعاقة للاغتصاب وللعنف الجنسي عموماً بنسبة مرتفعة من قبل غرباء.

  7. الممارسات التقليدية الضارة ضد ذوي الإعاقة، من مثل العلاج التقليدي أو البديل بدون مرجعية علمية تشكل خطرا إضافيا عليهم، وهذه الممارسات تحدث بسبب ثقافة ارتباط الإعاقة بالسحر والشعوذة.

  8. الإجراءات الطبية بدون دواعي طبية أو الضارة من مثل العلاج بالصدمة الكهربائية، العقاقير المنومة للسيطرة على الطفل المعاق، استئصال الأرحام لمنع الحمل.

العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة في أماكن عمل الأطفال:

بسبب عدم تلقي الأطفال ذوي الإعاقات التعليم بشكل منهجي مستمر، وتبعا لطبيعة إعاقتهم قد يلتحقوا بالعمل مبكرا بوظائف وضيعة وفي بيئات سيئة بدون تدريب مهني، ويصنف ذلك تحت مفهوم أسوء أشكال عمالة الأطفال، ومن الصعب رصده لأن العمل يكون في الأماكن غير المرخصة رسميا. أثناء العمل تشكل الإعاقة سببا رئيسا لتعرضهم للعنف ففاقدي السمع لا يستجيبون للأوامر وبناء عليه يتعرضون للضرب والشتم، وبسبب صعوبة العثور على عمل لذوي الإعاقات فإن إحتمال تركهم أو استقالتهم من العمل هو احتمال ضئيل حتى لو تعرضوا للعنف والإهمال، وعليه أيضا فهم نادرا ما يطلبون المساعدة عقب تعرضهم للعنف.

  1. عمل الأطفال ذوي الإعاقات في التسول: وهي أكثر أماكن العمل شيوعيا لهم، بوضعهم في الشارع للتسول دعما لأسرهم، وبعضهم يتم بيعه من قبل أسرته لأخرين في جماعات منظمة تمتهن التسول وفي كلتا الحالتين فأن هؤلاء الأطفال عرضة للعنف لإبقائهم في الشارع من قبل من يستخدمهم، وأثناء وجودهم بالشارع هم عرضة للعنف أيضا من قبل عامة الناس كونهم فريسة سهلة لكافة أشكال الاستغلال. قد يتعرض الأطفال ذوي الإعاقات للعنف والتعذيب بهدف إظهارهم بشكل يثير الشفقة واستحقاق العطف من عامة الناس. وقد يتم تشوي الأطفال غير المعاقين وإحداث إعاقة بهم لنفس هذه السبب، أو أحداث تشويه في الطفل المعاق لإثارة مزيدا من الشفقة في مشاهديه.

  2. عمل الأطفال ذوي الإعاقات في الدعارة: بدافع الفقر والجهل قد يدفع بالأطفال ذوي الإعاقة للعمل في الدعارة كونهم فريسة سهلة وغير قادرين على الرفض أو المقاومة، وخاصة الفتيات الصم وفاقدي النطق. نسبة انخراط الفتيات اللواتي يعانين من الإعاقات في النمو أو الإعاقات العاطفية بالدعارة هي ستة أضعاف مقارنة مع مثيلاتهن غير المعاقات. ينطبق هذا أيضا على الفتيات في المصحات النفسية، والفتيات اللواتي يعانين من إعاقات نفسية في المؤسسات الإجتماعية المختصة برعاية الفتيات في نزاع مع القانون فهن أيضاً معرضات لأكثر من غيرهن لامتهان الدعارة.

  3. أسوأ أنواع عمالة الأطفال: في المصانع والمزارع تؤدي إلى تحول الأطفال غير المعاقين إلى أطفال معاقين. بسبب تعرضهم لحوادث شديدة، أو تعرضهم لمواد كيماوية خطرة، وعقب حصول الإعاقة تزداد مخاطر تعرض الطفل للعنف بكافة أشكاله.

