top of page
  • صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

العنف الجنسي الانتشار الأسباب العواقب الرعاية الطبية والنفسية


العنف الجنسي الانتشار الأسباب العواقب الرعاية الطبية
العنف الجنسي الانتشار الأسباب العواقب الرعاية الطبية

العنف الجنسي هو مصطلح يشمل مدى كبير من الجرائم والأنشطة والسلوكيات ذات المفاهيم المتقاطعة أحيانا والمترادفة أحيانا أخرى، ويتضمن الاعتداءات الجنسية من مثل الاغتصاب وهتك العرض والتحرش وكذلك الإساءة الجنسية للأطفال والاستغلال الجنسي التجاري، وتهريب الأشخاص بهدف الجنس. وعرفت منظمة الصحة العالية العنف الجنسي بأنه "أي فعل جنسي أو محاولة للحصول على فعل جنسي، بالإكراه أو بالتهديد أو القوة الجسدية، أو بالاحتيال من قبل أي شخص مهما كانت علاقته بالضحية، وفي أي مكان، بما في ذلك المنزل ومكان العمل". يمكن أن يغطي الإكراه طيفًا واسعًا من درجات القوة فقد يشمل القوة الجسدية المباشرة والتخويف والإرهاب النفسي والإبتزاز بالتهديد من مثل الإيذاء الجسدي والطرد من العمل، وقد يحدث عندما يكون المعتدي عليه غيرقادر على إعطاء الموافقة كأن يكون ثملا أو تحت التخدير أو نائما أو غير قادر على أدراك أو فهم ما يحيط به كالأطفال والمرضي النفسيين وذوا الإعاقات العقلية.

تثبت الإحصاءات أن العنف الجنسي شائع في جميع بقاع العالم وفي مختلف الثقافات وفي جميع المستويات الاجتماعية، وتشكل النساء الأغلبية العظمى لضحايا العنف الجنسي إلا أن الأطفال ومن الجنسين هم أيضا ضحايا لهذا النوع من العنف. معظم مرتكبي العنف الجنسي هم من الرجال وفي معظم الحالات يكون مرتكب العنف شخصاً معروفاً للضحية وربما يعرفها جيداً. يحدث العنف الجنسي في مواقع مختلفة، منها المنزل، ومكان العمل، والمدارس، وفي المجتمع المحلي. فالعنف الجنسي


عواقب العنف الجنسي

هو مشكلة صحية عمومية من الناحية الجغرافية ومن ناحية العمر والجنس.

للعنف الجنسي تأثيرات سلبية جسيمة على صحة الضحية وبالتالي على صحة المجتمع وقد تكون هذه التأثيرات قصيرة أو طويلة الأمد وتختلف العواقب الصحية وردود الأفعال للعنف الجنسي اختلافاً كبيراً بين الأفراد وفقاً لطبيعة الانتهاك وتكراره وشدته وطبيعة العلاقة بين الجاني والضحية. إن العواقب الكامنة للعنف الجنسي على الصحة الجسدية والإنجابية والجنسية عديدة، منها على سبيل المثال: الحمل غير المرغوب فيه، والعدوى المنقولة جنسياً كالإيدز والتهاب الكبد البائي، والخطر المتزايد لتبني السلوكيات الجنسية الخطرة، أما العواقب الصيحة النفسية للعنف الجنسي فهي وخيمة وطويلة الأمد


