top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

القتل الجماعي للأسرة، ظاهرة يتوجب على الحكومة العمل على الوقاية منها


القتل الجماعي للأسرة
القتل الجماعي للأسرة

مع كل جريمة قتل أسرى، وخاصة أذا كان جماعية، نرصد ارتفاع في وتيرة النشاط الإعلامي في مجالات (1) التقارير الصحفية (2) كُتّاب الأعمدة (3) الندوات التلفزيونية (4) إعلام المواطن والتواصل الاجتماعي الخ.. وتستمر لبضعة أيام...تتلاشى بعدها تدريجيا وكأن شيئا لم يكن.

الأسباب وعوامل الخطورة:

أظهرت الأدبيات العلمية أيضا أن القتل الجماعي للأسرة مرتبط بارتفاع نسبة التفكك الأسري والانفصال ما بين الزوجين والتهديد بالطلاق، وبشيوع الأمراض النفسية من مثل الاكتئاب أو الإدمان أو وجود سيرة سابقة لمرض نفسي، وقد ثبت وجود عنف أسري أستدعى تدخل الجهات الرسمية بنسبة مرتفعة من مجمل هذه الجرائم.

القتل الجماعي للأسرة
القتل الجماعي للأسرة

هذه الجريمة تمثل أسوء عواقب العنف الأسري القاتلة، وحدوثها يشير إلى أن مشكلة العنف داخل الأسرة هي مشكلة حقيقية ومنتشرة بشكل يفوق عدد الحالات التي تطلب المساعدة، وإن دمار أسرة بكامل أفرادها لهو دليل على أن أغلب حالات العنف الأسري تحصل خلف أبواب موصدة ولا يبلغ عنها حيث تترك وتتفاقم عواقبها النفسية والاجتماعية والجسدية لتصل إلى العنف المميت.

حصول جريمة بهذا الشكل هو دليل على أن الخدمات المقدمة لحماية الأسرة من التفكك والعنف لا زالت قاصرة عن مواجهةالواقع، فأغلب حالات العنف الأسري وتفكك الأسرة المنتشرة بالمجتمع لا تكتشف وتترك لاحتمالية وصول عواقبها للموت، كما وأن مثل هذه الجريمة هو مؤشر على أن وسائل الاستجابة للعنف الأسري لا زالت بحاجة لتطوير ومتابعة وتقييم، وهي أيضا دليل على غياب أو نقص برامج الوقاية الأولية لتوعية عامة المجتمع بمواجهة التفكك والعنف الأسري، وهي أيضا دليل على غياب أو نقص برامج التعريف بالخدمات المقدمة لضحايا العنف والتفكك الأسري.

الاضطرابات النفسية وجريمة القتل الجماعية للأسرة:

القتل الجماعي للأسرة
القتل الجماعي للأسرة

​​أثبتت الأدبيات الطبية أن الأمراض والاضطرابات النفسية، تلعب دورا هاما في هذه الجريمة، مثل جنون العظمة، الغيرة القاتلة، والفصام، والإدمان ويتصف من يرتكبون مثل هذه الجرائم بالعدائية، وعدم القدرة على السيطرة على النفس، والشخصية ضد الإجتماعية المتصفة بأفكار العظمة، وعدم احترام الذات والإحباط بسهولة والعزلة الاجتماعية، كما أن اضطرابات الشخصية تشكل عوامل خطورة هامة في حدوث هذه الجريمة كالكرب المرافق لأحداث الحياة كالأزمات المالية أو الخلافات الزوجية والتفكك الأسري والشعور بالرفض من قبل أفراد الأسرة الأخرين، والكرب الناتج عن المعاناة من الأمراض المزمنة أو ظروف المعيشة الصعبة بسبب الفقر والبطالة. مما يفاقم عوامل الخطورة هذه غياب التشخيص المبكر للمرضى النفسيين وعدم كفاءة الاستجابة المتعددة القطاعات المقدمة لهم، وارتباط المرض النفسي بوصمة اجتماعية وغياب خطة وطنية استراتيجية للصحة العقلية والنفسية تتحمل مسؤولية الكشف المبكر والعلاج القائم على الدليل العلمي المسند.

القتل الجماعي للأسرة
القتل الجماعي للأسرة

الوقاية من هذه الجريمة هو بالتعامل مع جذور العنف الأسري:

العنف الأسري ليس أمر حتميا وليس قضاء وقدرا، فهو نتاج عوامل خطورة يمكن السيطرة عليها وهي قابلة للتغير، ومواجهة العنف الأسري ليست مهمة اختيارية أو هامشية وإنما يجب أن يستجاب له وللوقاية منه بالتنسيق بين جهات متعددة القطاعات، وإن الحكومة هي في طليعة هذه القطاعات المتعددة وضامنه للتنسيق بينها وتعمل على رصد أدائها وهي المسؤولة عن المساءلة عند الإخفاق كحصول جريمة بشعة وشنيعة كجريمة السلط.

القتل الجماعي للأسرة
القتل الجماعي للأسرة

يتوقع من الدولة أن تتبنى استراتيجيات وأطر وطنية وقوانين واضحة تجعل العنف غير مشروع، وعليها أن تتبنى آليات لضمان العمل والتنسيق بين القطاعات التي تقدم خدمات حماية الأسرة بما في ذلك توفير الخط الساخن الفعال لتلقي البلاغات وتوفر خدمات الكشف المبكر لضحايا العنف الأسري وتوفير الخدمات العلاجية والتأهيلية لضحايا العنف الأسري، كما ويتوقع أن تتبنى الدولة استراتيجية وطنية للتعامل من الصحة العقلية والنفسية تضمن التشخيص المبكر والعلاج الفعال للمرضى النفسيين.


إن مواجهة العنف الأسري يتطلب من الدولة أيضا أن توفر موظفين فعّالين ومدربّين جيدا؛ وأن تشرك مؤسسات المجتمع المدني والأكاديميين في الدعم لمواجهة هذا المشكلة، وأنت تعمل على دمج الجهود الرامية إلى مواجهة العنف الأسري في برامج الصحة العامة وفي برامج التنمية الشاملة، وهناك أهمية قصوى في دمج المعرفة العلمية عن أسباب العنف الأسري وعواقبه في مناهج التعليم في كافة مستوياته، وأن تتعهد الدولة بزيادة التمويل وتقدير الميزانيات على الصعيد الوطني بما يضمن الاستمرارية في حماية الأسرة من العنف.

الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة

٤٢ مشاهدة
bottom of page