العنف كمسبب للإعاقة:

العنف هو من المسببات الرئيسية لحصول الإعاقة لدى الأطفال، (1) المرأة الحامل إذا تعرضت للضرب أو الركل أو اللكم يزيد من إحتمال ولادتها لطفل يعاني من أذية دماغية وبالتالي الإعاقة، ويولد هذا الطفل المعاق في بيئة أسرية تتصف بالعنف مما يعرضه لمزيد من دائرة العنف. (2) تعريض الطفل للعنف الجسدي يشكل مخاطرة قد تؤدي لحدوث إصابات عصبية ودماغية وبالتالي إعاقة حركية أو حسية بالإضافة لاحتمال معاناته من أمراض واضطرابات نفسية لاحقا. (3) هناك ارتباط موثق بين تعرض الطفل لعنف جنسي ومعاناته من عواقب نفسية دائمة طيلة حياته، والتي بدورها تعرضه لمزيد من الاستغلال الجنسي وخاصة لدى التحاقه بمؤسسات الرعاية الإجتماعية أو المصحات النفسية. (4) العنف ضد الأطفال في المجتمع عموماً يؤدي إلى إصابات يتخلف عنها إعاقات دائمة مثل إصابات العصيان المدني والمظاهرات والحروب والأعمال العدائية. (5) الإعاقات الناتجة عن عنف العصابات المسلحة بالمجتمع. العنف المؤدي لإعاقة يشكل نوعا من الاضطهاد المزدوج ضدهم، فبعد حصول الإعاقة هم معرضون أكثر من غيرهم لحدوث العنف.


التوصيات:

المبدأ الأول: هو اعتبار أن مواجهه العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة هو جزء لا يتجزأ من مواجهة العنف ضد عموم الأطفال على المستوى الوطني.

المبدأ الثاني: التوصيات تشمل التدخل، والرقابة، والخدمات، والبرامج، على مستوى الحكومة، والمجتمع المدني، والأسرة، وكسب التأييد.

المبدأ الثالث: أي مبادرة منفردة لا يتوقع أن يكون منها فائدة، وهناك حاجة لتعاون مستمر بين هذه القطاعات لضمان النجاح.


التوصيات على مستوى المجتمع:

أولا: إدخال الأطفال ذوي الإعاقات في برامج حماية الطفل العامة على المستوى الوطني، وفي برامج حماية مخصصة للأطفال ذوي الإعاقات، فعلى المستوى الوطني هم لهم الحق كبقية الاطفال وهذا لن يتطلب مشاريع إضافية أو موارد مالية كبيرة ويوفر الخدمة لهم مباشرة. أما البرامج المتخصصة فيكون لها ضرورة ماسة لحماية الأطفال ذوي الإعاقات النفسية والعقلية والصم والتي تحتاج لمهنيين مدربين بالتعامل معهم في المجال الشرطي والصحي والاجتماعي.

ثانيا: برامج زيادة الوعي المتعلقة بالوقاية من العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات، في كافة المستويات من مؤسسات الأمم المتحدة، والهيئات المانحة، ومؤسسات المجتمع المدني، وضمان شمول ذلك في كافة المشاريع والبرامج المتعلقة بالأطفال، ويشمل ذلك تدريب القادة في هذه المؤسسات.

ثالثا: على الحكومة الالتزام بقيادة البرامج التي تضمن عدم حصول العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات على كافة المستويات ويتم ذلك بواسطة الأليات التالية:

  1. التشريعات: ضمان ان التشريعات تعرف الإعاقة وتعرف ما هو العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة، وأن تضمن التشريعات نصوص لإجراءات تتبع الحالات منذ الإفصاح عنها وتضمن ملاحقة الجناة.

  2. ضمان تطبيق التشريعات والأنظمة والتعليمات الموجودة حاليا والمتعلقة بالعنف ضد الأطفال بشكل عام، وضمان أن تطبق لحماية الأطفال ذوي الإعاقات أيضا في كل من المنزل والمجتمع وكافة مؤسسات الرعاية الإجتماعية.