دور الطب الشرعي

إن ضحايا العنف الجنسي يحتجن إلى خدمات صحية متكاملة وشاملة تتعامل مع خصوصية الموضوع وتهدف للشفاء من هذه الصدمة الشديدة وكذلك التكيف مع العواقب الجسدية والنفسية لهذه الواقعة الأليمة. تشمل الخدمات الصحية للتعامل مع ضحايا العنف الجنسي على تقديم موانع الحمل التداركية وعلى التشخيص المبكر للحمل، وعلى الاختبارات الخاصة بالعدوى المنقولة جنسياً ووسائل الوقاية منها، ومعالجة الإصابات، وتقديم الإرشاد النفسي و والدعم الاجتماعي، كما وإن الخدمات الصحية التي يقدمها الطب الشرعي هي الأساس لجمع وتوثيق الأدلة اللازمة لإثبات الظروف المحيطة بالاعتداء الجنسي، ولتحديد مرتكب الجريمة ولتقييم الضرر والعواقب التي لحقت بالضحية كالأمراض الجنسية المعدية أو حصول حمل أو فقد عذرية غشاء البكارة حيث أن هذا التداخل الطبي الشرعي هو الدليل الحاسم في الإجراءات القضائية الخاصة بحالات العنف الجنسي. بالإضافة إلى تقديم الرعاية الصحية الفورية وخدمات الطب الشرعي فإن القطاع الصحي هو نقطة مرجعية هامة لباقي الخدمات التي قد تحتاج إليها الضحية لاحقاً مثل الرعاية الاجتماعية والمساندة القانونية.

في المملكة الأردنية الهاشمية ومن خلال عيادات الطب الشرعي والعيادات الريادية تم تطوير الخدمات الصحية المقدمة لضحايا العنف الجنسي حيث يخضع جميع الضحايا للكشف الطبي على أيدي مختصين في مجال الطب الشرعي مدربين تدريبا متخصصا في التعامل مع هذا النوع من العنف في محيط يتوفر فيه المعايير الصحية القياسية بشكل يضمن منع خضوع الضحية للفحص الطبي المتكرر، وبمرجعية إجرائية موحدة.


أنماط العنف الجنسي:

يمكن أن يأخذ العنف الجنسي أشكالاً كثيرة ويحدث في أحوال مختلفة فقد يحدث الانتهاك من قبل فرد أو عدة أفراد، وقد يتم التخطيط المسبق لهذا الحدث أو يحدث الهجوم فجأة وبدون تخطيط.

بالرغم من أن العنف الجنسي يقع كثيراً من الأحيان في بيت الضحية، أو في بيت الجاني، إلا أنه قد يحدث أيضاً في أماكن أخرى مثل أماكن العمل، والمدارس، والسجون، والسيارات، والشوارع، والأماكن المفتوحة مثل الحدائق أو المزارع.

قد يكون مرتكب العنف الجنسي على معرفة شخصية بالضحية، أو عضو من أعضاء أسرتها، وقد يكون من الغرباء من غير المعروفين للضحية، ولكن الأكثر شيوعاً أن يكون شخصاً معروفاً للضحية.

لا يوجد شكل نمطي لمرتكبي العنف الجنسي؛ فقد يكونون من كافة خلفيات المجتمع سواء من الأغنياء أو الفقراء، أو من المتعلمين أو غير المتعلمين، أو من المتدينين أو غير المتدينين. وقد يكون الجناة أشخاصاً لهم مناصب أو سلطات تحظى بالاحترام والثقة مثل ضباط الشرطة، والأطباء، والمدرسين، ورجال الدين ومن غير المرجح الاشتباه في أنهم معتدون جنسياً.

يستخدم بعض الجناة المخدرات لتسهيل الاعتداء الجنسي، فالمرأة التي تتناول الحبوب المخدرة يسهل السيطرة عليها، بدرجة لا تستدعي اللجوء إلى العنف الجسدي، حيث أن المخدرات تجعلها عاجزة ومستكينة وقد تفقدها الوعي في بعض الحالات.


إنتشار العنف الجنسي:

إن العنف الجنسي حقيقة يعيشها ملايين الناس في العالم ولاسيما النساء وتشير البحوث إلى أن النساء يمثلن غالبية ضحايا العنف الجنسي، وأن الرجال يمثلون غالبية الجناة، وأن أكثر الضحايا يعرفون شخصية المعتدين عليهم. وبينما يوجد إدراك عام بتفشي العنف الجنسي ضد النساء في جميع البلدان وعلى جميع مستويات المجتمع، فإن الإحصاءات الموثوق بها المتعلقة بانتشار العنف الجنسي في العالم مازالت محدودة.

هناك نقص في التبليغ عن العنف الجنسي لا يمكن تحديد مقداره، ومن غير المحتمل أو المتوقع أن تعطي الإحصاءات المنشورة صورة دقيقة عن الحجم الحقيقي لهذه المشكلة حيث أن أسباب عدم التبليغ معقدة ومتداخلة وذات أوجه عديدة ولكنها تتضمن إجمالاً: الخوف غير المبرر من العقاب ومن الوصمة الاجتماعية، وفقدان الثقة في المحققين والشرطة والأطباء.

من الصعب أيضاً تحديد معدلات الحدوث الحقيقية أو حتى تقديرات انتشار الانتهاك الجنسي للأطفال، ويعود هذا أساساً إلى نقص التبليغ، فمن النادر التبليغ عن الانتهاك الجنسي للأطفال في وقت حدوثه، ولا يتم التبليغ مطلقاً في كثير من الحالات.

إن العنف بما في ذلك العنف الجنسي هو مشكلة صحة عمومية ويجب أن يقيم من هذا المنظور، وعلى الرغم من غياب المعرفة بعدد الحالات التي لا يبلغ عنها، والحاجة لبرامج تمكن الطفل والمرأة من الإفصاح والتبليغ عن عنف جنسي محتمل تعرضوا له، الإ أن المقياس المعياري هو العدد الذي يصل لمقدمي الخدمات لكل 100000 من السكان لكل سنة وهذا الرقم للعنف الجنسي الواقع على الأطفال الذين أعمارهم أقل من 18 عاما، في الأردن لم يتجاوز 2.9 لكل 100000 بالسنة على مدى السنوات العشرة الماضية وهذه النسبة منخفضة جدا بمقارنتها على سبيل المثال مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي هي بمعدل 35 لكل 100000 بالسنة والمانيا وهي 12 لكل 100000 بالسنة.

أما نسبة إنتشار العنف الجنسي في الأردن للإناث اللواتي تجاوزن عمر 18 سنة فهي 0.8 لكل 100000 بالسنة حيث تعتبر من أكثر الدول أنخفاضا وأن نمط تعرض المرأة لعنف جنسي في الأردن في مكان عام من قبل شخص غريب عليها هي نسبة تقارب الصفر ولم تسجل إلا بضعة حالات على مدى عدة سنوات.


الأسباب وعوامل الخطورة لإرتكاب العنف الجنسي:

العنف الجنسي هو فعل عدواني فالعوامل الأساسية وراء العديد من حوادث العنف الجنسي هي الرغبة في التحكم والسيطرة، وليست اشتهاء الجنس كما يعتقد على نحو كبير، ونادراً ما يكون العنف الجنسي بدافع العشق، ولكنه على الأرجح فعل عنيف وعدواني وعدائي يستخدم كوسيلة للإهانة والسيطرة والإذلال والإرهاب والتحكم في النساء.

عوامل الخطورة التي تزيد من خطر إرتكاب الرجال للعنف الجنسي تتراوح بين عوامل تتعلق بالمجرم نفسه إلى عوامل تتعلق بعلاقته مع الأخرين وعوامل تتعلق بالبيئة المجتمعية المحيطة به وأهمها عوامل الخطورة المتعلقة بمعتقدات وثقافة المجرم. فعوامل الخطورة الفردية تشمل كون الشخص متعود تناول الكحول ومعاقرة المخدرات وقد تتصف شخصيته بالعدائية للمجتمع والمغامرة او بالشخصية العدائية تجاه النساء أو تولد فكر لديه أن الممارسة الجنسية الطبيعية هي ممارسة الجنس المجهول. وتشكل تعرضه لعنف جنسي سابق أو مشاهدة عنف أسري أو جنسي سابق عوامل تدفعه لإرتكاب هذا النوع من العنف.

أما عوامل الخطورة المتعلقة بعلاقات المجرم مع الآخرين فتشمل وجود علاقات عدوانية جنسية مع رفقاء له جانحين، وعلاقات أسرية تتصف بالتفكك والإنعزال وغياب الترابط العاطفي بين أفراد الأسرة. أما العوامل المتعلقة بالبيئة المجتمعية المحيطة بالمعتدي فتشمل الفقر وإنعدام فرص العمل، والتقبل العام للعدوان في المجتمع المحلي الذي يسكن به المجرم، وضعف العقوبات المجتمعية ضد مرتكبي العنف الجنسي. أما العوامل الثقافية السائدة فتتكون من وجود معايير إجتماعية سائدة تدعم ثقافة العنف الجنسي بين الذكور والمعايير التي تربط بين فكر الرجولة الفحولة الجنسية وضعف القوانين وسياسات القطاعات المهنية المختلقة المتعلقة بالتعامل مع العنف الجنسي.