  3. الاستجابة الشمولية: حماية الأطفال ذوي الإعاقات يجب أن يمتد لجميع الوزارات المعنية وهي التنمية الإجتماعية، الصحة، التربية والتعليم، والعمل إلخ، بتعاون شمولي يضمن الرقابة التامة على جميع الأطفال ذوي الإعاقات المعرضين لخطر العنف. وجود مجالس مختصة فاعلة لذوي الإعاقات لها السلطة والقدرة التي تضمن التغير وتوفير الحماية، على أن يكون الأشخاص ذوي الإعاقات ممثلين بإدارته.

  4. آلية تتبع الحالات: يجب أن يوجد نظام لتتبع جميع الأطفال ذوي الإعاقات على المستوى الوطني، يوضع من قبل الحكومة، لضمان حماية هؤلاء الأطفال من أي خطر يحدق بهم. هناك ضعف في تسجيل الأطفال ذوي الإعاقة عند الولادة حيث أن بعض الآباء يتجنب تسجيلهم بسبب الوصمة الإجتماعية، والجهات الرسمية تتجنب تسجيلهم لتجنب كلفة توفير الخدمات لهم ولتوقع أنهم سوف يموتون مبكرا. التعليم الرسمي لا يعطي أولية للأطفال ذوي الإعاقة، وبسبب ذلك من غير المستطاع تتبعهم في النظام التعليمي، وهناك ضعف في السجلات في الخدمات الإجتماعية ولا يوجد قاعدة معلومات مفصلة عنهم على المستوى الوطني. هذه الأسباب جميعها تعرقل تتبع الحالات وضمان تقديم الخدمات لهم وبالتالي ضمن عدم تعرضهم للإهمال والعنف.

  5. الدعم المالي: عادة الحكومة هي الداعم الرئيسي لبرامج ومؤسسات الاطفال ذوي الإعاقة المختلفة، وعدم توفر الدعم يؤدي إلى تدني الخدمات وبالتالي زيادة فرص تعرض الأطفال ذوي الإعاقات للعنف.

  6. تثقيف المجتمع لدمج الأطفال المعاقين في المجتمع: على الدولة مسؤولية تتجاوز وضع القوانين وضمان تطبيقها وتتبع الحالات في المؤسسات المختلفة، إلى تثقيف المجتمع وكسب التأييد للتغير الإجتماعي لضمان شمل الأطفال المعاقين في كل مرافق الحياة، وتنفذ ذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات ذات العلاقة، على أن تكون هي الضامنة والقائدة لهذه المشاريع. يتم ذلك بالحملات الإعلامية وتعديل القوانين وبتمويل وتنفيذ المشاريع التي تضمن دمج المعاقين بالمجتمع. وكلما زاد اندماج الأطفال ذوي الإعاقات في المجتمع بعيدا عن المؤسسات قل إحتمال تعرضهم للعنف والإهمال.

  7. تدريب موظفي الحكومة: عن أن الوقاية من العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات هو جزء من التدريب الشامل عن الوقاية من العنف ضد عموم الأطفال، لأن المسؤولين عن حماية الأطفال لا يكون لديهم معرفة متخصصة عن الإعاقة وعن انماط العنف الذي يتعرض له الأطفال ذوي الإعاقات. ويعتبر هذه التدريب أساسيا لأي مجهود يرمي للتخلص من العنف وإهمال الأطفال ذوي الإعاقة.

رابعا: على مؤسسات المجتمع المدني ان تكون في مقدمة حملة وطنية لتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقات، وتتبنى دمجهم في المجتمع كمركبة أساسية من الحملة المتخصصة بمناهضة العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات. وعلى أهمية مشاركة مؤسسات الأمم المتحدة (توصية رقم 2) والحكومة (توصية رقم 3) فأنها لن تستطيع أن تنفذ برامجها في هذا المجال بغياب قادة المجتمع المحلي وجمعياته الخيرية. بالإضافة لبرامج دمج الأطفال يتوقع من مؤسسات المجتمع المدني أن تعمل على تغير الصورة النمطية والوصمة الاجتماعية المتعلقة بالأطفال ذوي الاعاقات، وكذلك تغير سلوكيات التميز ضدهم، وهي الظروف التي تؤدي حتما لتعرضهم للعنف والإهمال. بالإضافة لحملات توعية حول مفاهيم العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة، ولماذا هذا النوع من العنف مرفوض وكيف يتم التعرف عليها والتبليغ عنه والجهات المسؤولة عن الاستجابة له.