العواقب الصحية للعنف الجنسي

إن العواقب الصحية للعنف الجنسي عديدة ومتنوعة، وتشتمل على تأثيرات جسدية ونفسية، قصيرة وطويلة الأمد، والأكثر أهمية أنه من المحتمل أن يكون للعنف الجنسي تأثيرات نفسية مدمرة طويلة الأمد تؤثر على كامل مسار حياة الضحية وتغيرها تغييراً جذرياً.


العواقب الصحية الجسدية

قد يعاني المتعرضون للعنف الجنسي من مدى كبير من الإصابات الجسدية، سواء التناسلية أو غير التناسلية، وقد تصل تؤدي هذه الإصابات في الحالات الوخيمة إلى قتل الضحية

الإصابات المباشرة تشمل التمزقات والكدمات والسحجات، على منطقة الأعضاء التناسلية وغشاء البكارة والمنطقة الشرجية، والإصابات في عموم الجسم غير المباشرة النمطية الشكل مثل آثار القيود أو آثار اليدين وعلامات الأصابع وآثار العض، وعلامات الخنق باليد أو برباط

يزداد تعرض ضحايا العنف الجنسي للخطر نتيجة وجود الحمل أو وجود الإجهاض غير الآمن، وكذلك العدوى بالأمراض المنقولة جنسياً، متضمنة الإيدز واختلال الوظائف الجنسية وحصول العقم وأمراض الحوض الالتهابية.

العواقب الصحية النفسية

لا يوجد تفاعل نمطي ثابت لضحايا العنف الجنسي؛ فالتأثيرات النفسية تختلف اختلافاً ملحوظاً من ضحية لأخرى وبصفة عامة، فإنه يجب الاشتباه في الانتهاك الجنسي لدى الأفراد الذين تظهر عليهم المشاكل الصحية النفسية التالية لا سيما إذا كانت متكررة من مثل اضطراب ما بعد الكرب، الاكتئاب، الرهاب الاجتماعي، القلق، إساءة استخدام العقاقير، السلوك الانتحاري.

على الأمد الطويل قد يشتكي الضحايا من الأعراض النفسية التالية: الصداع المزمن، التعب، اضطرابات النوم الكوابيس، استرجاع ذكرى الواقعة، والغثيان المتكرر، واضطرابات الأكل، وآلام الحيض، و المعاناة من الصعوبات في الحياة الجنسية.


متلازمة ما بعد الاعتداء الجنسي:

هي "نمط الضائقة الذي تتجاوب به ضحية العنف الجنسي للواقعة" وتكون على شكل أعراض معرفية أو سيكولوجية أو سلوكية وعادة ما تتكون من مرحلتين: مرحلة حادة ومرحلة طويلة الأمد.

المرحلة الحادة ومن الممكن وصفها بمرحلة الارتباك والتي تبدأ فوراً بعد الاغتصاب وتستمر حوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وأثناء هذه المرحلة تشعر الضحية بتفاعلات انفعالية شديدة تتراوح بين البكاء والتنهد والنشج إلى اللامبالاة العاطفية، وقد تظهر الانفعالات في صورة الغضب أو الخوف أو القلق، وقد يظهر على بعض الضحايا مشاعر الصدمة والذهول، وقد تخفي بعض النساء مشاعرهن ويتصرفن وكأن شيء لم يكن.

التفاعل الحاد له جذور ترتبط بالخوف من الإصابة الجسدية أو من حصول الحمل وفقد العذرية، أو حصول التشويه الجسدي أو الوفاة، إلا أنه عقب شعور الضحية بالابتعاد عن الخطر المباشر، فإنها تدخل في مرحلة تقلب المزاج، الشعور بالمهانة، الشعور بالانحطاط، الشعور بالعار، الشعور بالذنب، الشعور بالإحراج، تأنيب النفس، الإحباط، الغضب، الرغبة في الانتقام، والخوف من تكرار الاعتداء.