خامسا: يتوجب على الأشخاص المسؤولين عن، أو يعملوا مع الأطفال ذوي الإعاقات أن يكونوا على دراية بعوامل الخطورة المتعلقة بالعنف والإهمال. هناك حاجة ملحة لتدريب هؤلاء الأشخاص والمهنيين على التعرف على مؤشرات ومظاهر العنف والاستجابة له عقب حدوثه. على الدولة أن تأخذ المسؤولية المباشرة في تنفيذ ذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، وتنفيذ التدريب على الإعاقة بشكل عام، ومن ثم تنفيذ تدريب متخصص على الوقاية من العنف ضد الأشخاص ذوي الإعاقات. وعلى الدول أن تعدل مناهج التعليم الجامعي والمهني ليشمل الوقاية من العنف ضد الأطفال بما في ذلك ذوي الإعاقات.

سادسا: هناك حاجة للرقابة على مسئولي الإدارة، والمهنيين، والموظفين، والمتطوعين الذين يعملون مع الأطفال ذوي الإعاقة، ورقابة على تنفيذ آليات وإجراءات عملية وشاملة تضمن التبليغ عن جميع حالات العنف وإهمالهم التي قد يتعرض لها الأطفال ذوي الإعاقة. وعلى الحكومة المسؤولية المباشرة في تنفيذ هذه الرقابة والتي يجب أن تشمل سلامة سجلات العاملين من ارتكاب جرائم سابقة، وتوفير البيئة المناسبة لقبول التبليغ عن حالات العنف، وضمان الاستجابة له، وتقع على الدولة مسؤولية رقابية على وضع معايير العمل للمهنيين، ورقابة ترخيصهم في المهن المعتمدة للعناية بالأطفال ذوي الإعاقات.

سابعا: هناك حاجة لرقابة صارمة على المؤسسات الاجتماعية الإيوائية المتخصصة برعاية الأطفال ذوي الإعاقات، لوجود عوامل خطورة كبيرة تعرضهم للعنف بكافة أشكاله. تتحمل الحكومة المسؤولية المباشرة على حصول العنف في المؤسسات الإجتماعية لأنها (1) المسؤولة المباشرة عن تشغيل بعض هذه المؤسسات، والمسؤولة المباشرة عن الرقابة على المؤسسات التي تديرها منظمات المجتمع المدني (2) هي المسؤولة عن توفير الدعم المادي لجميع هذه المؤسسات (3) المسؤولة عن ترخيص هذه المؤسسات (4) المسؤولة عن ضمان النوعية الجيدة للخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات (5) الحكومة مسؤولة عن توفير الدعم المالي للبرامج التي تضمن عدم الالتحاق بهذه المؤسسات بتوفير الرعاية الأسرية والمجتمعية. يجب أن تضمن الحكومة فتح أبواب هذه المؤسسات للأسر، ولمؤسسات المجتمع المدني، والخدمات الصحية والاجتماعية وأن تقييم خدماتها بشكل دوري. الرقابة يجب أن تتم بشكل مؤسسي غير عشوائي، ومن قبل إدارات مشهود لها بالحيادية، مع إصدار تقارير دورية عن حال الأطفال في مؤسسات الرعاية الإجتماعية ينشر للعموم للاطلاع النقاش. تتم الرقابة عادة من قبل لجان تشمل جهات حكومية ومهنيين ومؤسسات المجتمع المدني وممثلين عن أهالي الأطفال ذوي الإعاقات، وتتضمن مقابلة الأطفال الذين يعيشون في هذه المؤسسات ووضع آليات للتعامل مع إفصاح الأطفال، وتشجيعهم على القيام بذلك.

ثامنا: الرقابة على مؤسسات رعاية الأطفال غير الإيوائية، وعلى البرامج المجتمعية، وأماكن عمل الأشخاص ذوي الإعاقات، لضمان منع حدوث العنف بها.

تاسعا: وجود شبكات الخبراء في مجال الإعاقة، وجماعات كسب التأييد المكونة من أهالي الأطفال ذوي الإعاقة هي ضرورة ماسة، وعلى الدولة أن تضمن مشاركتهم بشكل دائم في جميع البرامج المتعلقة بالوقاية من العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة. من المتوقع أن تساعد هذه الجماعات الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني بالوقاية والحماية من العنف ضد الاطفال ذوي الإعاقات وهي بحاجة لدعم مالي في كثير من الأحيان.

عاشرا: يجب توفير الشفافية على المستوى الوطني لجميع المشاريع المتعلقة بالوقاية من العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات ويشمل ذلك مراقبة مؤسسات الأمم المتحدة، الحكومة، مؤسسات المجتمع المدني، الجمعيات الخيرية، جماعات كسب التأييد، والصحافة بحيث تشمل مراجعة السيرة الذاتية لجميع التعيينات في الوظائف العليا والمهنية، ومراجعة الأمور المالية لكافة المشاريع.


التوصيات على مستوى الفرد والأسرة:

أولا: تمكين الأطفال ذوي الإعاقات وأسرهم للعمل على كسب التأييد المجتمعي لهم، ببرامج ترعاها الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، وتشمل تدريب الأطفال على مهارات الحياة وحماية أنفسهم من العنف، بما في ذلك التثقيف الجنسي بما يسمح به قدراتهم الاستيعابية، وكذلك تشجيعهم على الإفصاح عن العنف في حال تعرضوا له. ثانيا: تمكين أسر الأطفال ذوي الإعاقات من المشاركة في كافة برامج التوعية الهادفة لمناهضة العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة التي تحدث في المنزل، ولاستكمال الوقاية من العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة في المنزل يجب توفير جميع خدمات الرعاية والدعم لهذه الأسر، توفير سهولة نفاذ الأطفال ذوي الإعاقات لكافة الخدمات في المجتمع المحلي، وتثقيف الوالدين حول إعاقة ابنهم ومراحل تطوره ونموه ومحدداتها.

ثالثا: يجب إجراء المزيد من الأبحاث في مجال أنماط العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات، وتحسين المعرفة في مجال الوقاية والحماية، وتوفير الإحصاءات الدقيقة لصانعي القرار وواضعي السياسات، ولبيان ما هي عواقب هذا العنف القريبة والبعيدة المدى، وما هي أفضل التدخلات والسياسات والإجراءات لضمان سلامة الأطفال ذوي الإعاقة ولتساعد أسرهم والمجتمع.


الختام :

على الرغم من أن جميع الأطفال ذوي الإعاقة، في مختلف البيئات التي يعيشون بها، يتعرضون لشكل أو لأخر من أشكال العنف، إلا أن الأطفال في المؤسسات الإيوائية هم عرضة أكثر من غيرهم لأشد أنواع العنف الجسدي والنفسي وكذلك العنف الجنسي. هناك مبادرات من قبل الحكومة، والمجتمع المدني، ومن الأسر، ومن جماعات كسب التأييد لمواجهة العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة إلا أن شيوع إنكار وجود المشكلة هو أقوى من هذه المبادرات. على جميع من يتعاملون مع الأطفال ذوي الإعاقة أن يدركوا حقيقة وجود المشكلة ويستجيبوا لها لأن تجاهلها أو محاولة التخفيف من حدتها لم يعد مقبولا بأي حال من الأحوال. للأسف الشديد فإن الأطفال ذو الإعاقة وعامة الأطفال يتساوون فقط لدى تعرضهم للعنف.

الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي

الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة

٤٬٧٦٢ مشاهدة
bottom of page