المرحلة طويلة الأمد. وهي مرحلة إعادة تنظيم النفس، وعادة ما تبدأ بعد حوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد الحادثة وفي هذا الوقت تبدأ الضحية في إعادة تنظيم نمط حياتها؛ تختلف التفاعلات خلال هذه المرحلة اختلافاً كبيراً من امرأة إلى أخرى، وذلك اعتماداً على عمر الضحية، ظروف الحياة ، الظروف المحيطة بالاغتصاب، السمات النوعية للشخصية، واستجابة الأفراد الداعمين للضحية.

يشرع الضحايا عادة في تغيير نمط معيشتهن، والبعض قد يواجهن مصاعب في أدائهم الوظيفي في العمل، أو في المنزل، أو المدرسة. قد تظهر أعراض الرهاب مثل الرهاب من الزحام أو الرهاب من البقاء وحيداً، ومن الشائع حدوث خلل في الوظائف الجنسية أو تغيير في الحياة الجنسية للضحية، من مثل الكره الشديد للجنس، استرجاع وتذكر منظر الاغتصاب أثناء ممارسة الجنس، المعانة من مرض تشنج المهبل، واضطرابات التمتع الجنسي.

اضطراب الكرب لما بعد الصدمة: تتكرر معاناة ضحايا العنف الجنسي من أعراض اضْطِراب الكَرْبِ لما بعد الصدمة وهذا الاضْطِراب أكثر شيوعاً لدى الضحايا اللواتي تعرضن للتهديد بالسلاح أو بالقوة الجسدية العنيفة، ولدى اللواتي تعرضن للاغتصاب من قبل الغرباء، وفي الحالات التي عانت من الإصابات البدنية الشديدة. تظهر أعراض اضْطِراب الكَرْبِ ما بعد الصدمة على شكل استرجاع وتذكر مشاهد الحادثة ورؤية الكوابيس، أو على شكل الشعور باللامبالاة، العزلة والشرود ومعاقرة المخدرات والخمور والتورط في السلوكيات المحفوفة بالخطر، والأعراض الأخرى الشائعة لاضْطِراب الكَرْبِ ما بعد الصدمة تشتمل التهيج والثوران الانفعالي.


تقديم الخدمات لضحايا العنف الجنسي:

من الأمثل تقديم خدمات الرعاية الصحية وخدمات الطب الشرعي في نفس الوقت وفي نفس المكان من قبل نفس الطبيب، وينبغي أن يحصل الأطباء على تدريب خاص بتقديم الخدمات لضحايا العنف الجنسي، وينبغي أيضاً أن يتفهموا جيداً الإجراءات والقواعد السائدة والقوانين المتعلقة بالعنف الجنسي. يجب أن يكون هناك علاقة مهنية بناءة مع المؤسسات التي تعالج وتساعد الضحية والمؤسسات الشرطية والقضائية التي تحقق في الجريمة، حيث أن التواصل مع مقدمي الخدمات الأخرى يساعد في ضمان توفير الرعاية الشاملة للضحايا. يتوقع من الأطباء أن يبتعدوا عن التحيز والإجحاف وأن يحافظوا على مستويات أخلاقية عالية عند تقديم هذه الخدمات والتي يجب أن تكون سهلة الوصول للضحايا مع ضمان الأمن والسلامة والخصوصية فيها.

عند رعاية ضحايا العنف الجنسي، ينبغي أن تكون صحة ومصلحة المريضة دائماً هي أهم أولويات الطبيب من مثل معالجة الإصابات، والتقييم والتدبير العلاجي للحمل والعدوى المنقولة جنسيا ومن الإهمال أن يجرى الفحص الطبي الشرعي وضبط الأدلة الجنائية بدون التركيز على متطلبات الرعاية الصحية الأولية للمريضة. يمتد الاهتمام بصحة ومصلحة الضحية ليشمل ضمان قدرتها على الحفاظ على كرامتها بعد الاعتداء الذي تسبب في شعورها بالمهانة والاحتقار. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تقديم الخدمات الطبية والطبية الشرعية بأسلوب يقلل من عدد الفحوصات الجسدية ويقلل من عدد المقابلات المطلوب إجراؤها مع الضحية.

يتوجب توفير رعاية عالية الجودة لجميع ضحايا العنف الجنسي وإجراء الكشف الطبي في مكان يتوفر فيه مدى واسع من الخدمات والمرافق التي قد تحتاج إليها الضحية إن كان في مستشفى أو في عيادات متخصصة بهذا المجال ويجب أن تقدم خدمات الطب الشرعي وخدمات الرعاية الصحية في آن واحد وفي نفس العيادة. ينبغي أن يكون ضحايا العنف الجنسي قادرين على الحصول على الخدمات على مدار 24 ساعة يومياً ويتوقع أن تتحلى الرعاية الصحية بحسن الخلق، والرحمة، والعدالة، وقبل كل شيء يجب أن تركز على الضحية حيث يعتبر الآمان والأمن والخصوصية سمات هامة لتقديم هذه الخدمة.

يعتمد توقيت الكشف الطبي بشكل كبير على ما هو أفضل للضحية، لاسيما عند الحاجة للتدخلات العلاجية للإصابات أو منع الحمل ألتداركي، وعلى العموم يفضل إجراء الكشف الطبي بأسرع ما يمكن بعد وصول الضحية وذلك لأسباب عديدة، منها تجنب فقدان الفرص العلاجية من مثل تقديم موانع الحمل التداركية، وتوثيق الإصابات قبل التئامها وجمع الأدلة الطبية الشرعية.

عند تقديم الخدمات لضحايا العنف الجنسي، تعتبر أخلاقيات مهنة الطب مبادئ أساسية تحدد العلاقة المهنية والقانونية بين الطبيب والضحية فالاستقلالية هي حق الضحية في اتخاذ القرار بنفسها حيث تعتمد جميع الخطوات المتخذة لتقديم الخدمات الصحية على الموافقة الواعية للمريضة بما يتناسب وعمرها، ويتوقع من الطبيب دائما أن يتصرف بما يحقق أفضل فائدة ونفع للضحية، وعدم الإضرار بها بتجنب أي أذي من الممكن أن يصيبها وعمل ما هو مستحق أن يعمل لتوخي العدل والإنصاف والحيادية، وعليه يتوقع من الطبيب أن يكون على وعي تام باحتياجات ورغبات الضحية وإظهار الحساسية والتعاطف معها وبنفس الوقت الحفاظ على الموضوعية.


الرعاية العلاجية ورعاية المتابعة

يتوجب دراسة احتمال حدوث الحمل نتيجة الاعتداء الجنسي، ويجب إعطاء الضحية موانع الحمل التداركية إذا فُحصت أول مرة خلال الثلاثة أيام الأولى بعد تعرضها للاعتداء، أما إذا فُحصت بعد مرور ثلاثة أيام من الاعتداء، فتُنصح بالعودة مرة أخرى إذا انقطعت دورتها الشهرية التالية لإجراء اختبار حمل. يجب إجراء اختبارات الكشف عن العدوى بالأمراض الجنسية المعدية مثل داء السيلان والزهري وفيروس الإيدز والتهاب الكبد البائي واتخاذ قرار اتقاء العدوى المنقولة جنسياً وفقاً لكل حالة على حدة. يجب أن تحصل جميع المريضات على خدمات المتابعة متضمنة المراجعة الطبية اللاحقة وإحالتهن للمشورة وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني.

الدعم الاجتماعي والإرشاد النفسي لهما أهمية قصوى في الشفاء، فيجب أن تحصل المريضة على معلومات عن مدى الاستجابات الجسدية والنفسية والسلوكية المتوقع حصولها لديها كرد فعل للاعتداء وعن العواقب الاجتماعية للاغتصاب، وبناء عليه وباستقلالية تامة تأخذ الضحية قراراً بالموافقة الواعية بتلقي الدعم الاجتماعي والإرشاد النفسي.

الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي

الخبير في حماية الطفل وحقوق الانسان

١٬٣٤٧ مشاهدة
bottom of page